"لماذا لَم تفي بوعدِكَ لي يا أخي؟"

127 6 0
                                    

"Part five"

لقد آذتني الدُنيا بِما فيهِ كِفايةٌ..
فدعني بِحُضنكَ يا أخي أسترِح..
تُسَرّح لي شعري وتواسيني بنظراتك..
لا تعلم ماعِلّتي ولم أعتد بعدُ على البوحِ لكَ..
فقط لأحضى بدفئ حُضنكَ..
لعلّ عناقكَ لي.. قد يُدَفئ بردَ لوعَتي، وحسرتي، وعتابي وإنتظاري لكَ..وإنتظاري اللذي أحرق روحي وأماتَ قلبي منذُ صِغَري وصِبايَ.
فمذُ كنتُ طفلاً وأنا أراك جبلًا وكأنني أرى بعينيّ أبي اللذي لم أحضى بلقائهِ في صِغَري.
لعلّ هذا الألم يزول بمسحةٍ من يدكَ يا أخي.
بينما كان الأخ الأكبر جالسًا على الأرض وعلى قدميهِ رأس أخيهِ الصغير اللذي بدأ يهدأ قليلًا بعد الصداع اللذي أكل رأسهُ والألم اللذي حلّ بهِ، بعد تذكرهِ ماضيهِ، وطفولتهِ اللتي ضاعت بين أيديّ الظالمين،
لم يكُن يتخيل أن ألمهُ سيزول فقط بمسحةٍ من نفس اليد اللتي كسَرت أضلاع جسدهِ اليوم صباحًا.
:اووووف آبي، إمسح على رأسي هكذا دائمًا.. قالها بصوت خافت ولايزال يُغمِض عينيهِ ليشعر بطبطبة جومالي على خدهِ قائلاً بإمتعاض:إنهض هيا.. يكفي تدلُلاً ياهذااا، من يراك الآن يضُنك صبي في الخامسة من عمرهِ" نهض الآخر وجلَس ينظُر نحو جومالي بخجل وبإبتسامة خفيفة:سلِمت آبي.. لقد تلاشى الألم وهذا الفضل يعود إلى يدك...
عقد جومالي حاجبيهِ بغضب مكتوم ثُم قال مغيرًا الحديث:ألن تُخبِرني جواب ما سألتك عنه؟؟ أشاح الآخر بوجههِ بعيدًا وهزّ برأسهِ نافيًا وأردَف:لست مستعدًا.. أرجوك لا تضغط عليّ آبي، ذاتًا لا أُريد تذكُر أي شيء من الماضي، لقد حصل لي ماحصل لذا مافائدة هذا الآن.." صرخ جومالي بإنفعال حين نهض:ياهذااا ألم يخطر في عقلك السميك!؟ ال* لماذا إستهدف منزلك أنتَ بالذات؟ وأرسل لي تهديدًا صباحًا، هذا العدو شخصٌ من الماضي يابُني ألا تفهمم؟؟" تلعثم صالح ليقل بعدم فهم:م ماذا تقول آبي؟..ماذا يعني هذا لم أفهم كيف ومتى وماذا قال لك ومن هو أساسًا!؟" مسح جومالي وجههُ بنفاذ صبر وتمتم:اللهم ماهذا الأخ اللذي إبتليتني بهِ ياربي.. تنهد ثُم قال بهَوادة:لان اولوم، يابُني انا أُريد جواب هذهِ الأسئلة..أخبِرني ماذا فعلت أنتَ بعد تِلك الحادثة؟ بعد وفاة والدتك أين ذهبت؟؟ مَن أخَذك وماذا حصل لك؟ أخبِرني لأفهم من هذا العدو اللذي بدأ يُهاجِمنا فجأة ويُرسِل تهديدات أيضًا ال**"
صمَت صالح يُحاول إستيعاب ماحدَث وتسارعت أنفاسهُ حين أدرَك بأن الخطر لن يزول عنهُ وعن أحِبته. وأنهُ سيُعاني مجددًا أعاد نظرهُ نحو جومالي وإرتجفت شفتيهِ يُحاول الكلام والبوح ولكِن لا يُريد..
لازال يخجل مِن محاولة الإقتراب من جومالي وإعتبارهِ سندًا له، لايُريد كشف أسرار ماضيهِ اللذي عفا عليه الدهر لأخيهِ الأكبر..
رُبَما حين يفعل ذلك سيفقد السيطرة على أعصابهِ وينقَض على أخيهِ ويضربه ويزداد الأمر سوءًا،
لا يُريد أن يُعاتب أخيهِ ولا أن يفقد ثقتهُ وإحترامهُ له،
لايُريد أن تتألم روحهُ مجددًا بتذكرهِ لمعاناتهِ وتعذيبهِ،
يُفَضل الكتمان عِوَضًا عن ذلك وتبًا ليحصل مايحصل وليأتي من يأتي لا يُهِم...
:تكلم لأرى هيا..، صاالح أنا اتحدث معك!!
