"فالدم يحِن لِمَن يُشابِههُ دمًا ولحمًا..."

116 7 0
                                    

"Part four"
تُفاجئك الحياة، تُفرِحك تارةً فتضُن أنّك في لحظة أمنٍ وأمان..ثُم تُرديك قتيلًا وكأنك لم ترى النور أبدًا، تسلُب منكَ مايدفعك نحوَ المقاومة والإستمرار..
تُجبِرك على التعايش مع مخاوفك، بعضُ الأُناس يهربون من مخاوفهم وماضيهم، ويوَدون فقط أن يعتزلوا العالم ويكتفوا بأنفسهم، ولكن رُبَما الحياة لها رأيٌ آخر...والأصَح منّا أن نواجه مخاوفنا وأن نُدرِك أنّها لن تزول مع إستمرار الوقت بالهروب منها..
إنّ تحمُل تقصيرنا وتساهُلنا مع الأمور واجبٌ من مسؤولياتنا ومن لا يتحمل سينال عاقبة أخطائهِ وزلّاتهِ...
كان صوت الإطلاق ذاك يصدُر من نهاية الحي حيثُ ذلك الشارع اللذي بدأت منهُ مشاعِر الحِقد والكُره،
ذلك الشارع اللذي أُرتِكبت في إحدى بيوتهِ جريمةً قتل إمرأة لم يعرفوا حقيقة أمرها بعد أو بالأصح مالذي حدث في ذلك المنزل وما القصة اللتي جعلت حادثتين اثنتين تحدثان في منزلين في الحفرة؟ منزل عائلة كشوفالي، ومنزلٍ آخر...
" *** على فمك المشؤوم آمجاجيم" ضحك أكين بخفة:الله الله صالح آمجا ماذنبي أنا الآن يااو، قلتُ ماجاء من صياغة حديثك أنتَ وإبن أبيك" قالها بينما خرَج مُسرِعًا مع الإخوة اللذين تسائلوا عن اللذي يحدث وتوجهوا حيثُ سمِعوا مصدر إطلاق النار ليصلوا أخيرًا حيثُ شاهدوا هُناك جسدًا ملقى على الأرض دون حراك..
إنتظروا دقائق قليلة ولم يحدُث أي إطلاق نار بعدها فقط حلّ السكون في ذلك الشارع وتجّمع رجال الحفرة لحماية الإخوة،
أردَف ياماش:آبي لنذهب ونرى من هُما..لقد توقف الإطلاق ذاتًا" "إنتظِرا رُبَما يكون فخ أو ماشابه لانتسرع.." قالها جومالي وإقترب أمام أخوَيهِ ليرى الجسد لِمَن يعود ولكن لم يستطيع تمييزه من ضهره، إقترب بهدوء وأزاح الجسد من على الأرض،
وإتّضح مالم يكُن يحسبوا لهُ حسابًا..
عدوي اللذي أُخطِط لقتلهِ أراهُ مُمَدًا قتيلًا أمام ناظِري..
وهذا لا يعني شيئًا سِوى أنّ هناك مشكلة قادمة في الطريق، إن لم تكُن هُناك مشكلة فهذا يعني أنّ هُناك مشكلة حتمًا...، هذا ماكان يدور في رأس جومالي آنذاك،
تسائَل ياماش من خلفهِ:آبي حبًا بالله لاتبقى صامتًا هكذا، أخبِرنا من هوَ.. ردّ جومالي بهدوء:تقَدما وأُنظُرا بنفسِكما.." وبالفعل تقدموا ورأوا ذلك المنظر وغزَت علامات التسائُل وجوه الجميع، ياماش يحاول إستيعاب اللذي أمامه:العم؟ دقيقة لنفهم قليلاً، ماذا يفعل العم هُنا هل؟.." قال الأخيرة مُتسائلاً لينطق صالح اللذي بقيَ متجمدًا في مكانهِ بعدما رآه:لقد مات... هناك، هناك في فمهِ زبد أبيض إنها آثار جرعة زائدة" نهَض جومالي من مكانهِ قائلاً: ميتين قُل للشباب ليتفقدوا جميع المنازل وتحرّى عن كم من المنازل تأثرت بالرصاص اللذي حلّ قبل قليل ومِن أين أتى، لتسأل كل مَن كان يمشي في هذا الشارع عن اللذي حدث، وأنت آكين ساعدهم بنقل جثة هذا الوغد.. وإدفنوهُ في أقرب غابة لا نصنع لهُ قبرًا، لا يستحِق حتى خشبة واحدة تُبنى لأجل جثتهِ العفنة.. على الأقل في وضعنا الحالي تخّلصنا منهُ واللعنة على شكلهِ هذا..." قالها وأطلق ثلاث طلقاتٍ لتتوسط جسد العم الميت أساسًا ورصاصةً أُخرى توَسطت وجههُ، وتمتم بعدها قائلاً:هذا ثأرًا لِوردتي السوداء اللتي خنقتها ودفنتها بالغابة لوحدها، ولعم الحفرة اللذي أطلقت عليه وتركته وأيضًا لصهري اللذي قتلته خنقًا...
وكل أفراد عائلتي اللذي تجرأت على قتلتهم وأحرقت قلبي بفقدانهم... ها أنا ذا أخذتُ بثأرهم أيُها ال*..
وقف ياماش بجانب أخيه ليقل:حسنًا أخي تمام مات العم تخلصنا من مشكلة كانت تُعيقنا، حقًا فرِحنا وإرتحنا إي والله..، ولكِن هل تعلم ماذا يعني هذا؟؟؟
أن يموت العم اللذي حاولنا قتله منذُ قدومهِ هكذا أمامنا..هذا لا يعني شيئًا سِوى أنّ هُناك عاصفة سوف تحِل على رأسِنا... من قتلهُ؟ لانعلم.. من أطلق النار في هذا الشارع وإختفى قبل وصولنا؟ أيضًا لا نعلم..، حقًا يجِب أن نُجَهز أنفسنا جيدًا.. لِما سيأتي بالأيام القادمة" إلتفت جومالي نحوه وبحزم قال: ليأتي، كائن من كان ليأتي ياطفل، أساسًا لا تضمحِل المشاكل من هاتهِ الحفرة ليومٍ واحد، مهما يكُن القادِم نحنُ سنستعِد له وسنحمي أمانة أبينا هذا هو الأهم، والآن يجب علينا المحافظة على هدوئِنا.." أنهى كلماتهِ لتقع عينهُ لمكانٍ ما حيثُ لاحَظ ذلك الرجل اللذي كان واقفًا ساكنًا في ذاتِ مكانهِ منذُ أن قدِموا إلى هذا الشارع،
واقفٌ ينظُر للمنزل اللذي تكَسر كل الزجاج اللذي فيهِ نتيجة الإطلاق الناري...منزل والدتهِ، يخاف أن يتقدم ويدخل فتُهاجمهُ ذكرياتهُ السيئة ويضيع في متاهة من تفكيرهِ اللذي لا نهاية لهُ...
جومالي وهو ينظر أمامهُ همَس في أُذن ياماش "ماحالتهُ هذهِ؟.. لِمَ لازال واقفًا هكذا" تنهد ياماش في مكانهِ: لا تسأل آبي.. أُنظُر هُناك وستَعلم" قالها وأشار برأسهِ لذلك المنزل، أمعَن جومالي بالنظر إلى حيثُ أشار، وميض أبيض من ذاكرتهِ لمَع في عقلهِ...
وكأنهُ قد رأى هذا المنزل سابقًا ولكِن لا يتذكر أين ومتى قد حدَث ورآه، لوهلةٍ جاء ببالهِ وجه كهرمان عندما سألهُ جومالي عن شيءٍ ما منذ مدة طويلة جدًا..
"Flashback"
في السجن تحديدًا عند صالة إستقبال الزائرين،
هُناك حيثُ جومالي ذو الثمانية عشر عامًا..
بعد مرور اسبوع من حادثة الهجوم على منزل العائلة،
"فااااي إفندم فاااااي مَن أرى مَن أرى!!؟.. جومالي كوشفالي أخ الحفرة الكبير داخل المخفر؟حقًا لا أصدِق عيناي.. ياااو ماذا تفعل هُنا كارديشممم؟.." قالها بطريقة إستعراضية عندما دخل فاتحًا يديهِ للذي أمامه، فنهض جومالي وإبتسم بخفة حين رآه:كهرمان..صدِقني لو لم أكُن هُنا في المخفر لكنتُ صفعتك وربّيتك من جديد، أمسِك لسانك ياهذا من أمامك!؟ أيها ال***.." قال كلمتهُ الأخيرة خافضًا صوتهُ حين إنتبه لنظرات الموجودين تتجه نحوهُ بينما إقترب كهرمان منهُ وعانقهُ بحفاوة..
"اوووووف بَي... آبي والله الحفرة من دونك لا تُساوي شيئًا" بادلهُ الآخر وضحِك قائلاً: طبعًا ياهذا ماهي الحفرة من دون الرامبو جومالي.. وأيضًا يبدو أنّك لا تعرِف كيف تُدير الأعمال من دوني" قالها وطبطب على ظهرهِ بخفة، ومن ثُم جلس الإثنان يتبادلان أطراف الحديث..
"إييه كيف حال المشاكسان الصغيران..ألم يشتاقا لي؟"
قلب كهرمان عينيه بملل: سورما، كارديش سورما.. لاتسأل أبدًا يا اخي يكادان يأكلان رأسي من السؤال عنك في كل يوم...
متى سيعود آبي ومتى سيعود جومالي آبي نريد أن نلعب معهُ، أخبِرهُ ليأتي ياكهرمان" قالها مُقلِدًا صوت ياماش وسليم بسخرية بينما فرَح جومالي وضحِك على أحاديث أخوَيهِ الصغيرين وسؤالهم عنهُ ثُم قال:يبدو أنّك لا تُعجِبهما ياروحي حتى إنهما لايُناديانك "آبي" لذلك يُريدان البقاء بجانبي دومًا" قالها في محاولة منهُ لإغاضة الآخر بينما مطّ كهرمان شفتيهِ وقال بتحدي:كلا ياروحي، حسنًا لاينادياني آبي رُبَما لأنني أجرُّ أُذنهما في بعض الأحيان... ولكِنهما يُحِباني أكثر منك بكثير حتى، لاسيما الولد مكعب الذكاء ذاك" إبتسم الآخر على غيرة أخيهِ.. ثُم أنزَل نظَرهُ مُحاولاً السيطرة على مشاعرهِ وقال بصوت خافت ونبرة إشتياق غلبت صوتهُ: اوووف ياا أفتقِدهما كثيرًا...، خاصتًا ذلك الطفل الأشقر، والولد صاحِب الظل الطويل.. تبًا للأمر اللذي أوصلني إلى هُنا وأبعَدَني عنهُما، لا يكفي أنهما يفتقِدان أبي كل يوم والآن غبتُ انا أيضًا عنهُما" لاحظَ كهرمان حُزن أخيهِ اللذي حاوَل جاهدًا عدم إضهارهِ رُغم إبتسامته إلا أنّ وجههُ كان يحمِل الكثير من الحُزن، إنهُ يفهمهُ دومًا من عُيونهِ ونظراتهِ حتى من دون أن ينطِق بِحرف، وكأنهما توأمين يفهمان بعضهما البعض وليسا فقط إخوة.. وضع كهرمان يدهُ على يد أخيه وقال بنبرة أشبَه بالمواساة: أُنظر كارديشم.. لاتقلق، كل شيء على مايُرام في الحي..أنتَ فقط لا تشغل بالك بالتفكير، وأيضًا غدًا هو موعد المُحاكمة وسيتّضح أنّك بريء وستعود إلينا، ثِق بي فقط إنهم حتى ليس لديهم أيّ دليل على تهمة القتل تِلك.." رفع الآخر نظَرهُ وإبتسم بقهر وقال:أوَليست تُهمة صحيحة.. لقد مات أتاش ودوغان يا كهرمان..." قالها بنبرة مكسورة ناظِرًا لعيني أخيهِ بينما أغمض كهرمان عينيهِ بعجز بعد ماسمِعه، أكمَل جومالي بذات النبرة وبقهر قال:سأعترِف غدًا وستنتهي هذهِ المسألة يا كهرمان، إسمع... انا، انا من قتلت أتا.." ولم يُكمِل كلمتهُ حتى ضرَب كهرمان على الطاولة بغضب وجذَب إنتباه الموجودين ومن بينهم الحراس، تقَدم أحدهم مُتسائِلاً عمّا يحدُث فأشار لهُ كهرمان بيده: لا يوجد شيء يا سيدي.. فقط، إنفعلت قليلاً.. لا تؤاخِذني" قالها وهو يمسح دمعةً سقطت من جفنهِ دون علمهِ، بينما أومئ الحارس وأردَف وهو يرجع لمكانهِ:سينتهي وقت الزيارة بعد 10 دقائق ياسادة" أعاد كهرمان نظَرهُ لجومالي بغضب، أغمض عينيهِ وحاول تمالك أعصابهِ عن الإنفجار على أخيهِ الأكبر ثُم فتحها و وضع يديهِ على الطاولة وقرّب رأسهُ من جومالي وقال بصوت خافت وعينين غاضبتين ولكِن بنبرة مائلة للبكاء:لن تعترِف بشيء، ولن تقول لهم أيّ شيء ولن تنطُق بِأي شيء، asla أبدًا.. أنظر يا اخي الكبير...
إن كان لي في قلبك ذرة مَعَزّةٍ أو اخوّة فلا تفعل ذلك من أجلي" دمِعت عينا جومالي وبقيَ صامتًا بينما عضّ كهرمان على شفتيهِ وأكمَل بقهر:ياهذااا.. تظُن أنّ روحك فقط من تألمت!؟ أتضُن أنّني لم أحزن على فراقهما!! لقد إحترقت روحي ياهذا واللعنة..." مسَح على شعرهِ بعنف ثُم أمسَك يديّ جومالي قائلاً برجاء:أرجوك عِدني.. عِدني أنّك لن تفعل ذلك، إن لم يكُن في قلبك معَزّة لي ولا تهتم بأمري إذن لتهتم على الأقل بأُمِنا وإخوتنا..لتهتم بعائلتنا" فعَل جومالي حركة فمهِ المعتادة بقهر ثُم وضع يدهُ على يد أخيهِ:لا تقُل ذلك مرة أُخرى وإلا أضرِبك بشدة ياهذا.. أنتَ أخي الأقرب إلي لذا من المستحيل أن لا اهتم بأمرِك... تمام، تمام أعِدك لن أقول شيء..ولكِن أنتَ عِدني أنّك ستحمي إخوتنا وأُمنا إلى حين أن أخرُج غدًا تمام؟" إبتسم كهرمان بخفة وقد إرتاح قلبهُ وأومئ برأسهِ إيجابًا وقال:أعِدك إنهم عندي لا تقلق، فقط ننتظر عودتك سالمًا ودون أي مشاكل" تذَكَر جومالي شيئًا ما في وقتِها وأردَف مُتسائلاً:شيء..كهرمان هل يوجد خبر عن تِلك المسألة؟.." تبَدلت ملامح كهرمان للحُزن وتنهد ثُم قال:تقصِد إلياس.. لا ليس بعد، يااو كارديش غير معقول، يعني بحثتُ كثيرًا ولكِن الصبي إبتلعتهُ الأرض وإختفى لا يوجد في أيّ مكان منذُ ذلك اليوم" شعر جومالي بشعور سيءٍ في تِلك اللحضة وكأنه قد كان يعلم أنّ شيئًا ما سيحدث وسيولد الحقد والثأر على عائلة كوشوفالي أو بالأحرى على إخوته بالتحديد، أوَليس الأخ يعلم ويشعر بأن سوءًا ما سيحصل لإخوتهِ؟.. إنه يشعر بذلك من قبل أن يحدُث أصلاً،
كان يسمع صوتًا مألوف لطفلٍ صغير يبكي ويستنجِد بهِ، يطلب منهُ أن يأتي ويُخَلِصهُ ويُنقِذه...
