" لِقَاءٌ آخَر "

97 6 15
                                    

قبل ما أبدا بالبارت ، ما اعرف ليش ما في تفاعل بالرواية نهائيا ، و انا اتعب كل يوم معاها و عشان تكون رواية حلوة و مشاعرها عميقة و تحمل رسالة لكل المجتمعات و العائلات خاصة
بس ، إذا ما كان تفاعل رح اوقف الرواية .
_______________________

" بَعدَ يَــوم "
بَعدَ لَيـلَةٍ طَوِيلَة ، لَم يُغمَـض لِي جَفَن ... عَينَايَ تَسبَحُ فِي فَضَاء غُرفَتِي ، وَ تَفَاصِـيلِهَا ، أَنظُرُ إِلَـيهَا وَ كَأَنَّنِي
لَن أَرَاهَـا مَرَّةً أُخرَى ، أُدَقِّق فِيهـا وَ فِي كُلِّ زَاوِيَـةٍ مِنهَا
حَتّى أَنَّنِي أَكَـادُ أن أَضَـعَ لَهَـا صُورَة مَرسَومَة عَلَى جُدرَانِ ذَاكِرَتِي ... مَرَّت لَيلَـتِي عَلَى هَذَا المِنوَال
بَزَغَ الفَجَـرُ ، وَ طَلَـعَ الصُّبـح وَ أَشرَقَت الشَّمـسُ تُرسِل نُورهَـا إِلَى المَنَـازِل ، أَجُرُّ حَقِيبتِي إِلَى بَابِ الخُرُوج
وَ أُمِّي تَنتَظِرُنِي هُنَـاك ، وَقَفـت مَارِيا تُعَانِقُنِـي
وَ تَتَمَنَّى لِي وَقتـاً مُمتِعَـاً وَ عَودَتِي بِسَلامَة ، وَ لَا وُجُود لِظِلّ أَبِي ، حَتّى ، قَدِمَ أَخِي يُودِّعُنِي وَ أُمِّي
وَ أَنـا لَم أَستَطِع أَن أخطُـو بِخُطوَة خَارِج المَنزِل حَتَّى صَعَدتُ إِلَى غُرفَـةِ أَبِي ، أَدُقّ البَابَ بِهُدُوءٍ
نَبَضَ قَلبِـي بِقُوّة لِسَمَاعِ صَوتِـه خَلفَ البَاب ، يَحُثُّنِي عَلَى الدُّخُول ، فَتَحتُ البَآب وَ خَطَوتُ خُطوَةً وَاحِدَة فَقَط ، أَقِفُ بِتَوتُّرٍ وَ أَتَلعثَـمُ فِي كَلِمَاتِي ، وَ اُشبِكُ أَصَابِعِي فِيمَا بَينَهَا ...
أ ..... أَبِي
فِي الحَقِيقَة ... أَنَا فَقط ، لَقَد ... لَقَد كُنتُ ذَاهِبَة
إِلَى المَطَارِ ، وَ لَم أَستَطِع الذَّهابَ دُونَ رُؤيَتِكـَ 
بَقِيَ مَشغُولٌ بِحَاسُـوبِهِ ، وَ لَم يَتَفَوَّه بِكَلِمَة حَتّىَ أَكمَلتُ كَلَامِي
أَبِي ، أَنَا ... أَنَا فَقَط أُرِيـدُ ، أَنَا أَرِيــدُ ...
رَفَـعَ بَصَرهُ يَنظُرُ إِلَيَّ ، وَ يَقُولُ
مَاذَا تُرِيدِيـن ؟ تَكَلَّمِي بِسُرعَة
خَطَوتُ خُطوَةً أُخرَى أَقُولُ
أُنا أُرِيدُ أَن أُعَانِقُـكَ قَبلَ ذَهَابِي ...
وَقَـفَ باستِقَامَة وَ اتِّزَان وَ أَنَا أَرتَجِفُ مِن رَدَّةِ فِعلِـهِ
لَم يَقُل لَا نَعَم وَ لَا ، وَ أَنَا عَملتُ بِمَقُولَة الصَّمتُ مِن عَلَامَاتِ الرِّضَا ، أَتَقدَّم بِخُطُواتٍ بَطِيئَة نَحــوَهُ أَفتَحُ ذِرَاعَيَّ بِبُـطءٍ ، حَتّى احتَضَنتُـهُ ، انفَجَـرت كـومَةُ أَحَاسِيس بِدَاخِلِـي ، مَلَكـتُ الدُّنيَـا فِي كُلِّ لَحظَةٍ مَرَّت
بالرُّغـمِ مِن أَنَّـهُ لَم يُبَادِلِنِـي العِنَـاق أَبَـداً ، لَكِنِّي وَضَـعتُ رَأسِي بِحُضنِـهِ ، وَ تَسلَّلت رَائِحَتُـهُ إِلَى أَنفِي ،
وَ عُيونِي تَلمَعُ ، لَم أَعرِف هَل أَفـرَحُ لِحُضنِـهِ ؟
أَم أَحزَن لِكسرِهِ قَلبِي ؟ بِكَلِمَـاتِهِ وَ أَفعَالِـهِ ...
لَكِنِّي وَ بالرُّغمِ مِن أَنَّ اللَّحظَة لَم تَكُن صَـادِقَة مِن جِهَتِهِ ، لَكِن تَمَنَّيـتُ أَن يَتَوَقَّـفَ الزَّمَـانُ لِوَهلَـةٍ ، أَطلُبُ مِنـهُ أَن يَرفَـعَ ذِرَاعَيـهِ وَ يُعَـانِقُنِـي ، لَكِنِّي اكتَفَيـتُ بِذَلِكَ القَدرِ وَ فَقَط ... حَرَّرتُـهُ مِن يَدَايَ أَتَنَفَّـسُ بِصُعُوبَـة ، وَ اضطَرَبت أَنفَاسِي لَم أَعرِف الطَّرِيـق الصَّحِيـح إِلى رِئَتَـايَ بِالمَرّه . ابتَسَمتُ وَ خَرَجتُ بِسُرعَةٍ مِن هُنـاكَ أَضَـعُ يَدِي عَلَى يَسَارِي بِجِهَةِ قَلبِي
يَكَـادُ أَن يَخرُجَ مِن مَكَانِهِ ، رَكِبتُ فِي السَّيَـارَة جَنب أُمِّي بِالمَقعَدِ الخَلفِيّ ، وَ قَلبِي لَيسَ مُرتَـاحٌ أَبَداً لِتِلكَ الرِّحلَـة ، لَكِنَّنِي ذَاهِبَـة بِالفِـعل ، مَسَافَةُ الطَّرِيـقِ فَقَط تَفصِلُنـا عَن المَطَارِ حَتّىَ وَصَلَنَـا ، بَعدَ جَولَةٍ رَهِيبَـة مِن الصَّمت بَينِي وَ بَينَ أُمِّي ، نَزَلنَا مِن السَّيارة مُتَّجِهِيـنَ إِلَى بَابِ الدُّخُول ، أَقرَأُ باللَّوحَة مَتَى يَحِينُ مَوعِـدُ رِحلَتنَـا ،
الرِّحلَـة سَتَكُـون بَعدَ سَاعَةٍ ، أَتُرِدِيـنَ شُربَ أَيّ شَيء ؟
نَظَرت إِلَيَّ أُمِّي بَعدَ أَن كَلَّمتُهـا ، وَ قَآلَت :
لَا أُرِيدُ شَيء ، سَأَجلِـسُ هُنَاكَ بِالمَقعَد .
أَنهَت كَلَامُهَـا مُشِيـرةً باصبعهَا إِلَى الكُرسِي ، فَأَومَأتُ لَهَا بِالمُوَافقَة وَضَعـتُ حَقِيبتِي بِجَـانِب حَقِيبَة أُمِّي
وَ جَلَستُ بِجَانِبِهَـا ، أَتَفَحّصُ هَاتِفِي هَل مِن رَسَائِل أَو اتِّصَالاتٍ مِن أَمِيـرَة ، الفَتَاةُ اختَفَـت تَمَاماً ...
رَاسَلتُهَـا أُعلِمُهَـا بِذَهَابِـي إِلَى كُوريَا ، أَنتَظِرُ مِنهَـا الرَّد لَكِنَّهَا لَم تُجِب عَلَى رَسَائِلِي يَبدُو أَنَّها مَشغُولَة مَعَ مَرضَـاهَا ، تَعمَلُ كَطَبِيبة نَفسِيَّة ، لِذَلِك وَضَعتُ الهَاتِفَ جَـانِباً ، حَتّى نَهَضَت مِن الكُرسِي ، وَ سُرعَانَ مَآ نَظَرت إِلَيهَـا أَسأَلُـهَا ،
مَاذَا هُنَاك ؟ هَل أَنتِ بِخَيـر ؟
أَومَأت لِي وَ قَآلَت :
نَعَم أَنا بِخَير ، سَأَذهَبُ إِلَى الحَمَّـامِ وَ أَعُودُ
ذَهَبَت بِالفِعلِ وَ أَنَا أُرَاقِبُـهَا تَبدُو لَيسَت عَلَى مَآ يُرَام
لَكِنِّي أَجهَلُ حَقِيقَةَ الأَمـرِ حَقّاً ، وَ هِيَ تَرفُضُ إِخبَارِي بِأَيِّ شَيءٍ ... حَتّى اختَفَت عَن أَنظَارِي وَ بَقَيتُ أَنتَظِرُهَا حَتّى تَعُـود ...

من اللقاء الثاني حيث تعيش القصص. اكتشف الآن