فَقَدْتُهَا بِسُرْعَه...

4 0 0
                                    

لَيْتَنِي غِبْتُ عَنْ نَاظِرَيْكِ...
🏁🏁🏁🏁🏁🏁🏁🏁🏁🏁🏁🏁🏁🏁🏁🏁🏁
كان صباحا جميلا لكليهما... بل كان وضعا مثاليا لكل من حلم يوما بالوقوع في الحب الصادق مع أحدهم... نعم هي فعلت وأحبته رغم ما تسبب فيه...بعثر كيانها وهدد صحتها... تلك الرجفة بكفيها.. تلك القشعريرة بجسدها... ورغبة الإغماء التي تقطن بنفسها... كلها بسببه.. وكما قلت سابقا... استلقت جميع أسباب كرهه أمامها ولازالت تنكر وجودها... بالعكس... هناك أسباب مجهولة لحبه...
طريقة انتصابه أمام المرآة مغلقا أزرار قميصه الفحمي جذابة... لدرجة مهلكة... وكانت طريقة غلقه لساعته مثالا للمثالية.... كانت تتأمل ظهره بصمود حتى اللحظة التي التف فيها نحوها فخارت قواها... تلك الخصل البندقية التي قصرها لتوه.... مقله الزمردية الحادة والتي حالما تلين حين يبصرها... تلك الشامة أسفل عينه اليسرى والتي فعلا تريد تقبيلها... وشمه.. جسده... ابتسامته... صوته... جميعها تفاصيل سعيدة لامتلاكها....
" أغلقي ثغرك أيتها الروسية... أعلم جيدا أنني وسيم.."
اللعنة فقط على كبريائه وغروره...  اللعنة فقط على اللحظة التي أبصرها فيها تناظره بعشق يسيل من عسليتيها... فليعلم... فليبصر هو راية الحب التي رفعتها البارحة... فليتأمل ذاك العلم الذي رفع أعلى قلعة شيدها بفؤادها...
" وسيم اقترف خطيئة لن تغفرها عائلته يوما...."
واصلت كلماته تضع ساقا على الأخرى جالسة على تلك الأريكة بفستانها الجوزي الجميل.... تناظره بمقل جعل منها الكحل سيوفا ضاربة حادة...
" مغفرة؟؟ كلمة لا معنى لها ولا أصل.. من سيبحث عن المغفرة بعد ارتكاب خطيئة واع عليها؟..."
نبس موقدا نار سيجارته منتقلا خلفها... نعم انتصب كملاك على رأسها يدخن كشيطان لعين يتقمص دور محام نزيه...
" إذن تعترف أنني مجرد خطيئة حلت من بعيد على عظيم أسكانيا لا غير؟؟"
قهقه... نعم قهقه منذ الصباح الباكر... وهي السبب... يال سعادتها
.. يال فرحها بحاله... هي فخورة بما تفعله....
" فلتكوني خطيئتي المثالية إذن... فلا أريد مغفرة إن ارتكبت خطيئة صدف وأن سميت إكاترينا... أو حلت علي لعنة بعيدة من روسية جميلة..."
لما يصيب في اختيار الكلمات التي تنطلق مباشرة نحو الهدف المرغوب دون أدنى انحراف عن المسار المخطط له... لما كل ما يتعلق به يحمل شعار المثالية يطبع عليه اسمه... وسؤال أخير... كيف ستستطيع تخليص نفسها وكرهه يوما؟...
نعم هي تخشاه بقدر ما تخشى الحب ذاته... نعم هي تكره الحب... تراه رمزا للخيانة لا للوفاء... للإستغلال والطمع... هي فقط تربط كل ذكر بحياتها مع والدها فتظهر لها صورة قاتل جبان غبي كما تقول هي.... قد أقسمت يوما أنها لن تحب أبدا... لكنها قطعت حبل القسم حين تطورت الأحداث مع ألماني وسيم.....
سعدت هي بقربه منها... يقف خلفها... عطره يلفحها ودخان السيجارة حولها... أثنى ظهره مطوقا إياها بذراعيه... ثغره لأذنها...
" وجدت نفسي أوافقك الرأي... المغفرة أحيانا خطوة لا فائدة منها..."
صمتت هي وقد فعل هو كذلك... كان مركزا مع كل حرف يصدر من ثغرها بألمانية جميلة لكن ثقيلة... وكادت تكمل هي الحديث حتى رن هاتفه باترا إياها.. لكنه لم يأبه... وكأنه لا يريد أن يشعرها بعدم الراحة... فلتذهب الأعمال للجحيم.. هي بحاجته توا... ولن يسمح لنفسه بالإجابة حتى ترفع هي الراية الخضراء...
