كان ليل يقف شامخًا على صخرة بارزة، ظله يمتد كوحش أسود على العشب الرطب. الرياح الهائجة تهبّ على وجهه، تحمل معه رائحة البحر المالح واليود. كان القمر المكتمل يضيء سماء الليل، يكشف عن ظلال الأشجار الكثيفة التي تحيط به.
يرتدي زيًا أسودًا يضاهي ظلام الليل، وقناعًا يخفي ملامحه الحادة. عيناه، اللتان تتوهجان بضوء قاتم، كانتا مثبتتين على فيلا فخمة تلوح في الأفق. أضواء الفيلا كانت تومض كعيون متوترة، تراقب كل حركة في الظلام.
فجأة، شعر بنظرات ثاقبة تتابعه من مكان ما في الظلام. التفت حوله بسرعة، لكنه لم يجد شيئًا. هل كان مجرد وهم، أم أن هناك من يراقبه أيضًا؟ ابتسم ابتسامة باردة، كشف عن أسنانه البيضاء المتباعدة. كان يعرف أن الليلة ستكون طويلة ومليئة بالمفاجآت
"ركل ليل إلى الخلف، وسقط الشخص أرضًا وكأنه قد أصيب برصاصة. ارتفع صراخ مدوي يهز المكان، مما أثار دهشة ليل. نظر إلى الشخص الملقى على الأرض، ثم قال بلامبالاة:
'" هل أنت بخير؟ هل تحتاج إلى طبيب مسرحي؟"
اعتدل ليل في وقفته، ونظر إلى شقيقه الملقى على الأرض بتنهيدة عميقة.
"رين، هل ستتوقف عن هذه المزحات في يوم من الأيام؟"
سأله بصوت حاد خففته نبرة من الملل، وكأنه يتحدث إلى طفل صغير.
نهض رين من على الأرض بتثاقل، وكأنه يزعجه هذا الانقطاع عن أفكاره. نفض الغبار عن ثيابه بحركة بطيئة، عيناه تفحصان سماء الليل بلا مبالاة، ثم التفت إلى ليل وقال بصوت رتيب
"حسنًا"
ليل نظر إلى رين، وتساءل كيف يمكن لشخصين أن يكونا متطابقين شكلياً ومتباينين كل هذا التباين في نفس الوقت. رين كان بمثابة اللغز الذي لا يحبه ليل، لغزٌ محير ومزعج. وكلما حاول ليل فك هذا اللغز، كلما تعمق في دوامة من الغضب والإحباط. كما أنه يتميز بأسلوبه اللامبالي في كل شيء.. شخصيه غريبه جداً
كان رين وليل كقطعتي أحجية متشابهتين في الشكل العام، لكنهما لا ينطبقان معًا. عينا ليل، ، كانت تعكس عمقًا وهدوءًا يضاهي اسمه، بينما كانت عينا رين، بلون السماء بعد المطر، تحمل في طياتها لغزًا لا يكشف عن نفسه بسهولة. ملابسهم، كأنها امتداد لشخصياتهم، فليل يلف نفسه بعباءة سوداء كظله، بينما يرتدي رين ألوانًا ترابية فاتحة، وكأن الأرض هي موطنه الأصلي. ورغم هذا التشابه الظاهري، كان هناك عالم داخلي مختلف تمامًا لكل منهما: ليل، الهادئ المتأمل، ورين، الغريب الذي يحمل في قلبه أسرارًا لا تُفهم."
![](https://img.wattpad.com/cover/369167878-288-k190575.jpg)
أنت تقرأ
فيكتوس رياليس
Fantasyماذا لو كانت الصداقات التي نسجناها في أحلامنا، ليست مجرد أحلام؟ ماذا لو كانت تلك العوالم التي تخيلناها، موجودة بالفعل؟ وماذا لو كنا جزءًا منها؟ أسئلة لطالما راودتني، وأجوبتها ربما كانت أكثر ظلمة وأعمق مما توقعت أفكاري كانت دوامة سوداء، تجرني إلى أع...