<خفقان القلب في أحضان الظلام>

11 2 0
                                    

"هل أنت بخير؟ "

"ظاهري هادئ، وحالتي جيدة لكن عيناها كانت سكيناً في قلبي"
.......................................................


في الغرفة البيضاء العاتمة حيث ألقت ظلال الليل بعباءتها على مدينة العشاق، باريس الرائعة تميزت هذه الغرفة بسكونها الغامض وبرودتها الساحرة، تلك الغرفة التي احتضنت جنون تلك الكاتبة ودمويتها واشتهرت ببرودتها الجليدية وصمتها المهيب.

كان صوت المياه المنسابة هو الوحيد الذي يصدح في هذه الغرفة وبالتحديد في الحمام الفخم، هناك كانت نيريس تسترخي في حوض الاستحمام الكبير محاطة برذاذ المياه الدافئ، لم تكن تركز على الاستحمام بقدر ما كانت غارقة في دوامة أفكارها تفكر في ذلك الرجل البرازيلي ذو العيون البراقة عيون لم ترَ لمعة عبث وجنون مثلهما من قبل، تلك العيون كانت تحرك مشاعرها، تثير في قلبها أسئلة لم تجد لها إجابات.

نيريس كانت تتأمل فيما آلت إليه روحها منذ دخوله لحياتها، كانت تعرف تمامًا أنه قاتل، ولم تكن تجهل خداعه، ومع ذلك كانت تشعر بجاذبية لا تُقاوم نحوه تصدق كلماته وافعاله بالرغم من معرفتها أنه لا يمكن الوثوق به، كانت كلماته مغلفة بوعود الحب، تسحبها إلى عالمه، تجذبها إلى بوابة العشق الذي يتحدث عنه باستمرار، يقول إنه عاشق لها بعد أن قرأ بضع سطور من روايتها، أو ربما لأنه وجدها صعبة المنال، لكن نيريس لم تستطع فهمه تمامًا، كانت تشعر به وهذا الذي أدهشها، فهي لطالما كانت المرأة الباردة التي لا تهتم بأحد، ولا يهمها أحد.

كانت تعترف بشيء واحد فقط، أنها في طريق غير واضح، طريق مظلم وغامض، طريق قد يغرقها في بحور لم تعرفها من قبل، كانت تعيش تجربة الحب للمرة الأولى، وبالرغم من كل مخاوفها وشكوكها كانت تغرق في بحر من العشق، تتخبط بين أمواجه تبحث عن طوق نجاة قد لا يأتي أبدًا.

خرجت من فاهها تنهيدة استرخاء وهي ترمي الماء كاملاً على جسدها الأبيض الحليبي وكأنها تحاول غسل كل الأفكار المتزاحمة في عقلها، في حوض الاستحمام الكبير، كانت نيريس محاطة بالمياه الدافئة التي تشبه حضنًا مريحًا يخفف من ثقل أفكارها بينما كانت تغمر جسدها بالماء غرقت أفكارها في دوامة من الذكريات والمشاعر المتضاربة، هذه المرة حول والدها بالتبني، السيد سيديرك لوران.

السيد سيديرك لوران، الرجل الذي لم يكن أبًا بالمعنى الحقيقي للكلمة، بل كان والدًا بالتبني وفي القانون فقط، تتذكر نيريس بوضوح اليوم الذي أتى فيه لوحده إلى الميتم ليتبنّاها، كانت مجرد طفلة صغيرة سعيدة بقدوم شخص يحتضنها وينقذها من قسوة الأيام التي رأتها في الشارع وفي الميتم، كان ذلك اليوم مليئًا بالأمل والتوقعات بالنسبة لنيريس، التي كانت تتطلع إلى حياة جديدة مليئة بالحب والرعاية.

قَلب دَامٍحيث تعيش القصص. اكتشف الآن