" يمكنك الإجابة أولا أدريان..."
مرات قليلة تلك التي تنبس فيها باسمه... وهو يفعل المثل... أومأ بهدوء ثم ابتعد عنها جاعلا من البرودة تسكن ظهرها تلمحه كيف يضع الهاتف على مسامعه فيضيق القميص على ذراعه... لكن فجأة تقلصت عضلات ظهره... قبضة يمناه اشتدت...ولم تستطع هي تمييز المعضلة حتى سمعته ينبس بغضب أعماه...
" من اللعين الذي تجرأ وتمادى مع شقيقتي؟؟؟..."
هي انتصبت فعليا..تعلم أن نبرته لا تنم على خير... ولا كلماته تدل على أن ديلما بأفضل حال... لذلك رمقته بعسليتيها يشد خصلاته نحو الخلف منتظرة منه إخبارها بالأمر... بدت عليه الحيرة.. وللمرة الأولى تراه مرميا بين أحضان الخيبة... لا يدري ماذا يفعل...
" ديلما أصيبت.. وهي بحالة حرجة..."
أبصرها كيف غطت ثغرها المفتوح بيمناها ثم أضاف..
" يجب أن أذهب..."
" سأرافقك..."
أومأ لها أدريان... ثم قاد برفقتها ناحية المستشفى...
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
هناك أمام غرفة العمليات... منتصبة يالينا تجانب ليونيد الذي يكاد يفقد صوابه مما حدث... رمي بمتاهة لا مخرج لها حين التمس جرح ديلما التي سقطت بين أحضانه لا حبا بل ضعفا...هو فعلا أراد منها استرجاع ذكراياتها جميعا.. لكن لم يخيل له يوما أن الموقف سيكون بهذا السوء... للدرجة التي تجعل منه يتجول ذهابا وإيابا ناظرا للفراغ يعنف خصلاته بأنامله...
ليتها لم تسترجع ذاكرتها ... ليتها نسيته للأبد إن كان ألما ومشقة بحياتها... ليتها عاملته كقريب موكل لا غير.. ليتها وليتها... هذا ما يجول بذهنه المكتض...
صوب الجميع - ليونيد، ديفيد، يالينا- أنظارهم ناحية مدخل الرواق حين بدأ صوت طرقات كعوب يدوي... فظهرت السيدة كريتا... والدة ديلما... تركض ركضا تنهمر العبرات من مقلتيها كأنهار جراية... كان موقفا لا يحسد عليه... خصوصا حين اتجه يوهان مباشرة لاكما إياه على وجهه جاعلا من ليونيد يتراجع بضع خطوات للخلف يمسح تلك الدماء التي غادرت شفته السفلية...
'' ماذا تفعل هنا أيها القذر.. ألم أحذرك من الإقتراب من ابنتي؟؟؟"
نبس بغضب شادا على ياقة ليونيد والذي كان على وشك الانفجار لكن الموقف لا يسمح.. تفهم الوضع... فأي والد كان ليقوم بالمثل... رجل له سوابق عدلية تكفي لإدانة الصين كاملة طبعا سيشكل خطرا على ابنته... وهذا أقوى دليل على ذلك... حالة ديلما...
كاد السيد يوهان يلكمه ثانية غير أن ديفيد تدخل في الوقت المناسب.. يالينا تهدئ السيدة كريتا جالسة القرفصاء معها... كان وضعا مخزيا... محزنا... وشرسا حين حل أدريان وإكاترينا بالمكان...
هو كان خائفا.... نعم... عظيم أسكانيا يخشى على شقيقته لدرجة كبيرة... هو الآن يستطيع تهشيم فك كل المتواجدين بالمكان دون أن يرف له جفن... لكنه التبس نوعا غريبا من البرود المخيف... فاقترب منه والده صارخا بغضب وقلة حيلة...
" أخبرتك أن هذا الروسي مجرد عاهر سيجعل من ديلما تعاني لكنك دافعت قائلا أنها ستختار من تشاء...أنظر أين أوصلتنا قراراتك أدريان...".
" هل هي قراراتي أم قراراتك يوهان؟؟"
ببرود شنيع أجابه رافعا حاجبيه داسا كفه بجيب بنطاله.... كان يستطيع لكمه دون أن يخشى شيئا... لكن وللمرة الألف ... الموقف لا يسمح...
والده لم يفهم ما نبس به جيدا أما إكاترينا فشعرت أن الأمور لن تؤول إلى ما هو أحسن فاقتربت ممسكة بذراع زوجها بغية تهدئته... لكنه كثور هائج مسيطر على ذاته بصعوبة نبس كفحيح أفعى...
" أنت من شكلت خطرا بحياتها دون البقية... أنت كنت هاجسها الأول ولا تزال كذلك... تخليت عن دور الأبوة حين تنازلت عن حمل ابنتك في يوم ماطر كنت فيه ثملا... ومن يومها قررت أن أعوضك... أحرقت آمال شابة ورميا ورقة ملئت بطفولة فتاة صغيرة... أنت السبب في كل ما صار يوهان.. لا أحد غيرك..."
" أدريااان......."
كاد يتمادى والده حتى غادر طاقم الأطباء غرفة العمليات... فانهالوا عليه... ولعل أدريان كان بالمقدمة... انتصبت السيدة كريتا و يوهان سيطر عليه خوف غريب... لكن الصدمة كانت حين نبس الطبيب نازعا الكمامة..
'' المريضة عانت من نزيف حاد... تضررت الكلى بسبب الطعنة العميقة... ولم نستطع إنقاذها... لذا البقية بعمركم..."
حل الصمت بالمكان لثوان بعد ما نبس به... غادر هو... صرخت السيدة كريتا.... يالينا تحاول تهدئتها... إكاترينا تذرف عبراتها مجانبة زوجها...  زوجها الذي عانى من صدمة في اللحظات الأولى... عادت لشرار بزمرديتين تصرخان بالجرائم... ثم ليونيد... ليونيد من صفعه القدر مرارا... ليونيد من لكم الجدار خلفه بقوة... كان يشد خصلاته الذهبية للخلف بصدمة حتى انتصب أمامه أدريان نابسا ببرود ورجولة وكأن ما حدث ليس مقتل شقيقته...
" فلنسمح لتلك الغرائز الشنيعة بالخروج... ديلما تستحق أن نصبح وحوشا لأجلها... فلننتقم ونجعل ذاك اللعين يرتشف من إكسير الندم..."
ليس الغريب في كون محام يدعو مجرما للرذيلة بينما يفترض أن يكون العكس... بل الغريب في كونه يعقد صفقة شفهية مع أحدهم... أحدهم من المحتمل أن يكون متسببا في مقتلها.. أهو اختبار منه؟ نعم... أدريان يختبر  ليونيد.. نظراته توحي بذلك... نعم هو يفعل...
أومأ له ليونيد بهدوء .. وجه أدريان أنظاره ناحية صديقه بعد أن أخرج سيجارة واضعا إياها بين شفتيه ثم نبس بهدوء...
" محكمة برلين... محامي المدعي... أريده هناك...."
ثلاث عبارات ثنائية الكلمات سمحت لديفيد أن يفهم ما ينبس به صديقه....  يطلب منه أن يجر محامي المدعي جرا ناحية إحدى الأماكن السرية التي اعتادوا فيها على التعامل بلطف مع كل شخص لا ينال استحسان ديلما... إذن فالمكان خصص لها...
غادر ديفيد... خلفه ليونيد رفقة أدريان... غادرا الجناح ثم المستشفى وهاهم بالحديقة الأمامية يقفان أمام بعضهما البعض...
" أشك بالكثير..."
نبس أدريان نافثا دخان سيجارته بعيدا....بعد أن عرض إحداها على ليونيد والذي أخذ يدخن كذلك برفقته... وكأنه نخب شراكة جديدة...
" وأنا على رأس القائمة..."
نبس مجيبا إياها رافعا بعض الخصلات الذهبية التي تسللت متمددة على جبينه ليلي حديثه صمتا لم يدم طويلا ... أمال أدريان رأسه ينتظر تفسيرا من الروسي أمامه... والذي أخذ يضيف نابسا بذكاء وحنكة...
" هدوؤك... عدم لومي... الدفاع عني بالمقابل... وأخيرا..."
صمت لوهلة ثم أضاف أدريان بداله...
" صفقة شفهية غير مرغوب فيها..."
ابتسم ليونيد بهدوء تأييدا لما قاله ثم أضاف...
" تسعى لكسب ثقتي وخلق شراكة بيننا كي يسهل عليك التعامل مع ما يحدث معي..."
ثم ابتسم أدريان بالمقابل...نوى المغادرة لكن قبل أن يفعل شخص ما لغى باسمه... ولم تكن سوى إكاترينا من حلت بالمكان..
'' سأسبقك للموقع..."
نبس ليونيد مغادرا بينما إكاترينا فاقتربت من زوجها نابسة ببرود وشدة وحلة قوة...
" إياك أن تسيء لنفسك.... ليس بعد أن صرت مريضة مهووسة بوسيم لعين..."
" ليست معركة أغادرها مستسلما أو منهزما... فقط سأكون مغطى بدماء ليست لي..."
" أراهن أنها ستجعلك مثيرا حد الجحيم..."
ثم ابتسمت وفعل هو ثم غادر المكان ناحية سيارته يقود للمحكمة.. للمقر الذي صار مسرح جريمة سينتشل فيها محام ثوب النزاهة ويضع رداء شيطان موحش....
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
" اللعين تخطى جميع كاميرات المراقبة..."
نبس ليونيد يضرب بقبضة شديدة الطاولة أين يجتمع رجال الشرطة.. هو و أدريان أمام شاشات تعرض ما حدث خلال تلك اللحظة...
"أريد رؤية ما حدث خلال المحاكمة..."
نبس أدريان ببرود داسا كفيه بجيوب بنطاله...
" لكن.. لكنها تبقى سرية..."
" فلترني إياها... ليس وكأنني أرغب برؤية مؤخرة القاضي...."
أجابه خانقا إياه ليلبي المعني الطلب بخوف شديد...
هناك... بركن القاعة.. بآخر مقعد..أحدهم يرتدي الأسود كليا... مخفضا رأسه يتلاعب بشيء بين يديه أسفلا... سماعة بأذنه اليسرى...يتمتم بكلمات غريبة... يبتسم ابتسامة مريبة... بالضبط سيكون هو...
" أريد لحظة القتل..."
ولبى المعني الأمر مرة أخرى... ضيق أدريان مقلتيه مركزا مع الشخص... لكن هناك تغير بالألوان... من تعدى على ديلما كان يرتدي رماديا غامقا...  لكنه نفس الهاتف...
" أدريان... وجدنا هاتفا مرميا أمام المحكمة..."
نبس ليونيد مانحا الهاتف لأدريان الذي تفحصه ثم ابتسم وكأنه اقترب من الهدف المرغوب...
" لقطات الكاميرا المثبتة سرا بحمام النساء... أريدها فورا....''
" لكن.. سيدي... مامن شيء كهذا..."
" شغلها فورا... وإلا هشمت فكك أيها الأحمق..."
هو كان يهدده علنا دون أن يهتز... ليس وكان القانون كملاك على كتفيه... هو القانون بذاته...
نعم إنه هو... هو القاتل... خطة غبية من شخص أغبى... ومن المستحيل أن يكون ألمانيا نظرا لغياب الاحترافية بجريمة كهذه..
استدار أدريان تجاه ليونيد نابسا...
" كم من الوقت تستغرق لفتح الهاتف؟"
" دقائق لا غير..."
" إذن حان دورك... سأمنحك الدقائق التالية..."
منح أدريان الهاتف للأشقر أمامه... والذي أخذ يضغط على أزرار عديدة بحاسوبه المحمول ثم بالهاتف... دقائق قليلة تقارب الخمس.. وكان الهاتف جاهزا... فتح ليونيد واجهة الاتصالات وكان هناك رقم وحيد... أي أن القاتل عميل... لكن لحظة.... لا يزال القاتل مرتد السماعات المرتبطة بالهاتف... حلت القضية بسهولة بالغة...
" تتبع موقعه ليونيد.... سنذهب بسيارتي..."
ثم غادرا معا... امتطيا السيارة وهو يقود جنونية...
" ميناء هامبورغ... هو على وشك الهرب..."
" ستنافسني وحشية ما دمت بريئا من مقتلها..."
" لك ذلك عظيم أسكانيا....."
🏁🏁🏁🏁🏁🏁🏁🏁🏁🏁🏁🏁🏁🏁🏁🏁🏁🏁🏁🏁🏁🏁🏁🏁🏁🏁🏁🏁🏁🏁🏁🏁🏁🏁🏁🏁🏁🏁🏁🏁🏁🏁🏁🏁🏁🏁
🪐 مرحبا جميلاتي 🙌🏻 فصل الليلة صدمة حرفية...
🪐 كيف وجدتم الحب بينهما... طبعا حب بتر بمقتل ديلما...
🪐 سأكون مسرورة إن شاركتموني الجزء المفضل من الفصل...
🪐 لا تنسوا إخواننا بفلسطين... تذكروهم بالدعاء...
🪐 أحبكم





بَيْنَ أَحْضَانِ الْقَانُونِ ⚖️حيث تعيش القصص. اكتشف الآن