الفصل الثاني:ربيع العِشق-وبدايات صيفٍ جاف-

6 3 1
                                    

١٩٩٠
الأخر من اكتوبر/تشرين الأول.

-بربك شُغموم!،قلت لك وامي ان تبتعد
عن السياسة,تعبٌ لنا وخوفٌ عليكَ!..

صمتت قليلاً،ثم استئنفت بإبتسامة:
"فكرّ بـ خطيبتك قليلاً يا أخي,
ما قد يكون رّد فعلها حين يُلقى القبض
على حبيبها وخطيبها؟,كيف لكّ
ان تكون بهذه الأنانية؟,اريد ان اكون
عمة ايها اللعين!."

نظر لها-شُغموم-بصمتٍ متعجب:
-عزيزتي ليس هناك انانيون
غيركم,بحق الله عزيزتي هُناك
شعبٌ,لا بلـ شعوب تعيش في آلامٍ
بسبب هذا الزنديق الظالم!.
ولن اتخلى ابدًا عن ثأري هذا لأجل
انانيتكم السيئة,عُذرًا ذَّريني مِن هَذا
لا اريد ان اكون من الخوالف.«ريجل»*

قالها «شُغموم» بينما ينظر إلى أُخته «ريجل»
ثم استقام منصرفاً؛ذاهبًا لخطيبته كي يروي
انظاره وفؤاده الظمآن مِن حُسن روحها الذي
بالتالي ينعكس على وجهها فـ جعله نضرًا يسُر
الأعيُن المشتاقة.

مثله،تمام المثال.

نظرت «ريجل» إلى أثرّه بطيف دموعٍ تغشىٰ
عيناها،ثُم نظرتْ لأُمها بـ حُزنٍ يفيض مِن
عينيها على هيئة مدمع:
"كيف نخبره أُماه؟،ماتت خطيبته الحبيبة
قبل عودته بـ اربعة ساعات!."

هزت الأُم رأسها وقالتْ:-لا علم لي بُنيتي،
العِلم لصاحب العِلم يهديه لطريق الصلاح.

بينما عِنده..
فكان قد استقل سيارة أُجرة راكضًا لمحبوبته،
التي لم يرّها مُنذ اربعة أشهُر.

ليعود مرةً أُخرى إلى جبهة القِتال..

وصلّ لبيتها،يطرق قلبه بيبانها قبل يده..

فتحت لهُ امها بـ بقاية دمعٍ يتحسر على بُنيتها.

- «شُغموم!»، بُنيتي سليلة قلبي ماتت يا«شُغموم»،
قلبي عَليكِ حبيبتي!،قُتلتي في شبابٍ جعل الله
مثواكِ جنته!،جنة الخُلد يارب اجعلها اسمٌ على
مُسمى!. ربِّ لا توجع قلبي على بُنيتي وانتَ ارحم
الراحمين.

ذُهِل شُغموم،ذُهل لكن لم يترك لهُ قلبه وقتًا فدمىٰ
على وداعها.

لكن.. لكن لا زال مظهره ثابِت.
قال بينما يُمسك بيد حماته
ويربت عليها:
لم يحدث شيء،أماه،
اهدأي فحسب.

ثم استئنف بهدوء-مصطنع-:
ربِّ يسهل عليها.كثري لها من دُعاءك،
هذا ما تحتاجه الآن اكثر،لن تعود بالعويل.

قال كلماته وانصرف
انصرف،انتقل تاركًا المدينة.

تاركًا مكانًا كانت فيه حبيبته.

كان فيه مكانٌ يُدعى لهُ -وطن-.

وداعًا يا وطنٍ،
قسى، بغى، اسرف
ظَلمَ ..وظُلِم.

وداعًا.

ــ ــ ــ ــ ــ ـ ـ ـ
ـ ــ ـ ـ ــ ــ ـ ـــ ـ
ـــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــ

يا سائس الخيل قُم للخيلِ فأنحرها
ما حاجةُ الخيلِ والفرسان قد ماتوا

وَفِر دموعك لا تذرف على أحدٍ
فيما الدموع وأهلُ الحق ما باتوا

راحوا جميعًا فما بقي لهم أثرُ
وخلفونا دُمى بؤسٍ ما فاتوا.

يا سائس الخيل،
خالد المقداد.

ــ ــ ــ ــ ــ ـ ـ ـ
ـ ــ ـ ـ ــ ــ ـ ـــ ـ
ـــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــ

*ريجل هو:مصطلح ألماني يصف القمم البارزة من الصخور التي تنكشف بسبب التآكل الجليدي. وتعرف أيضًا باسم القضبان الصخرية والعتبات والقمم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــ_ـــ_ــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أمام البحر،على شاطئه،وقف.
البحر في عينيه تراقص،
يسترجع جميع ذكرياته، كل ذِكرى
جيدة قبل السيئة جمعتها بهذه
البلدة.

ما فعلته به.

السجن الذي القته فيه.

مقتل خطيبته،حبيبته،من عشقها
قلبُه.

حبه لها.

اباه.

الكثير يجعله يكرهها.

وهو لم يتوانى عن ذَلك،
فقد حاول كُرهها،فأنقلب
عليه ما حاول.

وقف صديقه بجانبه وقال:
"ماذا تنوي الفِعل؟"

ثبت ناظريهِ على البحر أمامه
مُردفًا:
-سأعود للعاصمة واقتل من كان
هو السبب في معانتنا،هو السبب
في مقتلها لن اتوانى عن اخذ مالها
بهِ حَق؛والذي هو ثأرُها.

نظر له صديقه بفزع:

-بربِك شُغموم لن تفعل ذَلك،
انت تعلم بفعلتِك هَىٰته سـ
تتعفن في السجن وحيداً.

"مالُك؟ إسترچِل يا صِديق"

وقف صِديق أمامه مُردفًا بـ صرامة:

"انا رجل غصبًا عن عينيك شُغموم،
لكن هذه الأشياء ليس بها رجولة
أو اي شيء ما تفعله هو محض..
جنون!!،لا احد عاقل يرمي بنفسه
للتهلُكة ثم يستهن بها"

نظر له شُغموم واردف
بصوتٍ وقلبٍ خاشعين:
«الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ»
صدق الله العظيم.

ثم انصرف.

تاركًا صِّديق ينظر إلى أثره بطيف
حُزنٍ عابِر طفى على عينيه.
مُناجيًا الله ان يحفظ صديقه.
وينتقم مِن مَن كان سبباً فيما هُم عانوا.

ـــــــــــــــ
ــــــــ
ــــ

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Aug 23 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

صيفٌ قاسٍ مِن العمر.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن