الرسالة السادسة : ما عدت ابالي...

20 4 0
                                    

  
       نظرت الى الحفل وضحكات الجموع من حولي، انا فقط اقلد التواءات شفاههم وتعابير وجوههم السعيدة

     بالطبع كنت حيويا في البداية امزح واضحك اناقش التخصصات التي سندرسها في الجامعة، الانتخابات المستقبلية وما سيجري لاحقا

       رغم الامبالاة التي احس بها اتجاه كل شيء و لكن سرعان ما عدت الى ذاتي القديمة عدت الى قوقعتي الخاصة لا مبالاتي اتجاه كل شيء ، أغمضت عيني لبضع ثوان  

     فجأة وبدون مقدمات انتقلت الى الجرف الشاهق ، بجوار شيطاني المرعب ، لماذا خرق هذا اللعين القواعد ؟ اوليس من المفترض ان اظهر في هذه المساحة الكئيبة عند النوم فقط؟!

     حدقت فيه ببرود ثم حولت نظري الى حافة الجرف الشاهق، و سألته ببرود " أين اختطفت مشاعري يا هذا؟ ".

     ثم اضفت بعد ان شاهدت نظرات عينيه الغبية غير المدركة لما أقوله" اليس من المفترض ان تجعلني ضعيف الشخصية وفاقدا للثقة بالنفس ؟".

     اتسعت عيناه بدهشة ثم ظهر تعبير خبيث وشرير نوعاً ما على وجهه ذي الملامح الحادة وسأل

متظاهرا بالحيرة و الجهل "كيف عرفت ؟"

         اجبته ساخرا " ليس وكانك اخفيت الامر ".

       ضحك بمرح فنظرت إليه بازدراء وقلت بينما افتح عينياي ببطء " واصل عملك المزعج ذاك ، ليست المشاعر مهمة على كل حال ".

      كان ذلك رأي الخاص ، فالمشاعر شكلت لدي عائقا في العديد من الأمور ، خصوصا مع شخصيتي المنعزلة ،

     قد تظن ايها الوقح الذي تتطلع الى معرفة أسرار الآخرين ان الأشخاص المنعزلين و الهادئين و المنطويين لا يتمتعون بما نسميه ' المشاعر '. لكنك مخطأ تماما - بصراحة انت اغبى من سمكة لديها ذاكرة خمس ثوان-

     فهؤلاء الأشخاص تجري الملايين من الأمور تحت ذلك السطح الهادي ووجوهم الباردة ، لذا كنصيحة اليك ايها البائس إياك وازعاج خصوصيتهم أو محاولة التنمر عليهم لانك لا تعرف حقا من يكونون ،

        - ذكر احد اساتذتي شخصيا انهم في فترة دراستهم

كان هنالك طالب هادئ جدا .... بعد بضع سنوات علموا أنه انضم لاحد المنظمات وراح يقتل الناس

( ايها الغبي البائس!  اياك ان تظن اني اشوه هؤلاء الناس المساكين الذين لا يبحثون إلا عن الهواء والسكينة ، ناهيك عن اني احد كبارهم ! افهمت؟!)
      القيت نظرة خاطفة على الامواج المضطربة وسرعان ما تحطمت المساحة المظلة .

      فتحت عيني ثانية على تصفيق الحضور للمتحصلين على الشهادة ورحت احدق  في الرؤساء الحمقى الذين شرعوا في إلقاء خطبهم الجوفاء  في ظل حديث مستمعيهم وعدم اكتراثهم بهم

      وقفت على قدمي ببطء ورحت اسير خارج الثانوية وبيدي شهادتي وجائزتي ، ضحكت بخفة وانا امشي تحت سماء الليل المظلمة المرصعة بالنجوم ، أثناء ذلك اخذت احدق في كل ما حولي مبتسما بهدوء ، عكس التمزق والالم الحاد الذي أشعر به في قلبي

       رسمت على شفتي ابتسامة اكثر لطفا حينما ادركت ان الألم الذي يغمرني ليس سوى حزنا شديدا ما عدت ابالي به فأحدث طفرة في نفسه محولة اياه الى عذاب مؤلم من نوع آخر

     شيطان يحاول تدميري و شخصيتي بكل طريقة ممكنة

      لكن هل انا اهتم؟

     للأسف انا لا أفعل!!!

    هززت كتفيّ بمرح ورحت افكر في الفجر الذي سبزغ بعد ليل طويل....
  

رسائل من مجهول حيث تعيش القصص. اكتشف الآن