عزيزي يا أنا

319 24 16
                                    

أنا البحر إن أردتَ الغرق
أنا توهُّج الألوان إن أحببتَ الرسم
أنا الشعُور ، أنا السَّماء ، أنا الحنان
أنا لستُ شيئًا لكنِّي كلُّ الأشياء إنْ أردت

كم كنتُ أتمنَّى ترديد الكلام على مسامِعك،
أن أتلقَّى ابتسامتكَ الهادئة ثُمَّ ترحل كعادتك

كم وددتُ المسْح على رأسكَ بلين ،
احتضانكَ حتَّى شروق فجرٍ جديدٍ

كم أحببتُكَ أنا، كم اِبتغيتُكَ أنا
كم حنون القلب وقاسي النظرة أنت.

"ماذا دَهاك؟"
نقلتُ نظري من فنجان قهوتي ووجّهتهُ نحوَ ألبيرت،  زفرتُ أنفاسي متنهّدًا ،وابتسمتُ أنفي برأسي

"لا شيئ"
سِوى الحُبّ طبعًا فَـلاشيئ

"أنتَ غارقٌ يا رجُل ، وتقول لا شيء!"
غارق؟ أهيَ كلمة قد تصفُ ما أنا به حقًا؟
مُحال.

"أشتهي صفعكَ، أًقسم"
قالَ مجددًا يرسُم تعابير الاشمئزاز على ملامحهِ
وضحكتُ على تعبيره المُتألِّم حينَ شرِب من فنجانِ قهوتهِ الساخن دفعة واحدة ،هذا المُعتلّ!

"تايهيونغ حسنًا، لقد سئمتُ نيابةً عنك"
وضعتُ فنجاني على الطّاولة ونظرتُ لهُ بهدوءٍ
مُتوقّعًا حديثهُ القادِم

"خُذ الخطوة و أرِح نفسكَ!"

ضحكتُ أستقيم من مكاني ، فـلا فائدة تُرجى من هذا الحَديث الّذي باتَ لحنهُ مُملًّا
"لا عليكَ ،ألبيرت"

وضعتُ يدايَ في جيوبي وخرجتُ بهدوءٍ من منزلهِ
متوجّهًا حيثُ مكاني المُفضّل ، أعلى التلّ..
بعيدًا عن ضجيج المدينة ووحيدًا مع ضجيج أفكاري

رنّ كلامهُ في عقلي كصوتِ أسطوانة مُهترئة تُصيب رأسي بالمرض، وضحكت مجددًا بسخرية لكلامه
آخذُ خطوة؟ ما معنى ذلك حتّى؟
أنا؟ أنا لست سوى جبانًا ،جبان واقع في الغرام مع رجل هادئ وبارد المشاعر كجونغكوك

أنا حتى لست مقربًا منه بالشّكل الكاف ولا أودُّ ذلك حتمًا ،فذلك جيد ،مراقبتهُ من بعيد وتأمُّله ،تأمُّل هدوءه وابتسامته النادرة الّتي تكاد لا تُرى بين حشد الرفاق ،لكنّني ألمحها جيدًا وأحتفظ بها في أعماقي بإحكام.
أنا لستُ جشعًا لذلك الحدّ ،أنا مكتفٍ

وصلتُ بعد سيرٍ طويلٍ حيثُ مكاني.
ابتسمتُ للهواء النّقي الّذي لفح وجهي وجلستُ فوقَ الصّخرة الّتي اعتدتُ الجّلوس عليها منذُ سنين ،أتأمّل الشّمس الّتي بدأت بالتّوديع شيئًا فشيء والسّماء الصّافية الكثيفة بالغيوم ،ذلك يُحيي كلُّ جزء فيٌي ما عدا قلبي.

كنت مغفلًا أحمقًا، رغم امتداح الجميع لي بأنّني شخص عقلانيّ وبعيد عن المشاكل، كنتُ دائمًا أحسب ألف حساب قبل أن تطئ أقدامي أيّ عتبة ،لكن قلبي اللّعين كان مغفلًا ووقع بعيون مغمضة في الحُبّ،
في حُبّ جونغكوك
لكن أستطيع أن أقسم بكل ما فيٌي أّنني وإن عاد بي الزّمن إلى الخلف لوقعتُ في حبه من جديد ،لأحببتُ جونغكوك كما لم يفعل أحد من قبل سواي.

"ألا تشعُر بالبرد؟"
رجفتُ ورجفَ قلبي للصّوت خلفي ،التفتتُ بسرعة ولعنتُ ذاتي مرارًا لذلك ،كدتُ ألقى حتفي وأقعُ من أعلى التلّ كأحمق مثير للشفقة.

"لستُ"
قلت مجيبًا وعدّلت من جلستي أقرص فخدي بيدي المتواجدة داخل جيب بنطالي ،محاولًا تهدئة ذاتي المُرتجفة

"جيّد"
نطق بذلك وصمت ليقترب جالسًا بجانبي ،أستطيع الشعور بقلبي يكاد يخرجُ من أضلعي وبالحرارة تتصاعد إلى رأسي، أكاد ألقي بذاتي من أعلى التلّ ..
كان ذلك مرعبًا، مخيفًا الجلوس بجانب جونغكوك هكذا؟لوحدنا؟ أودُّ الموت أقسم.

"لما لم تأتِ إلى حفلتي؟ رغم دعوتي لك"
التفتَ نحوي يضع خدّهُ على باطن يده يسألني، كان هادئًا رغم السُّخرية الواضحة في عيناه.
كنتُ أعلم أنّني لن أفلت من سؤاله هذا، وخلقت آلاف الأجوبة المُقنعة في عقلي بالفعل متأهبًا، لكنني الآن أشعر أن عقلي توقف ،لا يدور في ذهني ولا جواب واحد

"أنت تتجاهلني تايهيونغ؟"
ضحكت أمدّ يداي إلى الخلف، مشيحًا نظري بعيدًا عن عيناه الّتي تثقبني.
أجل أنا أفعل وأتجاهلك نعم  ،كيف أصيغ لك ذلك؟ كيف أصارحك بأنّني لم أحضر خشيةً منك،خشيةً من تلاًعبك، من رؤيتي لك تحتضن أحدًا ،أو تقبل أحدًا ،كيف أوصل لك جزء صغير ممّا يُخالجني؟

"أنحنُ مقربان إلى ذاك الحد؟"
سألت ملتفتًا له أرفع حاجبي بخفّة ومحافظًا على تعابيري البشوشة، فلم أودّ أن أجرحه ببرودي كما يفعل.
نظر لي مطوّلًا حتّى شعرت بأنّني أتبخّر ولم أعد قادرًا على تحمُلّ نظراته، لترحمني ،فإن لم تفعل لأقتلن نفسي ها هنا أمامك.

استقام فجأة وأشاح ببصره عني، ليستدير وقبل أن يخطو مبتعدا ،نطق بهدوء
"لا أملك أحدًا مقربًا ،كلكم سواسيّة"

وابتعد تاركًا إياي وحدي كما اعتدت دومًا،
سواسية؟ نظرت إلى السماء مكررًا الكلمة بثقل
سواسية؟
ألست شيئًا؟ ومتى كنت على أي حال؟
لمَ أحزن لذلك حتى؟ أولست من سأله وها قد حصلت على جوابي؟
لكن..
أليس ذلك أفضل من أن يكون له شخصًا مميزًا؟
شخصًا يملك مكانة في قلب جونغكوك؟
أومأت برأسي مرارًا، أجل ذلك أفضل بكثير ،صحيح لمَ قد أحزن وجميع من حوله سواسية مثلي؟

لكن على من أضحك أنا؟على قلبي؟
أعلم جيدا ،أعلم بأنني سأبلل مذكرتي بدموعي فور عودتي، أعلم أنني سأبكي حتى بزوغ الفجر،
وسأقبّل صوره على هاتفي كثيرًا بينما أؤنبه،
فجونغكوك لا يعتبرني شيئًا

عزيزي يا أنا، أنت لست شيئا
وجونغكوك لا يعتبرك شيئا.

عِناق أبديّ |TKOù les histoires vivent. Découvrez maintenant