كُنت دائمًا أُحب سكون الماء، صوت طائر النورس مع سُكونها يبث بداخلي الأطمئنان، بجانبي أبي أمام بُحيرة صغيرة يحدثني عن طفولتهُ السعيدة يعلمني من أخطاء ماضيه، كُنت أبتسم له دون فهم لكن كُلما شبت تذكرت حديثهُ و حكمتهُ الأن أنا أمام البُحيرة الصغيرة يلاحقني صوت طائر النورس أنه المكان الأكثر سكونً حتى في أقصى ازدحام في المدينة، أدركت الأن أن الأطمئنان مصدره ليس السكون كان فقيدي العزيز
"أبي"
أمتلئت الورقة بدموعها، أغلقت دفترها بعد أن دونت هذه العبارات أخذت شهيقً بهدوء جففت دموعها نظرت للبُحيرة نظرة طويلة: هيوحشني حضنك يا بابا.
جمعت متعلقتها وجهت ظهرها للبُحيرة لكنها ألتفت مرة أُخرى ألقت نظرة على مكان مجلسها هي و أبيها مسبقًا تنهدت بحرقة ثم غادرت بملامح باهتة.
•♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡•
دلف إلى ممرات المستشفى بهدوء عكس ما بداخله
- لو سمحتي "نادر يوسف السيوفي" غرفة رقم كام؟
-ثواني يا فندم
مررت أبهامها على دفترها تبحث عن الأسم: غرفة ٣٠٩ يا فندم الدور الخامس.
صعد بهدوء طرقَ على الغرفة عدة مرات أتى صوت صديقه يسمح له بالدخول.
دلف بهدوء، لكنهُ ظهر الحزن عليه عندما رأى والد مصاب بالفعل
ظهر التوتر عليه من نظرات صديقه نظر "طه" "لحسن" كأن يقول
"أُقسم بأنني بريئًُ من ذنب أبي"
أخفض عينه من عين صديقه في الأرض من شدة حرجهُ
نهض حسن بأبتسامة باهتة ليقف أمام صديقه وقبل أن يتحدث نَزع نادر جهاز التنفس الصناعي: تعالى يا طه متُقفش عندك مُحرج كدة.. تعالى يا حبيبي الذنب ذنب أبوك مش ذنبك.
قال حديثه بتقطع وأرهاق
تخطى "طه" صديقه دون أن ينظر له جلس أمام "نادر" خافضًا
رأسهُ
- مُحرج من إيه يا "طه" هي دي أول عمايل "باهر الحُسيني"
نظر لصديقهُ بأبتسامة باهته: لا مش أولها يا "حسن"، و مش آخرها.. مش مستغرب منه حركة زي دي واحد قتل أخوه مش هيحاول يقتل صاحب عمرهُ؟
تنهد نادر بمرارة: الحلو في كلامك يا" طه" إنك عارف أن ده مش آخرها.
جلس "حسن" بجوار صديقهُ ربت على كتفهُ بألم: مش عاوز أشوف الكسرة إلي في عينك دي يا صحبي..أنا عمري ماهخدك بذنب حد، أنا لو خسرت الدنيا دي كلها عمري ما هخسرك يا "طه"، ده إنتَ الدنيا يا صحبي.
نظر له بأمتنان، عانقهُ" طه" بأخوة عجز عن الكلام لم يستطيع يُعبر عن مشاعرُ كعادتهُ.
ابتسمَ "نادر" لكنهُ تكلم بجدية يُحثهم على الأستماع: إسمعوني بقا كدة و شغلو دماغكم معايا عشان نعرف نتعامل مع "باهر" في الي جاي.
أنتباه له كلايهما و بداء في قص عليهما ما يُرد أخبرهما به.
•♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡•
جالسة "دهب" منذ نصف ساعة من أستيقاظها برافقة أبنتها الصغيرة التي توهمها أن شقيقتها نائمة لكنها تكلمت بشك: فين أُختك يا شمس، إنتِ عاملة تجبيني و تدوديني شوية نايمة و شوية بتعمل meeting أونلاين عشان بتقدم على شُغل ليها!، وبعدين شُغل إيه دلوقتي يا أم شُغل إنتِ و هي ده وقته؟.. أوعي كدة يا بت إنتِ أنا هدخل أشوفت بتهبب إيه المخفية دي.
أتنفضت "شمس" بزعر محاولة لمنع والدتها: يا ماما متعطليهاش دي....
قاطع حديثهن دلوف "ليلى" من ممر الغُرف و المطبخ
(الطُرقة يعني)
تنهدت "شمس" براحة لتتحدث ببسمة لوالدتها: أهي خرجت أهي يا ست الكُل
أستدارت مواجهة حديثها لشقيقتها: أخيرًا خلصتي يا "ليلى" دي ماما شوية و كانت هتدخل في الفديو كول معاكي بتاع ال meeting ده.
ألقت نظرة على كلتِهما بحزن دون حديث فقط اومات برأسها بهدوء و قبل أن تدلف لغرفتها أوقفها حديث والدتها: و إنتِ يا "ليلى" كنتِ بتعملي meeting بتشيرت البيجامة و بنطلون جينز؟!
طب على الأقل اعكسي تبقا مفهومة.
لم تكترث "ليلى" لوالدتها اكتفت فقط بأن تقول: انا خرجت عشان اطمنك أن أنا مهربتش بس.
دلفت لغرفتها بهدوء لكن والدتها كانت لاحظت شحوب بشرتِها و آثار الدموع على وجهها و علامات الحزن عليها
دلفت خلفها في هدوء عكس عادتها جلست بجانبها على الفراش: مالك يا "ليلى"، للدرجة دي زعلانة عشان قولتلك متكلميش بابا.. أنا كنت عاوزة هو الي يكلمنا و يرجع بيته و يبعد عن الي هو فيه.. حتى شوفتي مهانش عليه يتصل حتى يطمن عليكو أنتو، بلاش انا.. هانت عليه العشرة.
انهارت"ليلى" و زاد بُكاءُها بُحرقة أندهشت والدتها فرتبت على شعرها بخفة: استهدي بالله يا "ليلى".. خلاص يا ستي لو إنتِ حابة تكلميه أو ترحيله روحي مش همنعك منه و لا إنتِ و لا اُختك، بس اهدي و متعيطيش حقك عليا انا.
ارتفع صوت بُكاءُها و شهقتِها و تكلمت بتقطع بعد أن احتضنت والدتها: يارت.. والله يارت، يارت اعرف احضنه تاني.
اتنفضت والدتها برعب: تاني! تاني اي.. قومي يا بت نروح لابوكي و احُضني براحتك قومي... حسه في الدنيا يا" ليلى" متقوليش كده مش معنى أننا زعلانين منه تعتبريه مش موجود.
انكمشت ملامح "ليلى" تنهدت بحرقة: لا يا ماما بابا مش عاوزنا تاني، بابا عاوز يعيش حياته بعيد عننا(بتحاول تكرهَ امها في الفكرة عشان متعرفش الخبر بالطريقة دي)
انهت حديثها ووجهت وجهها بالجهة الأُخرة.
"دهب": مين قالك الكلام ده هو إنتِ كلمتيه؟
" ليلى" بأنفعال مصتنع: لا مكلمتهوش و مش هكلمه..بس معنها إيه أنه يسبنا من غير ما حتى يطمن علينا و يشوفنا عايشين ازاي.
ضمتها والدتها بحزن: ربنا يهديه يا "ليلى".. ارتاحي إنتِ شكلك تعبانة و أنا هروح أعمل الاكل.
تنهدت بأرهاق و أومات لها بصمت خرجت والدتها لتجهز الطعام بينما دلفت" شمس" بحماس قفزت جمب شقيقتها على الفراش ببسمة واسعة: ها قوليلي بابا عامل إيه... سأل عليا صح؟، وقال إني وحشته؟ كان تعبان مقدرش يكلمنا؟ بياكل كويس و صحته كويسة و لاَ هامل في نفسه و مش بياخد علاجه؟
ما تردي يا "ليلى" و بعدين مالك من ساعة ما دخلتي و إنتِ باين عليكي معيطة.. أنا أفتكرت عشان ماما متشكش.. يا بنتي ما تردي هو انا بكلم نفسي.
كانت تنظر لها ليلى دون رد تحاول بكل جهد أن تمنع دموعها من النزول
- مالك يا "ليلى" في إيه؟
تكلمت بصوتً مكتوم: بابا.. بابا مكنش موجود يا "شمس" تقريبًا في مشوار، مرة تانية هبقا اروح أشوفه.. متقوليش لماما حاجة و لاَ تجيبي سيرة أن أنا خرجت.
أقتربت منها "شمس": أكيد مش هقولها.. وبعدين بقا يعني يوم ما تُخرجي تشوفيه يكون مش في البيت.
قفلت عينيها بمرارة: النصيب بقا.
وكزتها بخفة و هي تقول: إنتِ دخلتي ازاي يا بت الاوضة ده أنا قولت هتقوليلي افتحلك؟...و بعدين بدل دا تغيري التشيرت كنتي غيرتي البنطلون
_ ملحقتش.. دخلت من المطبخ سمعتك بتقوللها"ليلى" معاها مكلمة شغل دخلت الاوضة اغير عشان أخرج سمعتها داخلة عليا فا خرجت بسرعة.
ضحكت "شمس" بخفة: دماغ برضه.. مع إني مش عارفة شايلة طاجن ستك ليه بس أسيبك أنا تنامي شوية عقبال ما أمك تعمل الأكل.
أومات لها بهدوء: صح أنا جبت حاجات لينا من هناك هدوم و جبت ليكي كُتبك و حاجاتك كلها.. ذاكري يا "شمس" امتحاناتك قربت خلاص.
قبلت وجنتها بسعادة: تسلميلي يا "لي لي" أنا فعلًا كنت محتاجهم؛ يلا نامي.
_ سبيني أنام يا "شمس" متصحنيش أكل أنا مش جعانة.
خرجت "شمس" بينما "ليلى" وضعت رأسها على الوسادة فاقدة لذة الحياة كانت تفكر في طريقة أن تقول بها خبر وفاة أبيها فهي قررت أن لن تقول شيء لأن والدتها مريضة القلب وقد تصاب وخصوصًا شقيقتها بسبب تعلُقها بأبيها كانت تنزل دموعها بغزارة و تلعن غباءها أنها كيف نست أن تسأل ذلك الغريب عن مكان دفن أبيها لحظة و من هذا الغريب؟! كانت تحاول تتذكر ملامحه فهي من حزنها لم تدقق في ملامحه كانت تدور عدة أسالة في رأسها من هذا؟
من أين يعرف أبي؟
موقع مدفن أبي؟
كيف توفاه؟
ما علاقة موته بهذا الغريب؟
كيف تخبر عائلتها؟
بداخل عقلها حسِمت أمرها و قررت أن تذهب بهم إلى مسقط رأسهم القديم و تخبرهم
وسط تفكيرها الكثير ذهبت في ثيات عميق تتمنى أن يصبح كل هذا مُجرد كوابس.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ•♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡•
أنت تقرأ
في السر والخفاء
General Fictionبلغني أيها الملك السعيد ذو الرأي الرشيد أن هناك حياة يعيشها أشخاص في مدينتنا لكن لم نعرف شيء عن تلك الأشخاص يوجد قصص عديدة لم نؤمن بها ألاَ أذا رأينا. تعودنا يا عزيزي القرئ ان تكون الرواية يوجد بها البطل والبطلة تسير بهم الحياه الي من الصعب إلى السه...