لا تجعلني أُفرِغ غضبي بكَ وأُبعثر وجهك أكثر مما حصلتَ عليه اليوم صباحًا...
إستشاط غضبًا حين لم يجد ردًا من الأصغر اللذي أشاح بوجههِ والدموع بعينيهِ يأبى التحدث..لم يشعر إلّا ونزلت عليه صفعةٌ قوية آلمت روحهُ بدل خدهِ...
:يالأسَفي عليك.. أُنظر ياصالح بهذهِ فعلتك لقد أكّدت لي وبكل وضوح أنّك لا تستحق أن أكون أخًا أكبر لك"
وكم كانت تِلك جُملة قاسية على قلب الأخ الصغير اللذي طالع أخاهُ بعينين محمّرة وقوَس شفتيهِ كالطفل قال بصوت منخفض:آ آبي، انا فقط... قاطعهُ جومالي حين وضع يدهُ على فم الآخر وأردَف بصرامة: اششششت.. آبي مابي يووك، لايوجد آبي بعد الآن هل فهِمت لان؟؟
لو كنتَ حقًا تعتبرني أخاك ماكُنتَ فعلتَ فعلتك هذهِ. أنصِت إلى ما سأقولهُ لك جيدًا صالح..."
:حينما كان..أخي كهرمان على قيد الحياة... أنزل صالح يد الآخر عن فمهِ وأخفض رأسهُ أرضًا وبدأت دموعهُ تنساب بقهر بعد ذكر أخيهما كهرمان بينما مسَح جومالي شعرهُ مُعيدًا إياه للخلف يُحاول المحافظة على نبرتهِ الثابتة وأكمَل:حين كان حيًا..كان أقرب إخوتي لي، لقد كان شجاعًا وشهِمًا وبطلًا مثل إسمهِ تمامًا.." أنهى جملتهُ وأعاد نظَرَهُ نحو صالح الجالس أرضًا، جثى على ركبتيه أمامه ليرفع الآخر رأسهُ نحو جومالي ومسَح دموعهُ سريعًا كي يُنصِت لكلام أخيهِ ليُكمِل جومالي وقد إبتسم بخفة:وأنتَ حين إلتقيت بك.. هل تتذكر كيف فاجأتني وعانقتني حينها أمام والدتك؟" اومأ الآخر برأسهِ وإرتسمت إبتسامة خفيفة على شفتيهِ، جومالي شَرد في ذاكرتهِ قليلًا ثم قال بهدوء:هل تعلم أنّك عندما عانقتني في وقتِها كُنت قد شعرتُ بشعورٍ غريب حقًا" تسائل الآخر بخفوت:ماذا تقصِد آبي؟ لم أفهم" جومالي:يعني لقد شعرتُ أنّك أخي وإبن أبي منذ تِلك اللحضة، لا أعلم لِمَ رُبَما لأن رائحتك كانت أشبَه برائحة باقي إخوتي.. أو رُبَما لأن الدم يحِن أو شيء كهذا ماذا أقول، ولكنني شعرت بكَ منذُ ذلك الوقت وأخبرت كهرمان كي يبحث عنك لكنهُ لم يجِدك، أثَرت فضولي كثيرًا حينها أين ذهبت ماذا حلّ بك؟..، أُنظر صالح انا لا اعلم ما الذي مررتَ بهِ ولكِنك لا توَد مشاركتي ألمك، لاترغب بعتابي على ماحصل لك..انا اعرف أنّك تعرضت لأشياء سيئة ولكِنك لا ترضى مُشاركتي ما حصل لكَ لماذا هذا؟ ها لِمَ تفعل هذا؟" أنزَل الآخر رأسهُ ثُم قال بصعوبة وغصة:لأنّك لم تفي بوعدك لي آبي.. لم تحميني كما قلت لي، لقد واجهت أنواع العذاب بسببك، لا تعلم كم من مرةٍ ناديتُ بإسمك لعلّك تأتي وتنقذني.. لا تعلم كم من مرةٍ غزى الألم جسدي وشارفت على الموت.. لا تعلم كم من آهٍ تأوهت وكم من صرخةٍ صرخت... أنتَ لاتعلم شيئًا ياهذاااا" قال الأخيرة صارخًا ولم يشعر بنفسهِ حين إنقض على جومالي مُمسكًا ياقته بينما وضع جومالي يديه على كتفي صالح وقال بملامح حزينة:ايفيت أخبِرني.. عاتبني هكذا قُل لي من اللذين آذوك لأنتزع قلوبهم لأجلك، أخبِرني صالح هيا يافتى.." نزَلت دموعهُ وهو يُمسك ياقة أخيهِ ويعض شفتيه بقهرٍ وألم ثُم أردف بعتاب وأسى:لقد كنتُ صغيرًا..كنت لازِلت صغيرًا حين قتلوا أُمي أمام عينيّ، هل تعلم؟ لم أكُن أفهم أنها كانت ميتة على الأرض في وقتها، لقد ضننتها نائمة.. بقيتُ أهُزها لعلّها تستيقظ ولكنها لم تستيقظ آبيييي" قال الأخيرة وهو يشد ياقة جومالي بعنف ثُم أكمَل مجددًا:بسببك أنت، هل تعلم بسببك لقد تلقيت أنواع التعذيب.. آبي هل رأيت من قبل طفلاً صغير يُترك في قبو مظلم لمفرده دون طعام أو شراب!!؟" إبتسم بسخرية وقد فقد السيطرة على أعصابه قائلاً:هل تضُن هذا فقط؟ لا لا هُناك المزيد، تخيَل بين يومٍ ويوم يحقنوه بجرعة مخدرات وماذا ستفعل هذه؟ بالتأكيد ستجعلهُ يغيب عن وعيه ولا يُدرِك ماحوله، وحين يبدأ مفعولها بشكل كامل تُقطِع أحشائه من الداخل تخيَل كم هو جميل كمية الألم اللتي حصل عليها هذا الطفل!!!" دمِعت عينا جومالي بقهر وأغمض عينيه ليشيح بوجهه جانبًا بعد كل ماسمِعه بينما أكمَل الآخر بنبرة مكسورة وصوتٍ خافت:يااااو آبي لا تشيح عني وجهك بهذهِ السرعة انا لم أكمل بعد.." قالها وأمسك وجنة جومالي وأدارهُ ناحيتهُ بيدين مرتجفة، بلع ريقه وأراد التفوه بشيء مجددًا ليسحبه الآخر لحضنهِ سريعًا وشدّ عليهِ بينما لم يستوعب صالح ماحصل وكيف وصل الحوار إلى هذا الحال، لم يستوعب فقط الآن أنهُ إنقض على أخيهِ بلا وعي منه.. كان لازال يُمسك ياقة جومالي بينما الآخر يحتويه بكلتا يديهِ يُخَبئهُ بين أضلُعهِ..أنزَل رأسهُ وبدأ يلثم رائحة شعرهِ لجوفهِ وتبًا كم يُحِب هذهِ الرائحة، رائحة إخوتهِ الصغار...
أردَف صالح بتعب وبُكاء حين إستسلم في حُضن جومالي:لماذا.. لماذا لم تفي بوعدك لي يا اخي؟ لقد آذوني في غيابك كثيرًا.. فتح جومالي عينيه بقهر ثُم قال بأسى:أنا أعتذر...على كل مافُعِل بكَ في غيابي، لم أكُن موجودًا حينها في الحي ولكنني كنت أُفكر بك طوال مدة حبسي في السجن، إسمعني جيدًا..أنا سأنتقم على كُل مافُعِل بك صالح، ولكِن فقط أخبِرني ماذا حدث بالتفصيل ومن اللذي كان يؤذيك؟" أردَف صالح قائلاً بشرود:قال إنتقامًا لإخوته.. كنت أقول لهُ لماذا تؤذيني يا اخي فقال لي أنّ جومالي كوشوفالي قتل إخوته وأحرق روحه" إتسعت عينا جومالي بصدمة حين تذكر عدّة أشياء حصَلت في السابق ليُبعد صالح عنه ويحتوي وجنتيهِ قائلاً: ماذا قلت!؟ هل حقًا قال إنتقامًا لإخوته؟؟ أخبِرني كيف كان شكل ذلك الرجل؟" مسَح دموعهُ عن وجهه ثم أكمَل:لم يكُن رجلاً كبيرًا، لقد كان في الخامسة عشر من عمرهِ حين إلتقيت به، ولكِنه كان يبدو أنهُ يمُر بصدمة نفسية، لقد كان يقول دائمًا أنه سينتقم منك وذلك عن طريق أذيتي وتعذيبي" تسائَل جومالي مجددًا:أين التقيت بهِ أنتَ؟ وكيف حصل كُل هذا أخبِرني لأرى؟؟" أسنَد صالح رأسهُ على صدر أخيهِ بتعب ثم بدأ يروي قصته..
"Flashback"
يجلِس ذلك الرجل ذو الخامسة عشر على الرصيف مغمضًا عينيهِ ويديهِ على رأسهِ، يُدَلكهُ لعلّ صُداعهُ يذهب، لعلّ ذاكرتهُ ترحمهُ من إظهار ذاك المشهد اللذي أحرق روحه وجعلها كالحطب الأسود.. لقد كان عذابهُ نفسيٌ داخلي لا يشعُر بهِ أحدٌ سِواه،
رفع رأسهُ بعينين مُتعبة من الكتمان والبُكاء، وهو في لحضة شرودهِ سمِع صوت فتى صغير يصرخ من أحد البيوت المجاورة..
"انيييه... استيقظي يا أُمي، أرجوكِ لا تخيفيني.. أرجوكِ إنهضي" قالها الصغير ببُكاء عندما جثى أمام والدتهِ وأخذ يهُزها من يدها ولكِن لا تُبدِ أية إستجابة لصغيرها..
رفع رأسهُ بدموع ونظَر نحو الرجل الواقف أمامهُ لينهض وبدأ يدفعهُ بقوتهِ الضعيفة ويقول بدموع:ماذا فعلت لأُمي ياهذا؟ لِمَ فعت ذلك!؟ هيَ لم تفعل شيئًا خاطئًا.." رفع الرجل يدهُ ليحط على خد الصغير بقوة كصفعةٍ أسقطتهُ أرضًا وصرخ بهِ قائلاً:اللعنة عليك ياهذا..
أنتَ وأُمك الع**** لم تجلبوا لي سِوى المصائب، كم مِن مرةٍ قلت لها أن لا تخرج دون علمي.. وأيضًا تذهب إلى تِلك العائلة، تُريد فضحي مع فضيحتها.." رفع الصغير نظَرهُ نحو زوج والدتهِ بغضب وعيون محمّرة بينما تقدم الآخر وجرّهُ من يده ناويًا الخروج سريعًا تحت صُراخ الفتى ورفضه: أُتركنييي.. قلت لك أُتركني لا أريد الذهاب، أُمي ستبقى بمفردها هنا..لا أريد تركها هنا" إزداد غضبه أكثر ليلتفت له ورفعهُ من ياقتهِ وصرخ بهِ مزمجرًا: لقد ماتت ياهذااا يا ابن ل**** لقد ماتت، والدتك لم تعُد موجودة.."
وهل يفهم الصغير ماذا يعني "الموت"؟
كُل ما كان في ذهنهِ هو جملة واحدة فقط: والدتك لم تعُد موجودة...
وكأنّ الدنيا توقفت لثوانٍ أمامه لم يعُد يستوعب أيّ شيء، وكيف لطفلٍ صغير أن يتحمل هكذا كلمات قاسية؟ ومن أي لهُ أن يستوعب أنّ والدته لم تعُد موجودة؟..
إمتلئت عيناهُ بالدموع وبدَت ملامحه المستائة تِلك بوجههِ الطفولي وعينيهِ الناعستين اللتان تنظران ناحية والدتهِ المُلقاة أرضًا، سحبهُ قاسم مجددًا يُريد الخروج قبل أن يُبلغ احدهم على الشرطة فقد سمِع الجيران صوت مهريبان عندما صرخت بعد أن ضربها قاسم.. وحين أبى الصغير مجددًا أن يذهب معه إلتفت إليهِ وكان سيضربهُ لتُمسكهُ يد قوية ضغطت عليه بشدة:ماذا تفعل ياهذا !؟ هل ستضرب طفلًا بحجم اليد؟؟ قالها بهدوء ينافي غضبه ليصرخ قاسم حين شعر بسكين قريبة على عنقه:من أنتَ ياهذاااا وكيف دخلت منزلي!!؟" لفّهُ الرجل ليسارهِ ليُصبح الطفل أمامه لينتبه أخيرًا حين رأى إمراة تفرش الأرض بجسدها وهُناك آثار دماء على رأسها..اتسعت عيناه ليُدرِك أنّ ماحدث قد حدث أمام ناظِري الطفل ليُعيد نظرهُ نحوه ورأه يقف ينظُر لوالدتهِ بهدوء تام وعينيه تحكي ألف حكاية،
كان يريد أن يصرخ ويبكي ولكِن عُقِد لسانهُ عن الكلام وإكتفى بالصمت ومحاولة إستيعاب أنّ والدتهُ قد رحلت..
أغمض الرجل عينيه بألم حين أدرك أنّ الصغير قد بدأ يعيش حالة نفسية بسبب ماحدث، كان قد تذكر موقف قتل أبيهِ لوالدتهِ هو أيضًا.. كزّ على أسنانه وهمس في أُذن قاسم قائلاً:هل قتلتها ياهذا ؟؟؟اللعنة عليك كيف تجرأت على قتل أُم أمام إبنها!!" قالها وقرّب السكين أكثر من عنقه ناويًا قتله ولكنه تذكر أنهُ الآن أمام الطفل ليُغمض عينيه بغضب وقال بهدوء: ليس الآن ليس هكذا يا إلياس إهدأ ليس أمام الفتى..." ثم فتحها وأردَف مجددًا:ذاتًا وصل بلاغ إلى الشرطة وسيأتون بعد قليل وأنت ستذهب للسجن.." ثم إبتسم بجنون وأكمَل هامسًا في أُذنه:لا تقلق سأقتلك حتى وإن كنت في السجن يارجل.. ولكن ليس الآن وليس هكذا أمام هذا الفتى ذو العين المكَحلة.." أنهى جملتهُ ناظرًا لصالح اللذي لازال واقفًا ينظر بشرود بينما بلع قاسم ريقه بخوف ثم سمِعوا صوت صافرات الشرطة اللتي توقفت أمام المنزل، نزَل ضابط الشرطة وطرق الباب ليُخفي إلياس سكينهُ داخل جيبهِ وسحَب قاسم معه ليفتح الباب..
"ماذا يحدُث هُنا؟ وصلنا بلاغ أنّ هناك جريمة قتل.." قالها الضابط وهمّ بالدخول سريعًا ليرى إمرأةً على الأرض جثى عندها يتفحص نبضها ليلتفت نحو ضابط آخر وأشار برأسهِ نافيًا، ف أمسكوا بإلياس ومن جهة اخرى بقاسم اللذي بدأ يعلو صوته قائلاً:أنا لم أفعل شيئًا ياحضرة الضابط، هو من فعلها، هذا الولد هو من فعلها لستُ أنا أُقسم لك" قالها وهو متفاجئ من اللذي أمامه.. لقد ظنّ أنهُ رجل كبير عندما قيّدهُ من الخلف و وضع السكين على عنقه ولكِن إتضح أنهُ مجرد ولد في الخامسة عشر، التفت إلياس نحوهُ ونظر نظرة نارية والشرار يتطاير من عينيهِ نتيجة كذب قاسم ليصمت الآخر ولازال تحت صدمته،
رُبَما كان إلياس صغيرًا بالعمر إلا أنّ والده كان رجلًا صارمًا مع أبنائه، علّمهم إستخدام السكين وإطلاق النار في وقت مُبكر جدًا..
"حضرة الضابط.. انا كنت جالسًا بالجوار في الخارج وسمِعت صوت صراخ هذهِ المرأة وحين دخلت وجدت هذا الرجل وكان بيده هذا الطفل، كان يريد ضربه وإن لم تُصدقني إسأل الجيران هم رأوني عندما دخلت للتو وأبلغوكم بالأمر" وحينما ثبتت برائة إلياس وصَل كهرمان ومعهُ العم متسائلين عمّا حدث عندما علِموا بدخول الشرطة للحي، "هل أنتَ بخير؟ ها أُنظر إلي يا ولد هل فعل لك شيء!؟" قالها إلياس حين كان جاثيًا عند صالح ومسَح على شعرهِ ليرفع الصغير نظرهُ نحوه وقال ببكاء وصوت متقطع:أُمي... أعيدوها لي.. أرجوك أعِدها.. أُريد أُمي" قالها وأراد الإقتراب من جسد والدته اللتي سارعوا بتغطيتها وبدأوا بحملها..
منعهُ إلياس وإحتوى جسدهُ الصغير وحاول مواساته قائلاً:تمام..أعلم أنتَ غاضب وتريد البكاء والصراخ... أنا عشت شعورك ياصغير. ولكن لاتقلق والدتك ذهبت إلى مكان أجمل من هنا بكثير، والآن تعال معي أنا سأعتني بك منذ الآن" همَس الصغير باكيًا وهو في حُضنه: ولكن..لماذا، لماذا لم تأخذني معها؟ ألا تُحبني أُمي لذلك السبب ذهبت وتركتني؟"مسَح على شعره برفق ثم قال بهدوء:كلا ليس هكذا، لايوجد أُم لا تحب إبنها ياصغير، ولكن هذا هو القدر كان يجِب عليك أن تعيش هذا.." أنهى كلماته ليسمع صوت كهرمان بالخارج:مَن قتلها ياحضرة الضابط لم أفهم كيف حصل ذلك؟؟" أغمض عينيه بغضب ثم سَحب الصغير بهدوء وخرج سريعًا من الباب الخلفي للمنزل.. كان يُكمم فمه بيده خشية أن يصرخ..
فجأةً بينما كان يمشي معه ناويًا مغادرة الحفرة إلتفت إليه حين شعر بدموع دافئة نزلت على يده "هاير هاير لمَ تبكي هاا؟ أنتَ قوي.. لاتبكي تمام إمسح دموعك وقُل ماذا هُناك، هل جعت يافتى؟" مسَح الآخر دموعه ونظَر بعينين متعبة نحو اللذي أمامه ليقل بنبرة مكسورة:لا لست جائع، فقط أخي... أخي جومالي لا أُريد الذهاب وتركه، لقد قال لي أنهُ سيحميني"
تشوش عقله في تِلك اللحضة وأعاد لهُ ذات المشهد اللذي حاول نسيانه..ليُغمض عينيه يحاول لدقيقة إستيعاب اللذي تفوه بهِ هذا الفتى،
فتَح عينيه بقهر ثُم أعاد نظره نحو صالح وقد تغيرت تعابيره ١٨٠ درجة عن اللتي كانت قبل قليل
"هل أنت... هل أنت أخ..جومالي!!؟ من أين تعرفه ياهذا" قالها ببرود هذهِ المرة بينما ردّ الصغير ولم يُدرك بعد أنّ اللذي أمامه قد تغير وليس ذاته الذي كان يحتضنه قبل قليل: ايفيت..أخي جومالي، أخي الكبير اليوم إلتقيت بهِ في الملعب...لقد أخبرتني أُمي عنه" قال الأخيرة وأخفض رأسه بحُزن حين ذكر أُمه ليسحبهُ إلياس من يده قائلاً بغضب حاول كبته:سنتحدث في هذا لاحقًا.. الآن سنغادر من هنا ياصغير" أردف صالح بخفوت وهو يمشي معه مجبرًا:ولكن..أخي، أخي جومالي..أرجوك أُتركني وخذني إليه" إزداد غضبهُ أكثر ثم إلتفت نحو صالح وشدّ على يدهِ بعنف:أخوك جومالي لقد ذهب للسجن ياهذا..لتعلم ذلك ويكفي تساؤلاتٍ لقد أكلت رأسي" قالها وهو يتذكر ماقاله للضابط قبل أن يأتي كهرمان..