هكذا هو قلب الأخ يا أصدِقاء،
إنه يعلم بأخيهِ ويشعر بهِ حتى ولو لم يكُن يعرِفهُ،
يعرِفهُ من خلال نظراتهِ وعيونهِ..
يعرِفهُ حتى من خلال رائحتهِ..
بالطبع هو كذلك فالدم يحِن لِمن يُشابِههُ دمًا ولحمًا...
تنهَد ومسح أعاد شعرهُ للخلف محاولاً طرد تِلك الأفكار ثم وضع يديهِ على الطاولة مجددًا وقال بحزن: سيختفي ويذهب يا كهرمان وهو مُحِقٌ في ذلك، أقول لك الصبي شهِد مقتل إخوته أمام عينيهِ أرَدت التكلم معهُ فقط وإخبارهُ بالحقيقة..ناديتهُ أثناء حدوث تِلك الحادثة ولكنهُ هرَب خائفًا مني" أنزَل نظَرهُ بحسرة وقال بصوت خافت: رأيتهُ خلف أتاش.. لقد لاحظت وجودهُ كان يختبئ خلف مكتب أبي، شاهدت عيونه كانت مُمتلئة بالدموع ولكنني توترت ياكهرمان.. أتاش من جهةٍ يقول لي أُطلِق ولا تتردد ودوغان.. دوغان كان يبتسِم لي ويوَدعني بنظراتهِ..." وأكمل وقد إختلت نبرتهُ وتساقطت دموعهُ:أتاش قال لي أن أعتني بأخيهِ إلياس يا كهرمان، وانا ماذا فعلت!؟ اللعنة عليّ..قال لي أنهُ سعيدٌ لأنه سيموت لأجل أخيهِ، قال أطلِق وأنا أطلقت..أطلقتُ عليهما أمام ناظِريهِ يا اخي..." تساقطت دموع كهرمان متأثرًا بحديث أخيهِ، رفع رأسهُ للأعلى يُحاول أن يتماسَك ويمُد أخيهِ بالقوة لكي يتخطى ماحدَث، أمسَك يدهُ قائلاً بحزم:لم أعهَدك ضعيفًا هكذا جومالي آبي، لتتماسك قليلاً وسنحل الأمر، سنجدهُ بالتأكيد إلى أين سيذهب، ذاتًا لا يعرِف مكانًا آخر غير الحفرة اللتي عاش بِها ثلاث سنوات..وأيضًا هو لا يعرف جدهُ المدعو ذاك، اللعنة عليهِ هو وإبنهُ، هما السبب في كل المصائب اللتي حلّت على رأسنا..الأهم الآن لتخرج أنت من هُنا وسنحل الأمر معًا لاتقلق.." أومئ جومالي إيجابًا ثم قال بتساؤل:وماذا بشأن مسألة ذلك الطفل.. ألم تجِد منزله؟"
نعود للواقع الآن حيثُ فتحَ جومالي عينيهِ من لحظةِ شرودهِ في ذكرياتهِ... أعاد نظرهُ نحو المنزل بريبةٍ من أمرهِ ثُم وفجأة دون أن يعلم أحدٌ ماحدث سمعوا صوت إنفجار حدَث في هذا المنزل الأزرق، تجَمَد الدم في عروق ذلك اللذي لازال واقفًا، تسارعت أنفاسهُ، وبدأ قلبهُ بالنبض وبسرعة وكأنهُ سيخرج من صدرهِ... صرخ بقهر تحت نظرات ياماش اللذي أسرع بسحبهِ بعيدًا عن المنزل:انييييييم... أُمييي، ياماش..أُمي في الداخل، إنها في الداخل...سوف تتأذى دعني، دعنييي أذهب لها أرجوووك..." قال كلماتهِ بأنفاسٍ متسارعة وعيون محمّرة وهو ينظر نحو المنزل ومامضت سوى ثوانٍ قليلة لم يستوعب أحدٌ فيها ماحدث بعد حتى إندلع صوت إنفجار أكبر من داخل المنزل وتعالى الدخان بكثافة في الجوّ،
وكأنّ مَن فعَل ذلك كان يقصِد أن يُشعِل الوسَط هكذا بينهم ويفتَح دافتِر الماضي اللتي عفا عليها الدهر...
