حيرة

16 6 6
                                    

بعد وفاة زوجته " أماندا" ، كابد السّيد "ألبرت" لتجاوز مشاعر الحزن و الوحدة التي اجتاحته ، حتى مع عيشه وسط مدبّرة منزل ، طباخة و مساعدتها ، ممرضة و بستانيّ ..
إرتابوا جميعا من أمر سيّدهم ، كان همّهم معرفة سبب مكوثه في غرفته ، قلقين من أن يعود للاكتئاب من جديد ، خاصّةً و أنه كان قد تجاوز نوباته التي تلت تلقيه خبر وفاة زوجته ، نوباتٌ حادّة لم يكلّم فيها أحد ، و لم يبرح فيها فراشه ، لولا محاولات مدبّرة المنزل "كيت" لإخراجه من تلك الحالة ..
كانت تؤنسه بأن تقرأ له الجريدة كلّ صباح ، و حتى مع عدم ردّه عليها ، كانت تبدي تعليقاتها على كلّ خبر ، إلى أن جنت ثمار صنيعها ، يوم تفاجأت به يردّ عليها قائلا :
- أريد سماع أخبار " الصنداي تايمز " ..
قامت مهلّلة لسماعها صوته و قالت :
- أخيرا يا ألبرت .. أقصد .. سيّد ألبرت ، سأحضرها حالا .. !
ثم هرولت مسرعةً لتجلب الجريدة التي أرادها ..

"كيت" التي خدمت في بيت السيد ألبرت منذ شبابها ، لم تكن مشاعرها تجاهه مجرّد وفاءٍ أو امتنان ، كانت تحمل له حبّا ضاعفه كتمانها إيّاه طوال العشرين سنة ، لم يعط هو تأويلاتٍ لتفانيها في خدمته ، لكنّ أماندا كانت قادرةً على التقاط إشارات أحاسيس امرأةٍ مثلها ، غير أنّها لم تفعل شيئا حيالها ، لأنها كانت تملك ثقة عمياء في حبّ زوجها لها ، الذي لن ينظر لغيرها و هي موجودة ...

واصلت "كيت" مسعاها لإرجاعه لطبيعته ، سواءً بقراءة الجرائد أو نقل أخبار البيت إليه ، و نجحت في أن تخرجه من غرفته ليستأنف روتينه اليوميّ من جديد ، الذي صار كذلك منذ تقاعده من حوالي السّنة ، فقد جرت العادة على أن يستيقظ باكرًا ليجد فطوره المعدّ بعناية و المكوّن من اللحم المقدد و النقانق ، خبز التوست المقلي مع البيض و القليل من الفطر ، و بعد أن يشكر " نيكول" و "ماري" ، يطلب من " كيت " أن تحضر معها كأس شاي و تتبعه إلى الحديقة ، فيرى ما يفعله " توماس" من ريّ و تقليم و جزّ و غرس ، ليبدي رأيه في عمله و يوصيه على نباتاته المحبّبة لديه .. 
ثم يقرّر ما يفعله ، كأن يخرج للتنزه ، يمارس هوايةً ما أو يواعد صديقه القديم " غاري " فيجتمعان للعب الشطرنج ..
لكن و فجأة ، إنقطع عن كل ذلك ،مرّت ثلاثة أيام لم يفعل فيها شيئا ، صار يطلب أن تأتيه "كيت" بفطوره لغرفته ، فيفطر سريعا ثمّ يقفل بابه عليه ،
حامت التساؤلات في أرجاء البيت ، تساءل الجميع عن خطب السيد ألبرت :
- أهو مريض ؟
نفت ممرضته " هيلين " ذلك ، قالت أنها قامت بقياس ضغطه و السّكري لديه فوجدته في صحته المعهودة ..
ماذا حصل إذن ليترك كلّ ذلك و ينزوي في غرفته مقفلاً بابه على نفسه ؟ مالذي يخفيه؟

أماندا حيث تعيش القصص. اكتشف الآن