CH2:- INITIAL IMPRESSIONS

161 12 3
                                    

استيقظت ليال مبكراً في صباح ذلك اليوم، مشحونة بالإثارة والقلق. كان الجميع يتحدث عن الاجتماع المهم المقرر اليوم في مقر الاتحاد السعودي لكرة القدم، والذي من المتوقع أن يُعلن فيه عن المدرب الجديد للمنتخب السعودي للسيدات. المعلومات كانت محدودة ولم يُكشف عن هوية المدرب، مما أثار فضول وتوتر اللاعبات والجمهور.

عند دخولها قاعة الاجتماعات، جلست ليال بين زميلاتها، تتأمل الوجوه المتحمسة من حولها. بينما كانت الأنظار متوجهة نحو باب القاعة، دخل رجل طويل القامة، رياضي البنية، بوقار وثقة. فور رؤيته، تسمرّت ليال في مكانها، قلبها يخفق بسرعة غير معتادة. لم يكن شخصاً غريباً بالنسبة لها؛ كان عبدالله المعيوف، الحارس المتألق الذي طالما أعجبت به في السابق.

**
عاد ذهن ليال سريعاً إلى عام ٢٠١٧، ليلة المباراة الحاسمة التي جمعت بين الهلال والأهلي. كانت تلك المباراة واحدة من أكثر المباريات التي لا تُنسى، حيث جلست ليال مع أخيها في غرفة المعيشة، مشدوهة بمتابعة الأداء المذهل للمعيوف وهو يتصدى ببراعة لهجمات الفريق المنافس. كانت تتذكر كيف كان قلبها ينبض بقوة مع كل تصدي، وكيف تحول إعجابها البسيط بلعبه إلى إعجاب عميق بشخصه.

وفي لحظة حماس تلك الليلة، قررت أن تضع وشماً صغيراً يحمل لقب المعيوف كرمز لتلك اللحظة. والآن، وهي تجلس في غرفة الاجتماعات، كانت تتلمس مكان الوشم برفق، مسترجعة ذكرياتها وكأنها تلامس الماضي بيديها.
**
مُقتبس مِن : @nonas11

وقف المعيوف أمام الفريق، بابتسامة هادئة تعلو وجهه، وقال بصوت عميق وواثق: "السلام عليكم، أنا عبدالله المعيوف، ويسعدني أكون مدربكم الجديد. هدفي معكم تحقيق أفضل النتائج للمنتخب الوطني للسيدات."

كان من الصعب على ليال أن تصدق أن الشخص الذي كان يوماً ما بطلاً في عينيها، أصبح الآن مدربها. شعرت بمزيج من الدهشة والإثارة، متشوقة للعمل معه ومعرفة كيف سيكون تأثيره على الفريق. كانت تلك اللحظة بالنسبة لها بداية فصل جديد، فصل مليء بالتحديات والفرص، حيث ستعمل تحت إشراف شخص طالما كان مصدر إلهام لها.

مع انتهاء تقديم نفسه كمدرب جديد للمنتخب، أمسك عبدالله المعيوف بملف يحتوي على أسماء اللاعبات، وبدأ بفتح الأوراق بهدوء. كان الجو مشحوناً بالتوتر والترقب، حيث استعد الجميع لسماع أسمائهم.

قال المعيوف بصوت حازم: "رح نبدأ بتوزيع المجموعات. الحراس، يمين مع مدرب الحراس. المدافعات والوسط معي، والهجوم مع مساعدي."

وبدأ ينادي على أسماء اللاعبات، واحدة تلو الأخرى. مرت الأسماء على أسماع ليال كنسيم عابر، حتى وصل المعيوف إلى اسمها.

قال بصوت هادئ ومركز: "ليال...؟"

في تلك اللحظة، شعرت ليال كأن الزمن توقف. تسمرت في مكانها، غير قادرة على الحركة أو الرد. كان سماع اسمها ينطق من قبل المعيوف شعوراً غريباً ومفاجئاً. لم تكن تتخيل أن اللحظة التي انتظرتها طويلاً ستأتي بهذه الطريقة، وأن الشخص الذي طالما كان ملهمها سيقف أمامها كمدرب.

