أرحل

35 1 6
                                    


بعد مرور بضع ساعات ،في المكان ذاته ، مازال جميع السواح متعجبين  في الطبيعة الخلابة ، المصاحبة  للبنايات الأثرية القديمة ، قرر الاثنان ان يعودا ادراجهما إلى المنزل ،حتى رأى سيف شيء غريب في الارض كأنها تقنية حديثة مختلفة لم يشهدها من قبل، تقرب منها كانت أشبه بتلفاز قديم معطل ،من المعروف ان سيف يحب أستكشاف الالات والخردة القديمة ،فتقرب اكثر واستشعرها، تلمسها لكي يرى ان كانت تعمل او لا ،لاحظها الاسمراني ايضاً وسأل سيف
-ماهذه ياسيف
-لا اعلم البتة  لم اشهد مثل هذا الشيء من قبل انه ليس تلفاز ولا حتى كاميرا

شعر الاسمراني بالملل الشديد من مكوثهم في المكان ذاته لبضع دقائق لتفحص تلك الخردة ،قال لسيف وهو مستاء
-لنعد أدراجنا الوقت قد تأخرإنسى الأمر
-انت محق هيّا لنعود
واصلا الاثنين طريقهما إلى المنزل حتى ظهر الشخص الذي يرتدي النظارة  الشمسية ،حاملاً  قطة  سوداء صغيرة  بين ذراعيه ، قال لهما
-مرحبا
تفاجئ سيف مندهشاً ، -إنه نفس الشخص الذي رآه قبل بضع ساعات، لم يكن يتخيل أو ما شابه ، إنه حقيقي! ، رد عليه  مذهولاً قليلاً
-اهلاً، الم تكن هناك؟
-أين ؟
-في المكان القريب من الغابة
رد عليه مع ابتسامة صغيرة وهو يخلع نظارته الشمسية
ويمد يديه للسلام
-نعم لقد كنت هناك ،أنا أحمد مسؤول عن احد معارض السيارات في مدينة أربيل لست من هنا ،اتيت لأقضي عطلتي بأستكشاف المكان مثلكم
لم يرتح له سيف البتة وحتى أنه  لم يمد يديه لرد السلام
لا يعلم عن سبب ذلك ،لكنه شعر بشعور سيئ حياله
،إلا ان قاطعهما الاسمراني كالعادة ومد يديه للسلام عليه
-تشرفنا ،واني علي اعمل كمهرج لعائلتي بدون اجرة !
ضحكا الاثنان ورد عليه احمد
-تشرفنا أيها المهرج
لكن علي ليس بشخص بريئ لتلك الدرجة ،طرح عليه سؤال قائلاً
-لما قررت أن تقضي عطلتك في الموصل؟
عُقِد حاجبي احمد وتسأئل لما يسأل مثل هذا السؤال الان ،
حتى تنهد وأجابه
-لا اعلم لم ازر هذه المدينة من قبل ، فقررت ان افعل هذا الان
رد عليه الاسمراني
-حسناً اذا اتمنى أن تستمتع بوقتك
حتى تركهما وذهب
قال علي لسيف بعد ان غادرهما
-أضنه شخصاً مثير للاهتمام قليلاً
-لا اعلم لما شعرت بشعور سيء حياله لذا لا تسألني
-يارجل أنك تبالغ كثيراً، يبدو كشخصاً جيد بالنسبة الي والان أنسى الأمر دعنا نستمتع بعطلتنا نحن ايضاً
دقائق وسمعا الاثنين صوت صراخ
-النجدة !النجدة أنقذوني
تسارعت ضربات قلب علي وأرعبه الصوت حتى ارتفع اكثر فتصبب جبينه عرقاً
-ماذا يحدث ياسيف أين مصدر الصوت
-لا اعلم أين ،لا تكن جبان مابالك
ضل الاثنان يبحثان عن مصدر الصوت حتى إذ رأيا فتاة مرتدية تنورة بيضاء عريضة جدا وملطخة ببقع حمراء ، متربة قليلا مع تيشرت مرسوم عليه صورة لأحدى شخصيات الرسوم المتحركة اليابانية واضعة شعرها على عينها مع تحركات غريبة وكأنها احد الأموات الأحياء!
تجري خلف الفتاة التي رأوها قرب الغابات التي كان لها اخت توأم لكنها بمفردها ،صدما الاثنان مما رأوه حتى فزع علي وصرخ
-انها زومبي ،انها زومبي لقد قلت لك هذا المكان ملعون يارجل
أبعده سيف وهو مستاء وقال له

-انا الذي قلت ان المكان ملعون، لا تكن جبان إنها مجرد فتاة تقلد الاموات الاحياء و تلهو ايها الاحمق

نظر علي عليها حتى أبعدت خصلتاي مقدمة شعرها الزهريتنا عن عيناه وابتسمت ابتسامة خفيفة في وجههما
وقالت:
-اذن لقد التقينا مجدداً
مسح علي عرق جبينه وتظاهر بأنه لم يكن مرتعب حتى تحدث بكل ثقة
-انتِ السائحة البغدادية من المقهى ،لقد علمت بأنكِ مختلة هذه التصرفات للأطفال فقط ! ،أيًّ يكن لقد كان ادائك مدهشاً ،رائعة جداً
-ضحكت ضحكة خفيفة وقالت
-شكراً على الإطراء ، أنا ماريتا طالبة في كلية الفنون في قسم التمثيل لهذا اقتبس مثل تلك الشخصيات وأضيفها لشخصيتي ،فإن هذه الأمور البسيطة التي افعلها تزيد من إبداعي في مجالي .
رد عليها الاسمراني قائلاً
-مدهش لقد احببت ذلك ،انتِ أبرع ممثلة قد قابلتها في حياتي كلها ،علماً أنني لم أقابل ممثلة من قبل -ضحكة ساخرة -، اهلاً وسهلاً بك ،أنا علي الأروع بالعالم
ردت عليها مع ابتسامة طفيفة مما يقوله ثم إجابته :
-أنا ماريتا وهذه صديقتي شهلاء
شهلاء الفتاة الحنطية التي لم تكن تثبت أبداً في مكانها كانت كثيراً الحركة جداً قالت لهم :
-لم تكن ماريتا صديقتي من قبل لقد تعرفت عليها قبل ساعة من الان وأصبحنا صديقاتان مقربتان
نظر سيف اليهم كيف هؤلاء الثلاثة انسجموا وانغمسوا بالحديث وهم مستمتعين وقال في ذهنه
(اتمنى لو أنني أملك موهبة الانسجام بتلك السرعة لحلت مشاكلي جميعها...)
-مابك شارد ياسيف
سيف وهو يحرك نظارته قليلاً
-لا لا شيء إطلاقاً لكن هلا عدنا إلى المنزل لأني متعب جداً
-مابك يارجل،لقد غيرت رأيي  لا أرغب بالعودة إطلاقاً اريد ان أستمتع ،ان المكان هنا يزداد وفوداً ليلاً ،وزيادة عدد الناس تليق بي ،  فإنها فرصتهم للتعرف على علي الشاب الذي يطمح الجميع أن يكون مثله.
-أتعلم انت مزعج سوف أواصل العودة بمفردي
ابتعد عنهم بخطوات قليلة  منزعجاً مما يفعله علي ،فإنهما اتفقا على ان يعودا مبكراً ،مشى اكثر وأكثر حتى ابتعد كلياً عن المكان
(ماذا أين أنا ،هل يعقل أنني ضللت طريقي  ،تباً أنا لا اعرف اي طريق يجب ان اسلك)
حتى وجد فتى  يتحدث بصوتً رجيف مع نفسه ،تقرب منه اكثر لكي يرى ماذا يجري له وبأي الكلمات هو متمتمُ
تنهد شاحب العينين وقال له
-هل انت مجنون!
دهش الفتى  صاحب النظارة  الطبية مع ملامح مائلة  لللاسوية كان طويل القامة ،ببشرة خمرية اللون مرتدياً معطف المختبر الخاص بأحد التخصصات الكيميائية مع سروال اسود ، جاثماً نفسه على الارض قال وهو يصرخ على سيف:
-أرحل ،أرحل
سيف بنظرة متعجبة
-أرحل لماذا ؟، ماذا يوجد خلف ظهرك ابتعد قليلاً لكي أر..

قاطع كلامه غريب الأطوار ذاك وهو يصرخ ويقول :
-لا ،لا شيء هنا يخصك
دفعه سيف بقوة لكي يرى ،حتى نظر إلى المكان ،كان خلفه مجرد أسلاك كهربائية مشتعلة بالنيران
-من احرق هذه الأسلاك ؟ولماذا عساه ان يفعل ذلك ياترى
-أنا أحرقتها ،لا تعلم شيء كل ماتراه في هذه المدينة هو خدعة كبيرة
صعق سيف مما قاله العالم المخبول ذاك وتفاجئ من كلامه ماذا يقصد بذلك
جاوبه وهو عاقجاً حاجبيه بنظرة غاضبة
-ماذا تقصد ياهذا
-إذا كنت تريد ان تتخلص من هذه الدوامة حاول الخروج من الموصل بأسرع وقت ،او بالأحرى الخروج من العراق بأكمله ،هذا ان استطعت !

عُجب شاحب العينين من كلامه ،ومن وجود الأسلاك والتقنيّات الكهربائية المعطلة في كل مكان ،لكنه  لم يتفاجئ كثير فمنذ وصوله إلى أرض الرافدين وهو تراوده تلك العجائب مما ادى الى ذهوله بكل شيء يراه او كلام يسمعه ، لكنه يريد تفسيراً واحداً لما يحدث له كل هذه الفترة ، لم يكن يعلم  بإنه لم يحدث له شيء حتى الان  .....

غابات الموصل حيث تعيش القصص. اكتشف الآن