1

13 3 0
                                    

لطالما كانت فلسطين أرض السلام التي لم ترَ السلام يومًا ، في تلك البلد الصغيرة التي احتضنت جثامين الشهداء ، البلد التي شوارعها طغى عليها المسك لطيب ما أنجبت ..

تحديدًا في بلدة معينة ، البلدة التي حدثت فيها جميع تلك المآسي فداءً لله ثم الوطن ..

في مساء يوم الاثنين ، رَكن دانيال سيّارته أمام منزل صاحبه عز الدين كي يوصله بعد ذهابهما معًا كالعادة ..

" ستقوم أمي بتعليق حبل مشنقتي عندما تعرف أنني أوصلتُكَ لمنزلكَ صائمًا ولم أجبرك على الذهاب للإفطار معنا في المنزل " تحدث دانيال بغيظ مصطنع من ابتسامته المَرِحة وهو يحادث عز الدين الذي نزل من السيارة وانحنى يتحدث معه من الشباك المفتوح

" أوصل سلامي للخالة يافا ولا تخبرها كي لا تعلق مشنقتي انا الآخر " ابتسم الآخر يفرك فروة شعره الشقراء الداكنة لوجود أصلٍ أجنبيّ في جيناته

" موعدنا الخميس هذا الأسبوع يا عزيز .. "
تبدلت ملامح عز الدين إلى الهدوء المرتاح ، ليرسم على ثغره ابتسامة واثقة بدون أن يتحدث

ضرب عز الدين السيارة بخفة يقول لدانيال " هيا اذهب قبل الأذان وتدارك الفطور .. "

التفتَ الآخر نحو منزله يلوّح لصوت بوق السيارة وكأنه تحية الى اللقاء معهما .. بالمناسبة هما سيلتقيان معًا بعد عدة ساعات ..

فتح باب منزله ودخل برجله اليمين مع بسملته المعتادة ، تلمّس الحائط وهو يمشي ببطئ وأدعية دخول المنزل على لسانه حتى وصل إلى زر الإنارة ليضيء المكان ويدخل المكان براحة ..

" السلام عليكِ "
قال بصوت سعيد وهو يرى أمه تعد له الفطور في المطبخ تحاول تدارك الافطار بسرعة لتنظر إليه وتترك ما بيدها تراه يقترب منها

مشى ناحيتها يمسك يداها يقبّلهم يطلب الرضا من والدته لتبتسم بحنان نحوه بينما تحدثت بصوتها العطوف " انظر كم صارَ عمركَ ولا زلتَ تُقبِّل يداي .. ليرضى الله عنكَ يا بني "

" ولو صار عمري ألف سنةٍ عن هذه اليدين لن امتنع عن هذا " ابتسمت له تمسح على وجهه الوسيم لتجره نحو الطاولة كي يبدأ فطوره

" ماذا طبختِ لهذا الولد الجائع؟" جلس ينتظر جوابها ،ضحكت الأخرى بخفة بينما تتحدث وهي تضع صحن الطعام الكبير أمامه  " مقلوبة كما يحبُّ بطنك !"

" الله اكبر ! يوم مبارك ومقلوبة! "

كانت والدة عز الدين حفصة فهمت قصد ولدها بمعنى مختلف عن قصده الحقيقي بكلمة ' يوم مبارك ' فهي فهمت يوم صيامه وهو قصد شيئًا آخرًا

في منزلٍ آخر حيث تقف تلك الحسناء الصهباء تُعِدُّ طعام العشاء لعائلتها بغرفة الطعام والفطور لها ولشقيقها في المطبخ بينما تضع سماعة أذناها تستمع إلى محاضرة دينية لأحد الشيوخ حول موضوعٍ معين ..

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Aug 23 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

إِلَى لِـقاءٍ آخر خَلـيلِي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن