* أكتوبر *

124 9 14
                                    

في تلك الّلحظة بالضّبط
آهٍ و كـم تمنّيت أن أكون أتوهّم أو أتخيّـل
أو حتّى أكون  بحلم
أقبل ، أقبل بكلّ شيء لا يمدّ للواقع بصلة
آهٍ كم رغبت في أن أكون في كابوسٍ أستيقظ منه
و أواسي نفسي بنفسي منه
و ماذا عساي أن أفعل بعد هذا ؟
هي بالفعل أمامي الآن ، و هل من مفرّ منها  ؟
جالسة ، براحةٍ و كأنّها لم تفعل شيء
جالسة مطمئنّة مرتاحة البال ..
و أنا من ضربت العواصف بداخلي ،
هدّمت ما كان صالحـاً و ما لم يكن

و ماذا بعد ، أتهزمني خائنة ؟
أتهزمني من لا مبادئ لها و لا حياء ؟
أتهزمني أنا آريام من جعلت اسمي يتحدّث عنِّي
في غيابي ؟
بخطوة تقدّمت إلى داخل المكتب
كم شعرت بالقرف من تواجدي في مكان
جمعني بها هي بالذّات
أغلقت الباب ورائي و وقفت أنظر لها
نظرة استحقار ، تتكلّم تلك النّظرة قبل أن تتفوّه شفاهي بكلمة
لورين ، يا من جعلتك الوقاحة مأوى لها
ما الّذي جعلك تزورين هزيمتك اليوم ؟
ضحكت ، ضحكت ضحكة انتصار
قد يُخَيَّـل لهآ أنّها انتصرت و أخذت ما أرادته
ما باليد حيلة ، فلتبقى بعالمها الوهميّ
سرعان ما اختفت تلك الضّحكة من وجهها
حتمـاً هي مصابة بانفصام الشّخصيّة
أكان ينقصني وجود مرضى نفسيّيـن في يومي ؟
بخطوات بطيئة ، كأنّها تمشي فوق سجّاد أحمر
و هي تتكلّم :
هزيمتي ؟ تتكلّمين عن نفسك ؟
أنتِ ؟ أنتِ تعتبرين نفسكِ هزيمتِي ؟
مشيرة باصبعها نحوي ، تتحدّث بغرور
اقتربت منها أقلّص من المسافة الّتي تفصل بيننا
لتصبح مسافة بخطوة واحدة فقط
تفوح منك رائحة الخيانة و التّلاعب
و لو امتلكتي أجود أنواع عطور الكون
سيبقى أنفي يلتقط منك رائحة الخيانة
عمّ الصّمت بيننا و نظرة التّحدي بادية على عيناي
نظرة جسّدت معنى الغضب حقّـاً
أكملت كلامي و أنا أطوف حولها
أنتِ ، يا من أخذتِ رجلاّ
ابنته بعمر أختك الصّغرى ،
و تقولين أنّ علاقة حبّ و عشق تجمعكما
أتفقهين في الحبّ شيئاً ؟
أتعرفين معنى الأسرة و العلاقات ؟
صمتت ، وقفت عاجزة عن الإجابة
أعطيتها ردٌّ تستحقُّهُ ، يناسب مكانتها
ليس ذنبي إن وقع والدك في حبِّي
و أرادني أنا بدل أُمّك .
و أنا أبادله نفس الشّعور
هو من أحبّني في البداية
لو أحبّ أمّك ، لما نظر إليّ بنظرات حبّ 
تفوّه لسانها بكلمات كهذه
و يا حسرتها على من تحدّث لسانها
لكنّني تركت والدي في البيت هذا الصّباح
إن أرادك أنتِ حقّـاً ، مالي أراك وحدك ؟
أين هو الآن ؟
بصوتٍ واضح و مسموع قلت لأخفضه و أجيب
إنّه في المكان الّذي ينتمي إليه لورين
تركته يتبادل أطراف الحديث مع ابنه في المنزل
ارتعشت يداها و تقاتلت أصابعها
و لم تعرف اليمين من اليسار
و لو أنسى اسمي ،
لن أنساكِ طول حياتي ، لن أنسى تفاصيل وجهك
و لا أفعالك
جعلتِ أمّي تتألّم بصمت وحدها بين جدران غرفتها
و تدّعي السّعاده من أجل عائلةٍ تفكّكت روابطها
و تشتّتت علاقاتها بسببك
و قلبها يئنُّ ألمـاً ،
و المؤلم هو أنّني كنت عاجزة عن فعل شيئٍ
أرى بوضوح كيف تنظر إلى والدي و هو يتّبع في هواه بسبب إمرأة وقحة
سمعت بوضوح بكائها في صلاتها و كيف
كانت تشكو منك إلى اللّٰٓه
و أنا لم أستطع فعل شيء
لكِ بيت ، هو بناء فقط و أنا لي بيت
و ما داخله أسرة تُبنى بالعلاقات أساسها الحبّ
و الاحترام و الثّقة
و هذا ما لا يرتقي مستواكِ إلى فهمه يا حمقاء
و لو يأتي بي زمن و يصلني خبر بأنّ لك أسرة
لما و ضعت رجلي هنا مرّةً أخرى
و أنا على يقين و لو عشت الدّهر بألف دهر
لن ترتقي إلى صبر أمّي و لا لكبرياء ابنتها
لتكوّني أسرة
أنهيت كلامي المُتّزن ، قيل من لساني
و من أعماق قلبي
و مشيت بخطوات ثابتة إلى مكتبي
جلست في مقعدي أتأرجح بين اليمين و اليسار
أرى ظهرها و كيف رأسها منخفض إلى الأرض
و في يدها قبضةٌ ، أفرغت كلّ غضبها فيها
بابتسامة قلت
ألم أقل لك أنّني هزيمتك ؟
مابالك صامتة ؟
ضحكت خفيفة صُدِرت منِّي و هي تستدير بجسمها إليّ على وشك الصّراخ ،
استوقفتها بإشارة منِّي ، بيدي رفعتها بوجهها
أمرتها بالصّمت
حقيبتك و إلى الخارج.
في المرّة القادمة تنتظري في قاعة الانتظار
مكتبي ليس مُتـاح للجميع
و ليس لـكِ قرابةٌ تجمعك بي ...  حمداً للّٰٓه
و إن قبلتُ رؤيتك سنلتقي
و إن لم أقبل ، كلمتي ليس منها إثنان .
لكن على كلِّ حالٍ ، لا يقابلني من لا أرغب بهم
ابحثي عنهم أعلم أنّك هوسك أنا عنوانه
ستجدين اسمك في بدايتهم
وقفتُ متّجهةً إلى باب المكتب فتحته و وقفت خلفه
أُفسح لها مجالاً للخروج
إلى الخارج ... حالاً
بصوتٍ ارتفع تدريجيّـاً أمرتها بالخروج
حملت حقيبتها و تمشي بخطوات متثاقلة
بلسانها كلام طويل أرادت قوله
و لم تمتلك الجرأة لمواجهتي به
وصلت إلى مكان وقوفي و نظرت إليّ
تعدني بعودتها من تلك النّظرات
استندت على الباب أنظر إليها بكلّ ثقةٍ
و قلت :
هل تحتاجين مساعدة ؟
استقمت أقف باتّزان ، و أنا أنظر إليها
ناديت مايا
مايا ، رافقيها إلى الخارج
قدمت الأخرى بخطوات مسرعة و أومأت لي بالموافقة
وقفت أرى ظهرها حتّى اختفت من الأنظار
تحدّثت بصوت مسموع لجميع من كان هناك
عندما تعود مايا اخبروها أنّني بانتظارها
الكلّ إلى عمله.
عدت الى مكتبي اغلقت الباب ورائي و أنا أخاطب نفسي
ماذا عساي أن أقول ؟ خطؤها أم خطأ والدي ؟
من المُلام ؟
تنهدت بقوة و بداخلي حديث طويل جدّاً
جلست على الأريكة الّتي لا تسع إلا لشخص واحد فقط .... كالعادة
أتأمّل السّمـاء كيف تعانق تلك الغيوم الرّماديّـة
و كيف الأشجار تخلّت عن أوراقها بسهولة
أوراقها الّتي حملتها عندما كانت خضراء جميلة
تخلّت عنها بمجرّد اصفرارها
تشبه أحدهم ، تخلّى عن عائلته بسبب
من لا تصفها كلمات و صفات
غرقت في بحر أفكاري ، موجة تأخذني و أخرى
تأتي بي ،،، ترمي بي في الشّاطئ
و تتركني
أصبحت تائهة بين أفكاري كتائه ، ضاعت منه الطّريق
في صحراء جرداء قاحلة
لتقطع مايا شرودي بصوت طرقها للباب
سيّدة آريام هل يمكنني الدّخول ؟
لم أتحرّك من مكاني قطّ و أجبت :
تفضّلي بالدّخول ....
دخلت و وقفت مقابلة لي
نظرت إليها طويلا و سألتها
منذ متى أصبح مكتبي فندق ؟
في حالة دخول أي قادم إليه أخبري عمال البناء
بهدم قاعة الانتظار
لا حاجة لنا بها ، صحيح!؟
تحدثت بصوتٍ ليس بمنخفض و ليس بمرتفع
بالنّهاية أحبّ طريقتها في العمل
بالرّغم من عدم اهتمامها بمجال الأزياء
لكنّها تحاول جاهدةً في إتقان عملها
وقفت تمسك ثيابها بيديها و هما ترتعشان
بصوت منخفض أكاد أن أسمعه خاطبتني :
أنا ،،،،
أنا آسفة سيدة آريام
تنهدت و قلت :
ما حدث اليوم لن يُكرّر
هل هذا واضح ؟

من اللقاء الثاني حيث تعيش القصص. اكتشف الآن