" هَل تُحِبُّهَا ؟ "

91 6 91
                                    

أُمِّي ، أُمِّي أَينَ تَذهَبِيـن ...
أُمِّي ابقَي مَعِي ، أُمِّي لَا تَذهَبِي أَرجُوكِ ... أَتَترُكِينِي يَا أُمِّي ؟ تَرحَلِيـنَ وَ أَنَا لَيسَ لِي غَيركِ ؟
لا ، لا تَذهَبِي ، لاااااااااا
استَيقَظتُ عَلَى صَوتٍ يُنَادِينِي ، يُخبِرُنِي أَنَّ كُلُّ مَا رَأَيتُهُ حُلم ، لٕا بَل كَابُوس ، كَابُوس رَاوَدَنِي فَقَط ،
لَا غَير ، أُخَاطِبُ نَفسِي بِصَمتٍ تَحتَ أَنفَاسٍ مُضطَرِبَة
آريام ، لَا بَأس إِنَّـهُ مُجَرَّدُ كَابُوس ، اِهدَئِي آريام ، اهدئِي ... مَدَدتُ يَدِي المُرتَعِشَة أَبحَثُ عَن عَن كَأسٍ مِن المَاءِ ، وَ نَسِيتُ أَنَّنِي فِي المُستَشفَى أُقَابِل جَسَد
أُمِّي فَوقَ سَرِيرِهَا ، حَتّى أَتَأَكَّد أَنَّنِي نَجَوتُ مِن كَابُوس لِأُقَابِل آخَر حَقِيقِي أَسوَء مِنهُ بِكَثِير !!!!!!!
بِصَوتٍ خَافِتٍ يُسمَعُ أَقُولُ وَ عَينَايَ مُغمَضَتَان بِشِدَّة أَمنَعُ دُمُوعِي مِنَ النُّزُول :
المَاء ، أَرجُوكَ أُرِيدُ كَأسـاً مِنَ المَاءِ
نَاوَلَنِي جونغكوك كَأساً مِن المَاءِ ، حَتّى أَنَّهُ لَم يَترُكَ لِي المَجَال لِأُمسِكَهُ ، خَوفاً مِن إِسقَاطِهِ بِسَبَبِ إِرتِعَاشِ يَدِي ، بَقِيَ مُمسِكَاً بِيَدِي عَلَى الكَأس ، شَعَرتُ بِبَعضِ الهُدُوء المُؤَقَّت بِأَنفَاسِي فَتَحتُ عَينَايَ لِتُقَابِلَنِي هَيأَتُهُ
وَاضِحٌ مِن مَلَامِحِهِ أَنَّهُ خَائِف عَلَيَّ وَ كَثِيراً ،
لَكِنِّي وَ كَالعَادَة فِي وِحدَتِي وَ الحُزنِ بِي ، بَينَ جُدرَانِ غُرفَتِي أَهدأُ مِن تِلقَاء نَفسِي بَعدَ صِرَاع شَدِيد ، لَكِن ..
عَينَاهُ تُوحِي بِخَوفِهِ عَلَيَّ ،رَفَعَ يَدَهُ يُرِيدُ وَضعَهَا
عَلَى كَتِفِي يَمسَحُ عَلَيهِ بِلُطفٍ
لَكِنَّهُ لَم يَفعَلهَا ، تَوَقَّفَت يَدُهُ قَرِيبة مِن كَتِفِي ، فابتَعَدتُ لِذَلِك القُرب ، أَنهَضُ بِخَوفٍ مِن قُربِهِ مِنَ الأَرِيكَة أَقِفُ بِصُعُوبَة أَكَادُ أَسقُطُ حَقّاً ، أُشِيرُ لَهُ بِيَدِي لِعَدَم التَقَرُّب ، أَطلُبُ مِنـهُ البَقَاء بَعِيداً وَ بِالفِعلِ استَجَابَ لِطَلَبِي وَ بَقِيَ يَعُودُ بِخُطُواتٍ بَطِيئَة إِلَى الخَلفِ وَ يَقُولُ بِنَبرَةٍ هَادِئَـةٍ :
حَسَناً ، حَسَناً لَا تَخَافِي كُلُّهُ انتَهَى ، كَانَ كَابُوس
وَ انتَهَى ... أَنَا هُنَا لَا تَخَافِي
كَيفَ لَا أَخَاف ، وَ قُربُ القَرِيب أذانِي وَ كَسَرَنِي ؟
وَ بَعد !!!!! كَيفَ لِي أَن أَعلَم أَنَّ قُرب الغَرِيبِ لَن يُؤذِينِي ؟ بَقَيتُ أَنظُرُ إِلَيهِ نَظَرَات خَوفٍ تَجُولُ بِالغُرفَة حَتّى تَوَقَّفَت عِندَ ذَلِكَ الجَسَد تَتَفَقَّدُهُ وَ تَتَفَقَّدُ سُكُونـهُ ، لَا يَتَحَرَّك أَبداً. دَنَوتُ مِن أُمِّي قَلِيلاً أَقبِّل جبهَتهَا وَ أَقُول بِنَبرَةٍ بَاكِية :
أُمِّي ، أُمِّي الشَّمسُ عَلَى وَشَكِ الطُّلُوع
أَلَن تَنهَضِي للصَّلَاةِ ؟ انهَضِي يَا أُمِّي أَرجُوكِ
بَقِيَ جونغكوك وَاقِفاً وَرَائِي لَم يَستَطِع قَولَ كَلِمَةٍ وَاحِدَة ، كَيفَ يَتَحدَّث وَ هُوَ غَابَ عَن الوُجُودِ ذِهنِيٌاً ؟ وَ الدُّمُوع الَّتِي بِعَينَاهُ تُخبِرُكَ بِمَدَى الأَلَم الَّذِي يَحمِلُهُ بِدَاخِلِهِ ، أَلمٌ لَا يُطَاق فِعلاً . يُؤلِمُ أَكثَرُ مِمّا يَتَصَوَّرُهُ شُعَرَاءٌ اجتَمَعُوا لِوَصفِهِ بِقَصَائِدِهِم ...
قَابَلتُهُ أُرِيدُ أَن أَسأَلهُ عَن حَالِهَا كَيفَ هِي ؟ كَيفَ أَصبَحَت ؟ لِمَ لَم تَستَيقِظ ؟ لَكِنِّهُ يَبدُو أَنَّهُ ضَائِعٌ بِدَاخِلِهِ ، يَبحَثُ عَن أَجوِبَةٍ لِأَسئِلَتِهِ ، وَاضِحٌ مِن نَظَرَاتِ عُيونه اللّامِعَة ، لَكِنِّي جَرَّبتُ حَظِّي :
سَيِّد جيون لِمَاذا أُمِّي لَم تَستَيقِظ بَعد ؟
نَظَرَ إِلَيَّ ، وَ عَينَاهُ بِعَينَاي تَحدِيداً يَقُولُ :
لَقَد أَخبَرتُكِ لَا أَستَطِيعُ إِخبَاركِ بِشيءٍ حَتّى أَرَى
نَتَائِجَ التَّحَالِيل ، وَ الآن عَن إِذنِك ، لَدَيّ عَمَل
خَرَجَ مُبَاشَرةً وَ لَم يُفسِح لِي المَجَال للتَحَدُّثِ مَعَهُ
يَبدُو أَنَّ كِلَانَا فِي عَاصِفَةٍ بِدَاخِلِهِ لَا تَهدَأ .
نَظَرتُ إِلَى الكُرسِيّ الّذي كَانَ بِجَانِبِ سَرِير أُمِّي بِالجِهَة المُقَابِلَة اتَّجَهتُ إِلَيهِ أُفَكِّرُ بِالاتِّصَال بِأَمِيرَة
اتَّصَلتُ أَنتَظِرُ مِنهَـا الرَّد ، لَكِنَّهَا لَم تُجِب وَ أَنَا لَم اُحَاوِل الاتِّصَال بِهَا مُجَدّداً ، إِذَا تَرَكتُ الهَاتِف دَاخِل الحَقِيبَة ، مَهلاً لَا أَتَذَكَّر أَنَّنِي حَمَلتُهُمَا مَعِي بِالأَمس
أَظنُّ أَنَّ تاي كَانَ هُنَا ، وَ مَآ إِن نَطَقتُ بِاسمِهِ حَتّى ظَهَرَ خَلفَ البَاب ، يَدُقُّهُ بِهُدُوء وَ يَسأَل :
هَل يُمكِنُنِي الدُّخُول ؟
أَومَأت لَهُ بِرَأسِي بِالمُوَافقَة وَ حَاوَلتُ النُّهُوض مِن الكُرسِيّ للتَحَدُّثِ مَعَهُ إِحتِرَاماً لَهُ لَكِنَّهُ تَفَهَّم وَضعِي وَ أوقَفَنِي بِحَرَكَةٍ مِن يَدِهِ قَائِلاً :
لَا بَأس آري ، اجلِسِي أَنتِ ، سَأَجلِسُ هُنَاكَ
أَنهَى كَلَامَهُ مُشِيـراً بِيَدِهِ إِلَى الأَرِيكَة كَانَ بِهَا غِطَاءٌ لَم أَنتَبِه لِوُجُودِهِ حَقّاً ، جَلَسَ يَحمِلُ ذَلِكَ الغِطَاء مُتَسَائلاً :
هَذَا الغِطَاء يَخُصُّ جونغكوك ، مَا الّذي أَحضَرَهُ إِلَى هُنَا ؟
بَقَيتُ أُفَكِّرُ ، أَنَا نِمتُ هُنَاكَ وَ جونغكوك كَانَ عَلَى الكُرسِيّ ، يَعنِي هُوَ مَن جَلَب الغِطَاء مِن أَجلِي !