"حضرة الضابط أرجو أن لا تخففوا مدة عقوبته،
لم يكتفي بأنه قتل زوجته أمام طفله بل وأراد ضرب الطفل أيضًا" اومأ الضابط قائلاً:لاتشغل بالك نحن نعرِف ماذا نفعل، ولكن ماذا عن الطفل هل ستأخذه وتتكفل به؟" أومأ إلياس ناظرًا لصالح ثم قال بهدوء:ايفيت انا سآخذهُ معي وأعتني به، لا أعتقد بأن لديهِ أقارب هُنا.. وأيضًا هُناك أمرٌ آخر ياحضرة الضابط" قال الأخيرة وإقترب ليهمس شيئًا في أُذنه:لقد كان هناك إشتباك قبل قليل في أحد المنازل بالحفرة العنوان هذا:*
أرجو أن تذهب وتلقي نظرة إلى هناك بسرعة" عقد الضابط حاجبيه بتساؤل ليقل:من أين عرفت هذا ياولد!؟ أرى أنّك رأيت ماحدث بأُم عينك وإلا فلن تجرؤ أن تكذب أمام الشرطة" رد إلياس بهدوء:وكيف أجرؤ على الكذب عليكم الله الله، والآن لو سمحت انا سأذهب وآخذ الطفل معي.. وإن سألك أحدهم عنه قُل لهم جاء أحدهم وتكفل به، وأرجو أن تعيد النظر فيما قلته لك.. هناك مجزرةٌ حصلت في أحد البيوت وأنا كنت شاهدًا على ذلك وأعطيتك العنوان، هيا هوّن الله عليك" قالها وربت على كتف الآخر اللذي أسرع بالإتصال لسيارة اخرى لكي يتحروا عن اللذي حصل في تِلك المجزرة بينما أخذ إلياس صالح وخرج متخفيًا دون أن يراه أحد حين سمِع صوت كهرمان يتسائل عما حدث..
إنتبه أخيرًا لملامح صالح المتألمة نتيجة ضغطهِ على يدهِ ليُفلتها سريعًا حين أدرك أن الغضب سيطر عليه،
ثم أعاد نظرهُ نحو صالح قائلاً بهدوء:أنا أعتذر.. ضغطت على يدِك بشدة، لم أقصد ذلك" قالها وأمسك يد الصغير اللتي أصبحت حمراء ونفخ عليها محاولا تخفيف الألم ليومئ الصغير برأسه إيجابًا ثم قال:وانا اعتذر لأنني سألتك كثيرًا..ولكن أرجوك خذني إلى أخي جومالي، هو قال بأنه سيعتني بي" أغمض إلياس عينيه بألم وغضب ومن ثم إحتوى وجنتي الصغير وقال:قلت لك أخوك ذهب للسجن وسيبقى هناك لمدة طويلة جدًا وفي هذهِ المدة أنا سأعتني بك، والآن هيا إمشي معي" قال الأخيرة ونهض مادًا يده للصغير خلفه ليُمسك صالح يده بتردد ومشى معه..
"end"
رجوعًا إلى جومالي وصالح "بالبداية كان طيبًا معي ولكن لا أكذب عليك آبي لقد كان الحزن يملأ وجهه كلما رآني، منذ أخبرته أن أخي هو جومالي وهو هكذا، كان يعيش بتناقض بينه وبين نفسه.. وهناك شيء آخر" مسَح جومالي دموعه بعد ماسمِعه وأدرك أنّ إلياس قد ملأ الحقد قلبه لدرجة أنّه أراد أذيّة صالح فقط لكي يؤذي جومالي بهِ، أردف متسائلاً بصوت متعب:وماذا أيضًا؟ أخبرني آبيجيم ماهو الشيء الآخر؟.." أكمَل صالح بشرود:عندما غادرنا الحفرة..أخذني إلى أحد القصور كان يبدو أنّه من عائلة غنية ولكنني لم أرى والده أو احدًا من أقاربه، رأيت فقط جده الخبيث ذاك" تنهد جومالي بألم حين فهِم وأدرك كل شيء للتو.. بينما أغمض صالح عينيهِ وأكمَل بإرهاق:آبي ألا يكفي إلى هذا الحد؟..
لقد تعبت حقًا أرجوك، عندما، عندما نعود للبيت سأُكمِل لك ماحدث.. أرجوك" قالها ومن ثم دفن وجههُ في سترة أخيهِ ليمسح جومالي شعره بحنان وقال: تمام صالح، تمام آبيجيم.. انا لم أقصد أن أضغط عليك هكذا وأُذكرك بمعاناتك فقط أرَدت أن أعرِف ماحلّ بكَ ذلك اليوم، ولكِن ها لا تنسى سوف تُكمِل لي ماحدث بعدها عندما ترتاح.." تسائل صالح بتعب:وأنتَ ألن تُخبرني هل حقًا قتلت إخوته؟..أنا لم أُصدق ماقاله لي لأنك كنتَ بطلي الوحيد كيف لك أن تقتل إخوته دون ذنب.." دمِعت عيناه حين تذكر أتاش ودوغان ليُشيح بوجهه ثم قال:سنتناقش بهذا فيما بعد ياصالح..الآن هيا لنعود للبيت، أُنظر لقد قرُب غروب الشمس.. الآن سعادات تقلق عليك رُبَما ستضنني خطفتك معي" نهَض صالح ضاحكًا ليقل:وهي مُحقة في هذا، ياو آبي حقًا أنتَ خطفتني إلى هُنا.. سأشكو لها ذلك" جومالي إبتسم ليقل:هيا من هنا ياهذا، لن تستطيع قلبَ أختي ضدي" صالح:الله الله آبي ياا هل ستُصدق أخيها المجنون وتُكَذب زوجها، دقيقة لقد نسيتُ شيئًا..." قالها حين تذكر شيئًا وبحث عن تِلط القلادة في عنقهِ وتذكر أنّ جومالي أخذها ليرفع نظرهُ نحوه "هل تبحث عن هذهِ يافتى؟" قالها وهو يحمل القلادة بيده ويلوح بِها أمام صالح ليتذمر الآخر قائلاً:آبييي أرجوك أعِدها لي..لا تدعني أتوسل بكَ هكذا، والله لو رآني ياماش الآن سيجعلني أُضحوكةً تُذكر في الحي" قالها وهو يرفع يدهُ ليصل للقلادة ليضحك جومالي بخُبث:وهذا يُعجبني حقًا.. شكلك وأنتَ تتوسل بي وكأنك طفلٌ صغير" عبَس الآخر ليبتعد يضم يديه لصدرهِ وتوقف عن محاولاته ليبتسم جومالي على شكلهِ الطفولي لينزل يده ويقترب منه:تمام ياا الله الله، لا تعبس ياهذا ها هيَ لم أرميها بالبحر، خُذ ليضحك وجهك العبوس" قالها والبس القلادة لأخيهِ وبعثَر شعرهُ بخفة لتعود بسمةُ الآخر وإنفرجت أسارير وجهه ليقترب جومالي منه وإحتوى وجنتيه ليقبل جبينهُ ثم قال:لقد بكيت اليوم كثيرًا وتذكرت أشياء سيئة بعد حادثة منزلك، أرجو أن لا يتكرر ذلك تمام صالح؟ ليضحك وجهك دائمًا آبيجيم" دمِعت عينيهِ لإهتمام جومالي به ليومئ برأسهِ إيجابًا وتبِع أخيهِ عائدين للمنزل.. "وأيضًا من اللذي وصفتهُ بالمجنون قبل قليل ياهذاا هاا" قالها وجرّ أذنه ليتأوه الآخر قائلاً:آبيي يا أعتذر حقًا، لن أقولها ثانيةً..
*في المنزل*" "ياو حبًا بالله ياماشجيم لمَ أنتَ قلقٌ عليهما هكذا؟ هل هُما طفلان وسيضيعان لو تركتهما بمفردهما حقًا لا أفهم لمَ تشغل بالك.." قالتها سعادات وهي تُحضر السفرة ليتنهد ياماش وأردف:يااا آبلا أنتِ لم تُشاهدي وجه جومالي آبي كيف كان عندما أخذهُ معه، لذلك أرجوكِ لا تتحدثي" "ياماش كيف تُصمِتني هكذا أين إحترامك لأُختك ياهذا؟؟" جلَس ياماش بتعب بعد عدّة محاولات للإتصال على جومالي وصالح قال بهدوء:لم أقصِد ذلك يا أُختي ولكن.." مسح على وجههِ ليكمل:أنتِ تعلمين كم أخاف من جومالي آبي على صالح رُبَما في أي لحضةٍ يغضب منه لدرجة تصِل إلى أن يقت.." وقبل أن يُكمل وضعت داملا يدها على فمه قائلةً: اششش ياهذا لا تذكر إسم الموت الآن..ذاتًا ذلك الثور قد تغير منذ حادثة إصابة صالح ذلك اليوم، أنتما لا تعلمان ولكنهُ يُخبرني بكل شيء..أرجوك ياماش لا تنظر من الجانب السيء دائمًا، لاتعلم رُبَما في يومٍ ما سوف تُصلَح علاقتهما تمامًا ولن ترى خلافاتهما مرةً أُخرى أبدًا لذا تحلى بالصبر تمام؟" أخفض ياماش نظرهُ واومئ برأسهِ إيجابًا،
ولم تمضِ ثوانِ قليلة حتى سمِعوا صوت فتح الباب وصُراخ إدريس الصغير قائلاً: أتى أبيييي وعمي جومالي" قالها وركض للباب وشاهد جومالي يخلع حذائه وخلفه صالح..
