(9) داء

103 11 1
                                    

_عائلتي لا تعلم بأمر الحادثة ولا عقد القرآن يا يوسف.

جملةٌ أضحت بعقله ككوب القهوة الذي يشربه، مُنبهاً لجوارحه، لم يتصور أبداً أن لها عائلة سوى أخيها، وهي التي لم تحكِ له قط عن حياتها فيما سبق!

تلك الجملة أودت بعقله حقا! ظلّ يتفكر فيما قد يقول، وها هو يُحرك شفتيه يبتغي إخراج الكلمات ولكنه لا يفعل!

أحقا؟ أحقا مقالكِ يا فتنة؟ لكِ عائلة وتخبرينني الآن، كم كنتُ مُغفلا جهولا!

ابتسم بسخرية يُحدجها بنظراته قائلاً:
_أية عائلةٍ تلك يا فتنة؟! أليس قاسم عائلتكِ؟

أومأت برأسها نافيةً، قالت بتوتر؛ فهي تخشاه:
_لا، قاسم جزء من عائلتي وفقط، أما باقي العائلة؛ ففي مصر يستقرون.

أومأ يشيح برأسه عنها ويضع يده على فمه يشدد بضغط أسنانه عليها حتى لا يتهور ويغضب على فتنة، ينظر للنافذة بحاجبين معقودين بغضب جلي، وضعت يدها تُلامس كتفه بقلق:
_يوسف! أعتذر لأنني لم أخبرك سابقاً، ولكن الوضع كما تعلم لم يسمح بقول شيء، مرّت الإجراءات على عجلة دون أي توضيحات بسبب…بسبب الحادث.

زفر بضيق وهو يكظم غيظه، قال لها بسخرية غاضبة:
_بحق الله؟ ولم تجدي سوى الآن وتخبريني؟ قد كنتُ أخطط للذهاب لأخيكِ ونحدد موعد الرفاف قريبا، ولكن…بما أن هناك عائلة؛ فلربما نحتاج شهوراً! ولكن…إن علموا بأمر الحادثة…

رفع أنظاره إليها بشرود يقول:
_سيرفضونني يا فتنة.

نَفَت بقولها المُؤكِّد:
_يوسف، نحن لن نخبرهم بالأمر! ولا حتى بعقد القرآن، سنخبرهم أن هناك طالبٌ بالزواج لي ويريد المجيء برسمية وفقط.

رفع حاجبه يستهزء بكلامها:
_حقا عزيزتي؟ وإن وافقوا سنعقد القرآن مجددا؟!

تشوشت مقلتاها بحيرة، تنهدت بيأس بعد دقائق من الصمت تقول:
_سيتوجب علي إخبار أبي.

راقب انفعالاتها، هي بالفعل خائفة ومتوترة، أمسك يدها يشدد من إمساكه؛ كي تشعر بالأمان، ابتسمت له، قال لها بهدوء:
_ما دُمنا سويا؛ فما يقلقكِ؟!

لمعت عيناها تهدد بنزول عبَراتها، قالت له تدعي الثبات والهدوء:
_لا شيء يوسف، أنا فقط…

أبعدت عينيها عنه؛ كي لا يرى دموعها التي تمردت، شدد من مسكته وأجبرها أن تنظر له، تمعن في وجهها؛ فإذا بدمعات تساقطت على وجنتيها آبية الوقوف، مسحها بحنان بكفّه، قال لها:
_فتنة، لا يقلقنكِ شيء، إن كان في نهاية حبي لكِ بقاؤكِ معي؛ فإنني سأتحمل أي شيء من أجلكِ، حتى لو اضطررت أن أخبر عائلتكِ كافة بأمر الحادث وأنني هو المخطئ، أريدكِ فقط جواري.

ابتسمت بخجل وتوتر من قُربه، أومأت برأسها دون التفوه بكلمة، هي تعلم أنها إذا تلفظت حرفا؛ فستضيع أجواء الحب والجدية من حديثهما، وهي رُغم أنها تخجل من حديثه إلا أنه يروقها.

مَوطِنُ رِيموندَاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن