"شعور لايقال وإذا قيل لايفهم"
....................................
في ذلك الصباح المشرق كانت الشمس تظهر بوضوح ساطع متسللة عبر الأفق وتغمر المدينة بنور دافئ مذهب، السماء الزرقاء الصافية تنعكس على نوافذ البيوت فتبدو كأنها لوحات من الزجاج المزخرف بالألوان الذهبية، بعض الطيور الصغيرة كانت تغرد بألحانها العذبة هنا وهناك كأنها تنثر سحرها على جوانب الشوارع الهادئة وتُكمل سيمفونية الطبيعة التي تملأ الأجواء.
باريس، تلك المدينة التي تعشق الحياة كانت ترقد في ذلك الصباح بسكون غامض وكأنها تستمتع بصمتها الجميل متجاهلة ضجيج الحياة اليومية.
الجسور العريقة، التي كانت تشهد على تاريخها العميق بدت كأنها تحضن نهر السين بحنو وتمنحه لمسة من الجمال الخفي، الشوارع الضيقة التي كانت تحتضن ذكريات الحب والحنين تلوح كأنها تسير بخطى بطيئة تحترم سكون الصباح وتمنح المارة شعوراً بالسلام الداخلي.
كانت الحديقة القريبة من النهر تكتسي بلون الزهور التي بدأت تتفتح مُحملة برائحة العشب الطازج التي تعانق أنوف المارة بنعومة، الأرصفة كانت ترتدي أثوابها القديمة حيث تتناثر على جوانبها أوراق الشجر المتساقطة التي تعطي الأرض لمسة من البهجة، كل تفاصيل المدينة كانت تتناغم في انسجام تام لتُشكل لوحة فنية رائعة، تعكس جمال وروعة باريس في ذلك الصباح المشرق.
.............
"جوليان، ألم أخبرك ألا تقوم بإزعاجي مجددًا؟"
نبس ريناتو وهو يمسح وجهه بالمنشفة، كان عاري الصدر، تظهر عضلاته المثيرة بوضوح، وشعره مبلل دليل على استحمامه، كان المنظر وكأنه لوحة فنية تتجسد أمام العينين تتناغم فيها قطرات الماء المنسابة على جلده البرونزي مع ضوء الصباح الذي يخترق زجاج النوافذ مبرزًا تفاصيل جسده المتناسق.
"توقف عن منادتي بذلك الاسم الأنثوي وسأتوقف عن مضايقتك، رين."
أردف ذلك الذي يجلس قرب الشرفة يحمل جريدة يحتسي فنجان قهوة، كان يرتدي ملابس كلاسيكية تليق بذوقه الرفيع، ويضع رجلاً فوق رجل، في مشهد ينبض بالأناقة الهادئة.
تقدم ريناتو من ناحيته بخطوات واثقة وخطف السيجارة التي كان يدخنها الآخر بمهارة ثم اتكأ على الشرفة يطل على الطرقات والنوافذ القريبة منه بدت باريس في تلك اللحظة وكأنها تستيقظ على وقع خطواته، حيث الأفق الأزرق ينحني ليبارك هذا الصباح.
بعد صمت طويل نطق جوليان بنبرة هادئة، متأملاً ريناتو
"إذن، ما الذي حدث معك في آخر مهمة؟"
أجابه ريناتو بعدم اهتمام
"إن كنت تقصد قضية اغتيال السيدة بيرلا لورانس فقد تمت."
أنت تقرأ
قَلب دَامٍ
Bí ẩn / Giật gânنيريس لوران، الكاتبة الفرنسية الشهيرة التي كانت تُلهم العالم بكُتُبها المجنونة التي تغوص في أعماق الجرائم والجثث بطريقة دموية وسوداوية لا مثيل لها، كانت عيون الجميع تنجذب إلى تلك السيدة ذات العيون البلورية يتساءلون ما الذي يدفعها لكتابة هذا النوع من...