نظرت حولها، ورأت زميلاتها يتوجهن إلى مجموعاتهن المخصصة. لكن ليال بقيت متجمدة في مكانها، محاولة استيعاب الموقف. شعرت وكأنها تعيش في حلم، ولم تستطع منع نفسها من التفكير في كل تلك السنوات التي كانت تعتبر المعيوف بطلاً. والآن، ها هو ينادي اسمها بصفته مدربها، لتبدأ معها مرحلة جديدة في مسيرتها الكروية.

في اليوم التالي، تجمع الفريق في الملعب المخصص للتدريبات. كانت الأجواء مليئة بالحماس والتوتر، حيث كان الجميع متحمسًا لبدء العمل تحت إشراف المدرب الجديد، عبدالله المعيوف.

بدأت التدريبات بالإحماء المعتاد، حيث قاد مدرب اللياقة البدنية الفريق في مجموعة من التمارين التي تهدف إلى تجهيز اللاعبات بدنياً ونفسياً. بعدها، انقسمت اللاعبات إلى مجموعات حسب مراكزهن، وبدأ المعيوف بالتجول بينهن، يراقب كل حركة وكل تمرين.

توجه المعيوف إلى مجموعة الوسط، حيث كانت ليال من ضمن اللاعبات. وقف بجانبهن، وبدأ في إعطائهن توجيهات دقيقة حول كيفية تحسين تمرير الكرة والسيطرة عليها. كانت تعليماته واضحة وصارمة، ولكنها كانت تحمل في طياتها إحساساً بالتشجيع والدعم.

قال المعيوف بصوت هادئ لكنه قوي: "المسألة مو بس تمرير الكرة، هي عن كيفية خلق مساحة والبحث عن زميلاتكن في الملعب. لازم تفكرون سريع وتتخذون قرارات أسرع. الكورة ممكن تغير من خطة الخصم، وكل لمسة للكرة ممكن تكون مفتاح لهجمة خطيرة."

في اللحظات الأولى من التدريبات، لاحظت ليال أن المعيوف يمتلك قدرة فريدة على قراءة الملعب وفهم ديناميكيات اللعب. كان يوجه الفريق بطريقة تبني الثقة والروح الجماعية، وأظهر اهتماماً بتفاصيل صغيرة قد تغيب عن الأنظار.

خلال التمرين، طلب المعيوف من ليال التقدم بالكرة ومحاولة تمريرها بين الدفاع. شعرت ليال بالضغط، لكنها استجمعت قوتها وركزت. بحركة سريعة ومهارة، مررت الكرة بين المدافعات إلى زميلتها في الفريق، التي استقبلت الكرة وأكملت الهجمة. ابتسم المعيوف وقال: "كذا، هذا اللي نبيه، تمريرات دقيقة وتحركات ذكية."

مع استمرار التدريبات، بدأ الفريق في الانسجام أكثر فأكثر. شعرت اللاعبات بثقة متزايدة تحت قيادة المعيوف، الذي لم يكن مجرد مدرب، بل مصدر إلهام ودعم. كان يوماً مليئاً بالتحديات، ولكنه كان أيضاً مليئاً بالتعلم والنمو.

عندما انتهت التدريبات، توجهت ليال إلى الجانب لشرب بعض الماء. وبينما كانت تستريح، استوقفتها لحظة خاصة. نظرت إلى الملعب، حيث كانت الكرة تتدحرج ببطء على العشب، وشعرت باندفاع الأدرينالين في عروقها. كان هذا اليوم بداية جديدة، ليس فقط لفريقها، بل أيضاً لعلاقتها بكرة القدم، تحت إشراف مدرب طالما كان بطلها.

أحلام النجوميةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن