في منتصف الليل، حيث يلفّ الظلام الدامس المكان، كان الصمت يعمّ الأرجاء وكأن الزمن قد تجمد. ضوء القمر الخافت كان هو النور الوحيد الذي يسطع على القصر الأبيض، فينثر هالاته الباهتة على الجدران الباردة. الأجواء كانت هادئة لدرجة أن النفس نفسها كانت تهمس في السكون، بينما كانت ظلال الأشجار المتمايلة تحت تأثير الرياح الباردة تبدو وكأنها تتحرك بخطى خفية، وكأن شيئًا غير مرئي يراقب من بعيد. هذا الهدوء كان يخفي خلفه شيئًا من الغموض، ليترك في القلب شعورًا مريبًا، كما لو أن كل زاوية في القصر تحوي سرًا مظلماً يترقب اللحظة المناسبة للظهور.
في الظلام الدامس، حيث لا يسمع إلا همسات الرياح الباردة، ظهرت عيون زرقاء لامعة تلمع في السكون، كأنها تراقب كل شيء في صمت. على شفتيه، كانت ابتسامة خبيثة تتراقص، بينما كان ردائه الأسود يذوب في الظلال المحيطة به. سكينه اللامعة تألقت في ضوء القمر الخافت، مثل لمحة قاتلة في الليل. خطواته كانت خفيفة كنسيم الليل، لا يسمع لها صوت، وكأنه يسير على الهواء. في ثوانٍ معدودة، وصل إلى هدفه دون أن يشعر به أحد، حتى أن أنظمة الدفاع التي كانت تحمي الباب لم تلتقط أي حركة. وقف أمام فراش الإمبراطور، عينيه تبرقان بغموض، بينما رفع السكين في ضوء القمر الخافت، كان على وشك أن يطعن، لكن فجأة...
تلاشت ابتسامته فجأة عندما لم تتحرك السكين بوصة واحدة. بلع ريقه ببطء، ثم نظر بسرعة إلى عيني الإمبراطور، ليجد نفسه في مواجهة نظرة باردة، ابتسامة شريرة تتراقص على شفتاه. أو مهلاً، لقد أصبح الصياد الآن هو الفريسة.
"أهلا چاك..لقد تأخرت كثيراً.. "
كانت تلك كلمات كنان الباردة، التي نهض على إثرها من الفراش في لمح البصر ليصبح واقفًا خلفه تمامًا. تحطمت السكين في يده وكأنها زجاج مهشم. اتسعت ابتسامته، ثم استدار ببطء مريب، لا شيء يظهر منه سوى عينيه الزرقاوين اللامعتين في الضوء الخافت. تلاشت ابتسامة كنان فجأة، وتحولت ملامحه إلى حالة من الصدمة.
قال كنان بصوت مليء بالدهشة والصدمة، وهو لا يستطيع استيعاب هذا الموقف الذي يجده غريباً تمامًا:
"من أنتَ؟"
كان الصوت خافتًا ومرتجفًا بعض الشيء، عينيه تمسكان بنظرات مارك لكنه لا يستطيع فهم الموقف. ربما يشبهه في الشكل، ولكن عينيه ليست كما كان يتوقع.
مارك، الذي كان يراقب بعينيه اللامعة كأنما يقرأ أفكار كنان، ارتسمت ابتسامة مكر على وجهه وهو يلاحظ الصدمة والغضب المكبوت في ملامح كنان. كان هدفه واضحًا: استفزاز كنان، فقط ليجعله يفقد توازنه. همس له بثلاث كلمات فقط، صوته يحمل نبرة خفيفة من السخرية والهدوء:

أنت تقرأ
فيكتوس رياليس
Fantasyماذا لو كانت الصداقات التي نسجناها في أحلامنا، ليست مجرد أحلام؟ ماذا لو كانت تلك العوالم التي تخيلناها، موجودة بالفعل؟ وماذا لو كنا جزءًا منها؟ أسئلة لطالما راودتني، وأجوبتها ربما كانت أكثر ظلمة وأعمق مما توقعت أفكاري كانت دوامة سوداء، تجرني إلى أع...