كان ينتظر اللحضة المناسبة لكي يُهاجِم وينتزع منهم أمانهم إنتزاعًا، مِثلما فُعِل بهِ من قبل وسُلِب منهُ إخوتهُ..
ولكِن حقيقةً ماحصَل في الماضي كان مُجرد تضحيةٍ من أخٍ لأخيهِ الصغير وستعلمون كيف حصَل ذلك،
ولكِن أقول لكم أنّ في بعض الأحيان قد يدفع أطفال صِغارٌ ثمن اللذي حصَل بين الكبار..
وبالطبع هذا سيولد في قلوبهم الحقد والغضب، وهذا الغضب سيُعمي عيونهم فيُصبحوا لا يروا بأن مايفعلونه هو ظلمٌ لا سِواه،
وقد يكون هذا الغضب ناجِم عن الأذية اللتي رآها المرء وعاشها في حياتهِ، فيُصبح ظالمًا قاسيًا فقط يوَد أن يفعل مافُعِل بهِ بإنسان آخر..
إنّ الحِقد، والغضب، والحسَد، والثأر، والإنتقام، وغيرها من تِلك الطباع.. لا تتولد إلا نتيجة حصول صدمة نفسية بالمرء، أو أذية من شخصٍ قريب، أو قد تكون طباعًا في الأشخاص ذاتهم دون أي تدخل من أي بشر كان..
حينها دفَع صالح ياماش بسرعة وبقوةٍ أسقَطهُ أرضًا وركض متوجهًا للمنزل ليقف بوجههِ جومالي سريعًا حين إرتطم جسدهُ القوي بجسد صالح المرتعش وإحتواهُ بذراعيهِ بقوة مانعًا إياه، وهمَس في أُذنهِ قائلاً بهدوء:Sakin ol lan.. إهدأ ياهذا، المنزل يحترق وأنت تتجه نحوهُ.. أتُريد الإنتحار كالمرة السابقة!؟" شعر بإرتجافة جسدهِ وقلبه اللذي ينبض بجنون وصوتهِ الخافت اللذي يحمِل غصةً في داخلهِ وهو يُمسِك سترة أخيهِ يتَرجاه وينظر نحو المنزل ويقول برجفة:أُمي... يا أخي إنه منزل أُمي.. إنها في الداخل.. دعني أذهب سوف تحترق، أخييي أرجوووك أُتركنيييي... إنها في الداخل.." قالها وهو يُجاهِد ويُقاوم يُريد الإفلات عن ذراعي أخيهِ محاولاً التقدم نحو المنزل اللذي أصبح يحترق بأكملهِ، حينها أغمَض جومالي عينيهِ بغَضب وقد سئِم هذا الوضع فشدّ على جسد صالح أكثر فأكثر ثُم فتح عينيهِ بحزم ودفعهُ أمامهُ بذراعيهِ بكل قوتهِ وأسقطهُ أرضًا... نهَض ياماش من الأرض بقلق حين رأى وسمِع صوت وقوع صالح أرضًا فأراد التدخل ليُشير لهُ جومالي مانعًا إياه:أُصمت ياطفل أنا سأتصرف معه...
لا تتدخل أنت، فقط قُل للرجال ليُطفِئوا النار عن هذا المنزل" أنهى كلامهُ وإلتفت مجددًا نحو صالح، كان ينظُر بنظرات تائهة نحوَ منزل طفولتهِ اللذي عاش فيهِ أسوء طفولة، رُبَما كانت سيئة ولكِن على الأقل كانت والدتهُ بجانبهِ..كان يحصُل على حنان الأُم رُغم فقدان حنان الأب، يُعاني من زوج والدتهِ صحيح ولكِن كان قلبهُ مليء بالحُب والإنسانية، تقّدم جومالي ليقف أمام عينيّ صالح اللذي ينظر بعينين محمّرة ونظرات خاوية للمنزل، إقترب منه أكثر وجثى أمامه ناظرًا إليه ثُم ركّز في عينهِ اليُمنى الحمراء وكأنها أشعلت في ذهنهِ ذكرى أخرى لم يوَد تذكرها إطلاقًا...
"Flashback"
"الأهم الآن يا اخي لتخرج أنت من هُنا وسنحل الأمر معًا لاتقلق.." أومئ جومالي إيجابًا ثم أردف بتساؤل:وماذا بشأن مسألة ذلك الطفل اللذي أخبرتك عنه.. ألم تجِد منزله؟" أخرج كهرمان هاتفهُ قائلاً بسخرية:حقًا لا أعلم سبب فضولك تجاه طفلٍ إلتقيت بهِ لمرة واحدة.." قالها وأعطى الهاتف اللذي يحمِل صورة لمنزل بيد جومالي ثُم أكمَل وتغيرت ملامِح وجههِ للحُزن:ولكِن هُناك شيءٌ آخر كارديش.. لقد حدثت جريمة قتل في هذا المنزل منذ اسبوع والولد لم يعلم أحدٌ أين ذهب بعد" جومالي بتفاجئ: ماذا تقول ياهذا؟؟ هل حلّ بهِ أيُ مكروه!!؟ أخبِرني أنهُ بخير.." قاطَع حديثهم جملة الحارس اللذي نطَق: ياسادة..إنتهت الزيارة تفضلوا بالخروج" نهض الإثنين وعانقا بعضهما وهمَس جومالي في أذن كهرمان:أنظر كوزال كارديشم..عندما أخرج غدًا ستُخبِرني بكل شيء بالتفصيل أريد أن أعرف ماذا جرى بذلك الطفل، إنهُ يشغل بالي كثيرًا هذهِ الفترة" "تمام لا تقلق لتخرج أنتَ أولاً، وأيضًا أوصِل سلامي إلى أبي.." قال الأخيرة بضحك لينكزهُ جومالي بكتفه:هيا من هنا ياهذا.. أبي لو علِم أنّني هُنا سيقلب المخفر على رأسي ورؤوسنا جميعًا، ذاتًا هو لا يخرج من زنزانته ابدًا ولم يراني هنا بعد" ضحِك كهرمان:ليكن..ليكن وأنت لا تظهر أمامهُ كي لا يغضب ويطبع أصابع يدهِ الخمس على وجهك.." جومالي:لا تقلق، في المرة القادمة هُناك أصابع يد ستُطبع على وجهك أيضًا كي نُصبح متعادلين"
قهقه كهرمان بينما إبتسم جومالي لسماع ضحكاته..
:هيا إلى اللقاء كارديش، سلامك واصِل إلى أُمي دون أن تقول.. وأيضًا الصغيرَين سأُقبلهما كثيرًا أجلك" قال الأخيرة وغادر وجومالي يبتسم من خلفهِ ولازال بالهُ منشغلاً بالتفكير حول ذلك الطفل...
أغمَض عينيهِ حين شعر بصداع في رأسهِ ثُم فتحها ليجد صالح على نفس حاله، "إنهض، وتعال معي..هناك أسئلة أُريد معرفة أجوبتها" قالها بهدوء تام يُنافي غضبهُ الداخلي، غضبه اللذي أحرق روحهُ وجعلها رمادًا لا تُبالِ بشيء، وحين لم يستجِب صالح لطلبه بل ولم يسمعهُ حتى فهو لازال تحت تأثير صدمته.. أردَف جومالي بصوتٍ أعلى وبنبرة حادة: سااااليه..ياهذا أتحدث معك!!" إنتبه الآخر لوجودهِ ونظر لهُ بتوهان ليقل جومالي مجددًا: إنهض هيااا.. وتعال إتبعني، هُناك أمرٌ أُريد معرفته" نهض الآخر مجبورًا رُغم إنفطار قلبهِ بعد اللذي جرى،
ولايعلم أنهُ سيتحطم مجددًا من قِبل أخيهِ بعد قليلٍ...
نظرَ ياماش أمامهُ حيثُ أخوَيه يذهبان،
أحدهما مكسور قلبهُ وحالتهُ كانت أشبَه بسلَب الإنسان منهُ أملهُ وطفولته، وأخيهِ الآخر لايعلم مامُبتغاه وتصرفاته الغريبة تِلك في الآونة الاخيرة قد بدأت تُصيبهُ بالحيرة كثيرًا، تمتم بصوت خافت:أرجو أن لا يُشعِلا الوسط كما يفعلان دائمًا..تبًا لا أُريد تركهما بمفردهما حتمًا سيأكلان بعضهما بعضًا، ولكِن يبدو أنّ أخي جومالي سيُناقشه بموضوع مهِم، لقد كان هادئًا بشكل مُريب رُغم حدة نظراتهِ تِلك... اووووف ياا اللهم بماذا سأنشغل أنا، لأتركهما يحُلان أمرهما بينهما.."
بقيَ يمشي تابعًا أخيهِ بظهرٍ منحني، و وجهٍ متعب، ولم ينبس بحرف حتى وصلوا إلى أحد المباني العالية.. صعدا السلالم الطويلة تِلك حتى وصلا إلى السطح حيثُ كان هُناك بناء صغير في وسطهِ،
صحيح هو ذاتهُ نفس المكان اللذي اجتمع فيهِ الإخوة كلهم حين كان سليم على قيد الحياة..
إتكأ صالح واقفًا على ذلك البناء وأمامه يقِف جومالي معطيًا لهُ ظهرهُ وعاقدًا ذراعيهِ للخلف.. رفع نظَرهُ ببطئ نحو أخيهِ وقال بصوت مُتعب:ماذا هُناك آبي... مالذي تُريد معرفته، أرجو أن لا تُبعثر وجهي على ماحصل قبل قليل، لأنني حقًا لم أُسيطر على نفسي حينها.." جومالي لايزال مُعطيًا ضهرهُ لصالح قال بهدوء:أخبِرني هل حقًا ذلك البيت هو منزلك؟
متى كُنت تعيش بالحفرة وكم كان عمرك؟ أخبِرني قصتك منذُ البداية.. ماذا حلّ بِك ومَن أخرجك مِن الحفرة؟.. تنَهد صالح في مكانهِ ثُم أردَف:أجل ذاك كان منزل والدتي، ولقد عشت بالحفرة منذ طفولتي بقيت هُنا حتى السادسة ومن ثُم غادرت..ولا حاجة لمعرفة المزيد عني... قالها وتوَجه ناويًا النزول، ليسمع صرخة جومالي تِلك:لم أسمح لك بالذهاب بعد...فارتولو سااليه" أغمض صالح عينيهِ بغضب ثم فتحها وإستدار نحو جومالي:على أساس منذُ أيام كان إسمي صالح فقط ماذا حدث الآن؟ هل وقتما أرَدت تُنادِيني صالح و وقتَما أرَدت تنادي فارتولو؟ تُناديني بالإسم اللذي يُعجبك أليس كذلك!؟ وكأنني لعبة بين يديك جومالي بَي.. إستدار نحوهُ جومالي وإقترب منه:فارتولووو لا تختبر صبري ياهذا وأجِبني على أسئِلتي دون نقاش!!
سأسألك سؤالاً آخر... أخبِرني هل تمتِلك قلادة ذهبية اللون؟ تُفتَح وتُغلق وبداخلها يوجد شعار الحفرة، أعطاك إياها شخصٌ ما في صِغَرِك؟؟"
ويبدو أنّ هذا السؤال كان مقصودًا من جومالي لكي يعرِف بسهولة أجوبة أسئلتهِ اللتي شغَلت بالهُ وتفكيرهُ بعد تذكرهِ لذكرياتهِ مع كهرمان...
بلَع صالح ريقهُ بتوتر واضح ثم قال بهدوء: لا.. ليس لدي شيءٌ كهذا، ذاتًا أمِلك فقط قلادة والدتي وهي الشيء الوحيد اللذي بقيَ لي من طفولتي هُنا في الحفرة..." مالَ جومالي رأسهُ ورفَع حاجبيهِ بتعجب وكأنهُ بدى يسخر من اللذي أمامه:اوووه حسنًا إذن تقول ليس لديك أي قلادة تربطك بماضي الحفرة سِوى قلادة والدتك صحيح؟" أشاح الآخر بعيونهِ بعيدًا عن جومالي واومأ برأسهِ إيجابًا..
وحين لم يجد جومالي طريقة لكي يكشف كذب أخيهِ إقترب منهُ بينما أخَذ صالح يبتعد للخلف حتى إلتصق بالجدار، جومالي بغضب مكتوم:اعطِني تِلك القلادة صالح وكُفّ عن الكذب عليّ، لا تجعلني آخذها منك بالقوة.." قالها ثم وضع يدهُ على عنق الآخر مانعًا إياه عن الهروب بينما إرتفع صوت صالح وهو ينظر بحدة لجومالي أمامه:"إبتعد عني.. الله الله هل تُريد خنقي!؟ أم ضربي بالعصى مثلما فعلت اليوم صباحًا!!
قلت لك، لا أملكها وال*... لا أملك قلادة مثل اللتي وصفتها.." قال الأخيرة بتردد وهو يهرب بعيناه ويُحاول الإبتعاد والذهاب من هذهِ الورطة وفي حينها وضع جومالي يدهُ على عنق الآخر وتلمس القلادة الذهبية تِلك اللتي كان يعرفها من سلسالها.. سحَبها بعنف فإنقطع السلسال الخاص بها ثُم إبتعد حين أخذها وبدأ يتفحصها بكلتا يديهِ بينما تلَمس صالح عنقه بألم وَ وجد قلادة أُمهِ فقط وحينها إستوعب ماحصل فصرخ قائلاً بدموع: أعطِنييي إياها... قلتُ لك أعطِني إياها إنها تخُصُني" قالها وهو يرفع يدهُ ليصل ليَد جومالي يُحاول أخذَ القلادة من أخيهِ وحين أمسك يدهَ دفعهُ جومالي وصرَخ مزمجرًا بهِ:ستقول لي من أعطاك إياها أولاً صااالح..
هيا قُل ياهذااا !!" إستند صالح على الجدار يُريد تنظيم أنفاسهِ اللتي بدأت بالإضراب شيئًا فشيئًا، مسَح على وجههِ وعينيهِ اللتي لربُما قد مُلِئت بالدموع اللتي على وشك النزول.. بدأ يقبض على يديه ويُخفِض رأسه كي لا يرى جومالي دموعه إلا أنهُ نطَق بنبرة أشبَه بالبكاء:أعطِني إياها آبي.. أرجوك أعِدها لي..."
إستشعر جومالي بالفعل نبرة صوتهِ تِلك فبدأ يحاول الضغط عليه أكثر بقولهِ المُستهزء: اوووف يا هل ستبكي الآن فارتولو والله عيبٌ عليك، ولكِن هل لهذهِ الدرجة أنت مُتعلِق بهذهِ القلادة؟ إذن أخبِرني من أهداك إياها ها؟ ياتُرى مَن، مَن، مَن؟.." عضّ صالح على شفتيهِ وحين لم يستطِع أن يتحكم على غضبه ومشاعره إنقض على جومالي وأمسكهُ من ياقتهِ وإنفجر بهِ قائلاً بقهر: أنتَ ياهذاااا... أنتَ مَن أعطيتني إياها هل عرِفت الآن؟؟ هل إرتاح قلبك الآن!؟" قالها وعينيهِ مليئتين بالدموع وأكمَل مُستهزئًا:وكأنك لا تعرف أساسًا.. أجل ذاك منزلي اللذي إحترق قبل قليل، وأُمي هي السيدة اللتي إلتقيت بِها منذ سنوات، وأنا..." وحينها أكمَل جومالي بهدوء:وأنتَ صاحب العين الحمراء.." اومئ صالح بخفة مؤيدًا ولازال يُمسِك ياقة أخيهِ ليُكمِل جومالي وقد أمسك أيديّ صالح اللتي على ياقتهِ وضغط عليها: حسنًا..هل تتذكر أيضًا ماذا قلت لك في ذلك اليوم؟ أم انّك نسيت كلامي وذهبت وخالفته؟..
قُل لي أنا ماذا أخبرتك حينها!؟" رفع صالح نظرهُ بدموع نحو أخيه ولم يستطِع إخراج الكلمات من فمه.. هو يخاف من تذكرهِ الماضي وذلك الموقف مع أخيهِ فبعدها تمامًا حدثت جريمة قتل والدتهِ وتشردهِ.. ولكِن من أين لجومالي أن يفهم بأن اللذي أمامه يهرب من مخاوفه ولا يُريد مواجهتها أبدًا؟..
حينها إزداد غضب جومالي وشدّ على يديهِ أكثر ثُم أغمض عينيهِ محاولاً الحفاظ على هدوئهِ، بالرُغم من غضبهِ وفضولهِ تجاه أشياء عديدة تدور في رأسهِ في هاتهِ اللحضة إلا أنهُ إبتسم قليلاً.. وكانت تِلك محاولةً منهُ لطمئنة اللذي بين يديهِ، قال بهدوء وإبتسامة خفيفة وهو ينظر لصالح:حسنًا دقيقة لأتذكر ماذا قلتُ لك... اممم..
هاا تذكرت، لقد لعِبنا بالكرة حينها وعرّفتك على أولاد الحي.." إبتسم الآخر بخفة رُغم أن دموعه بدأت تتساقط غصبًا عنه: لقد.. لقد وعدتني، وعدتني بأن تعلمني إستخدام السكين حينها" جومالي:أجل صحيح وعدتك بذلك، وأيضًا ماذا قلت لك... قلت لك أن تهتم بأُمِك وتطيعها، وماذا أيضًا بعد... ساليه تعال لنجلس ونتحدث" قالها وأنزل يد أخيهِ عن ياقتهِ بخفة وسحبهُ من يديهِ ليجلس مستندًا على ذلك الجدار بينما جلس جومالي في الجهة الآخرى من الجدار وإستند عليه،
عمّ الصمت لثوانٍ معدودة ليقل صالح بغصة:لقد قلت لي أن آتي إليك إذا ما تعَرض لي أحدهم بأذى.."
:نعم قلتُ لك ذلك، هل تعَرض لكَ أحدهم أخبرني؟..
ما إسمه!؟" ضمّ صالح رُكبتيه إلى صدره وقد هاجمتهُ مجموعة من الذكرياتٍ وقتها... أخفى رأسهُ بين ركبتيه حين بدأ يتخيل شكل ذلك القبو وتِلك الإبر الفارغة اللتي تملأهُ في الأرض، وشكل يديهِ اللتي كانت أغلبها آثار دوائر بنفسجية اللون نتيجة وغزها بعنف، بدأ يتذكر هلوساتهِ وهذيانهِ بإسم أخيهِ مرارًا وتِكرارًا...
فجأةً سمِع صوت جومالي القلق جاثيًا أمامهُ:صالح انا أتحدث معك ياهذا.. مابِك هل انتَ بخير!؟"
ودون أن يفهم جومالي شيئًا رمى صالح برأسهِ بخفة في حُضن أخيهِ وقال ببُكاء:رأسي يؤلِمني.. رأسي يؤلِمني çook آبيي، أرجوك دعني أغفى هُنا فقط قليلاً..." إستغرب جومالي من سوء حالتهِ هذهِ فقط عندما سألهُ عن مَن تعَرض له، طرَد تِلك الأفكار من بالهِ ثُم إلتفت للذي في حُضنهِ تلَمس شعره بخفة ثُم بدأ يمسح عليه بحنية لم يعتدها لا صالح ولا حتى جومالي،
لم يعتد أن يُظهِر إهتمامه هكذا لصالح وهو في وضعٍ كهذا والدموع تسقط من عينيهِ وهو مُغمضها يُحاول أن يُخفف صداع رأسهِ إلا أن يد جومالي أخيهِ الأكبر لقد كانت مِرهمًا شافيًا لم يعتادها ولم يُجربهُ سوى هاته اللحضة.

يتبع...

Ağabeyinin kırmızı gülü حيث تعيش القصص. اكتشف الآن