وَ أَنَا قَابَلتُهُ بِخَوفٍ فِي حِين هُوَ أَرَادَ مُسَاعَدَتِي .
نَظَرتُ إِلَى تاي أُجِيبُـهُ :
فِي الحَقِيقَة ، أَنَا ، لَقَد كُنتُ ...
حَتّى استَوقَفَنِي ، أَنَا أَصلاً لَا أَعرِف مَاذَا سَأَقُول لَهُ
حَاوَل مُسَاعَدَتِي وَ أَنَا بِالمُقَابِل ابتَعَدُتُ عَنهُ خَوفاً مِنه!
آهٍ كَم هُوٕ تَصَرُّف غَبِيّ حَقّاً .
قال تاي يَسألني :
لَا عَلَيكِ آري ، فَكِّرِي بِأُمِّكِ الآن لَا غَير
هَل أَخبَرَكِ جونغكوك بِمَ حَصَلَ مَعَهَا ؟
تَحَدَّثَ وَ كَأَنَّهُ يَعرِفُهُ ، فَسَأَلتُهُ :
أَتَقصِد السيِّد جيون !
لَا ، لَم يُخبِرُنِي بِشيء ، لَقَد قَالَ أَنَّهُ يَنتَظِر نَتَائِجَ التَّحَالِيل . هِيَ لَم تَستَيقِظ مِنَ الأَمس .
أَكمَلتُ كَلَامِي وَ أَنا مُمسِكَة بِيَدِهَا أُقَبِّلُهَا ، لَكِنَّهُ لَيسَ وَقتٌ للضُّعفِ أَبَداً ، بِالنَّهَايَة لَا شَرَّ فِيمَا اختَارَهُ اللّٰٓهُ لَنَآ
نَطَقَ تاي يكسِرُ حَاجِز السُّكُوت وَ الصَّمتُ قَائِلاً :
آري لَا أَعلَمُ مَاذَا سَأَقُول لَكِ لَكِنَّنِي حَقّاً آسِف
كُلُّ هَذَا بِسَبَبِي ، كُلُّ مَا يَحدُثُ لَكِ بِسَبَبِ دَعوَتِي لَكِ وَ قُدُومِكِ ، آسِفٌ حَقّاً أَنتِ الآن تَتَأَلَّمِيـن بِسَبَبِي
بَقِيَ يَتَحدَّثُ بِصَوتٍ خَافِتٍ ، وٕ بِنَبرَةِ نَدَم
ابتَسَمتُ لَهُ وَ قُلتُ :
نَحنُ فِي دِينِنَا لَا نَقولُ شَيئاً كَهَذَا تاي ،
نَحنُ نَقولُ قَدر اللّٰٓهُ وَ مَآ شَاءَ فَعَلَ . بِمَعنَى أَنَّنَا نُؤمِنُ بِمَا يَحدُثُ لَنَآ فِي حَيَاتِنَا كُلُّهُ مِن تَدبِير اللّٰٓه
نُسَمِّيه بالإِيمَان بالقَضَاء وَ القَدَر
بَقِيَ يَنظُرُ إِلَيَّ بِتَمَعُّن ثُمّ قَال :
لَكِنِّي أَشعُرُ بِالذَّنب اتِّجَاهُكِ آري

من اللقاء الثاني حيث تعيش القصص. اكتشف الآن