"جومالي آمجاا هوشقالدن" قالها وهمّ بمعانقة عمه ليبتسم جومالي ثُم تذكر كيف كان يُريد لهذا الطفل أن يُيَتم ف أغمض عينيه بقهر وبادله العناق قائلاً:وردة عمك كيف حالك ياصغيري؟.." "انا بخير آمجا أصبحت بخير عند رؤيتك" وتحت نظرات صالح اللذي إبتسم وقال بغيض:إدريس اولوم يبدو أنك اشتقت لأخي جومالي ولم تشتاق إلي صحيح؟" "هايير بابا افتقدتك أيضًا ياو لماذا تأخرت هكذا" قالها وإبتعد عن عمه وتقدم معانقًا والده ليجثو صالح عنده وقبّل راسه:جنم بينم وانا أيضًا افتقدتك يااو"
تقدم ياماش ليتكئ على الحائط قائلاً:إييه بابامناولو وأنا ألم تفتقدني؟" رفع صالح رأسهُ نحوه وإبتسم بدفئ قائلاً:أيُعقل هذا ياماش..طبعًا افتقدتك يا ابن أبي" إنتبه ياماش لنبرة صوتهِ المتعبة تِلك وعيناه اللتي غزى الإحمرار جزئًا كبيرًا منها ليتسائل قائلاً:ماذا حدث مابال صوتك المتعب هذا؟ أين كنتما وماذا فعلتما!؟"
أردَف جومالي"هادي هادي يكفي ثرثرة وتعالا إجلسا سيبرد الطعام" قالها ومن ثم تقّدم حين رأى سعادات وداملا تضعان الطعام لتنتبه سعادات له لتقول بنبرة ممازحة:يا إلهي أخيرًا وصلت جومالي آبي حمدًا لله على سلامتك أنتَ وذاك الأحمق...اوووف لو ترى كيف أتعَبني هذا الاشقر ذو رأس الليمون بالسؤال عنكما، لم تمر ثانية إلا وهو يتصِل عليكما" إقترب جومالي وقبّل جبينها ضاحكًا ليقل:الله الله هل أزعجك الطفل؟ لا عليكِ انا سأربيه بعد العشاء" بينما جلَس صالح بعد أن ألقى السلام على سلطان وياماش جلَس بجانبه ونظر لسعادات بغيض لتقل الأُخرى بغضب مكتوم:لاتنظر إلي هكذا ياماشجيم.." "يااو آبلا ماذا يعني رأس الليمون هذا لقد جعلتيني مسخرةً أمام الأطفال حتى ماسال بقيت تضحك عليّ" جومالي:بيبي إصمت وكُل طعامك هذا ذنبك ذاتًا، ماذا يعني أن تُزعج أختي هكذا بالسؤال عني، هل ضننتَ أننا ذهبنا للمريخ مثلاً؟" "يوك آبي يعني، ألا يجِب أن أقلق على إخوتي.. رُبما يأكلان بعضها بعضًا لا نعلم" قال الأخيرة بصوت منخفض وهو يتناول الطعام بينما ضحِك أكين وجونيور على مُزاح أعمامهم، "إذن جومالي آبي ألن تقول إلى أين ذهبتما أنتَ وذو الوجه المبعثر هذا؟" قالتها سعادات بضحك وهي تنظر لصالح ليُخفض الآخر نظرهُ بملل "لم نفعل شيئًا فقط تجولنا بالحي لا أكثر. " قالها بهدوء وبدأ يتناول الطعام ليقل ياماش:ها ها واضح تجولتما في الحي فقط، بحثت عنكما وإتصلت ألف مرة ياو لماذا تحملون هواتفكم يا بُني.." قالها ثُم إنتبه لصالح اللذي نهَض مستئذنًا ليسمع صوت جومالي قائلًا:صالح..، لم تأكل ياهذا إجلس مكانك" رفَع الآخر نظرهُ بتعب وشعر بالدوار ليُردِف بصوت خافت:حقًا لا أشتهي آبي.. شرِبت قليلاً من العصير فقط، سأذهب لغرفتي لو سمحت لي.." قالها وهو ينظر لجومالي برؤية مشوشة غير واضحة ليومى الآخر براسه ليلتفت بتعب ويصعد لغرفته،
شعَر بالدنيا تدور بهِ وكاد أن يقع حين صعد الدرج لكنه ضغط على نفسه وحاول الحفاظ على توازنه حتى وصل لغرفته أخيرًا، فتح الباب ليدخل ويرمي بجسدهِ على السرير وقد تسارعت أنفاسهُ بشدة.

يتبع...

«وردة أخيه الحمراء» حيث تعيش القصص. اكتشف الآن