الفصل الثالث

3 1 0
                                    

اشرقت الشمس الذهبية من بين الغيوم البيضاء ودخل ضوئها من نافذة الغرفة فتح عيونه الخضراء نظر نظرة جانبية إلى صورتها الى ابتسامتها الجميلة ابتسم وهو ينظر إليها تثاءب ثم نهض وغسل وجهه نظر إلى وجهه في المرأة لم تكن الأتربة تملؤه كما منذ زمن!
نظر من النافذة إلى المدينة كان الشوارع ممتلئة بالسابلة والزهور الملونة على شرفات البيوت والنباتات المتسلقة تغزو الجدران الصخرية وكانت الضحكات العالية تملى الشوارع والقطط تتجول فوق الجدران والأطفال يركضون الى المدارس وهو يمسكون حقائبهم القماشية كانت السماء صافية زرقاء والغيوم متناثرة كأنها نجوم في الليل العصافير تحلق بها كسهم طائر أو كشهاب في الظلام والأطفال ينظرون إليها في عجب وحماس ابتسم وتذكر أخته نور تمنى لو كانت تنظر إلى الطيور معهم كمْ اشتاق إليها كمْ اشتاق لأن يسمع ضحكتها المجلجلة حمد ربه وشكره ثم غادر غرفته
وصل الى المطبخ نظر الى بلوكر
فقال بلوكر بسعادة عندما راى غيث تعال عندي انظر اتى غيث فوجد علبة مليئة بالحلوى انه من امي تذوق يا غيث
اخذ غيث قطعة منها كانت لذيذة جدا وبدا الاثنان بأكلها ثم تنهد وقال اليوم سوف تأتي عائلة كارن وهي ثاني اغنى عائلة في هذا الحي بعد هذه العائلة كم اكره حضورهم يا غيث  اريد ان اعد لهم طعاما شهيا كما طلب السيد سيف اذهب الى السوق  حتى تشتري المكونات لي
حسنا يا بلوكر قال غيث
فاعطاه السيد بلوكر كيس من النقود وورقة كتب عليها ما يحتاجه
ذهب غيث الى السوق المدينة سمع اصوات الاقدام التي تضرب في الارض والضحكات الاطفال واصوات البائعين الصاخبة ورأى هناك عربات فخمة وفقراء على الارض الباردة تذكر ايامه القاسية نظر إليهم وتمنى بصدق لو كان غنينا فيساعدهم راى اطفال وجوههم شاحبة في الأزقة الضيقة ينظرون الى الارض بعيون متجمدة شعر بالالم في قلبه وذهب عنهم منسكر القلب على حالهم اشترى ما طلبه منه بلوكر وعاد شاحب الوجه حزين العيون
ما الامر يا غيث؟ لقد اتيت بوجه غير الذي ذهبت به قال بلوكر عندما راى غيث
رأيت اليوم اطفال صغار وجوههم شاحبة ضيقة من الجوع عيونه ذابلة اشعر بالعجز! اتمنى لو كنت غنيا حتى أساعدهم لقد تجرعت من تلك الكأس المرة واعرف وجع والم من بتجرعها
ربت بلوكر على كتف غيث وابتسم بوجهه محاولا ان يخفف عنه وقال اعانهم الله يا غيث و رزقهم ثم اردف و قال  متذكرا حياته لقد عشت بالريف انا وامي كانت ايامنا بسيطة  ولكنها كانت الافضل كانت جميلة وكانوا يقولون لي بسخرية عندما غادرت الريف وذهبت الى هذه  المدينة يا ابن الريف وانا افتخر انني ابن الريف وهذه الجملة لا تزعجني ابدا بالعكس أنا احبها فأنا ابن الريف تلك الحياة الجميلة والبسيطة
بلوكر …أتى الحطاب تميم وهو يمسك الحطب تفضل نظر إلى غيث ثم ابتسم وقال مرحبا انت غيث الخدام الجديد  نعم سيد تميم
فقال تميم  ابذل جهدك يا غيث من النادر وجود أولاد مثلك أولاد هذه الأيام أولاد حمقى يهتمون بالتفاهة والمظاهر لا يعتمدون على أنفسهم مثل جو...
أقصد... ابتسم بلوكر وقال هل تريد أن تطرد يا سيد تميم فقال أمزح أمزح ثم جعل نبرة صوته عالية جوليا هي أجمل فتاة و لديها مسؤولية و ادب  أما أنا فرجل كاذب!!!
ضحك غيث وضحك بلوكر ابتسم تميم ووضع الحطب في الفرن وقال هذا العمل متعبا حقا ان تحمل الحطب يوميا أنه أمر شاق ثم قال رئيس الخدم صارم هذه الأيام كان عامر افضل بكثير و عامر كان رجلا كبيرا بالسن يعمل عند السيد و لكنه ترك عمله بسبب كبر سنه
فنظر  غيث الى تميم وقال يبدو رجل غامض فقال تميم إنه رجل غريب يا غيث تصرفاته لا تريحني دائم السكوت وأنه سكوت ما قبل العاصفة... اصمت يا تميم أنت لا تنوي أن تطرد فقط بل ان تضرب ايضا
تميم تميم تعال إلى هنا
آه أنها ساندي إلى اللقاء يا غيث وأنت يا عمي بلوكر
أنهى غيث غسل الصحون أخذ الفطور وغادر إلى غرفة السيد وقدم له فطوره وكأس القهوة وذهب إلى جوليا طرق الباب فقالت افتح كان سريرها مليئا بالفستان الرائعة المزركشة كل منها بلون وشكل وتبدو على وجهها علامات الحيرة
نظرت إلى وجهه بغضب و حدة و قالت لقد تاخرت فلم يتكلم كلمة واحدة
فقالت بغضب تتجاهلني أيها هالمتشرد؟؟!!! ثم أردفت أخبر ليلى أن تأتي الي و ضع الطعام هنا وغادر
فقال بغضب عملي ان اوصل الطعام لك فقط وليس ان احضر احد
فقالت بغضب اترفض؟؟!!
فقال نعم ارفض وغادر الى غرفته جلس على كرسيه شعر بالضيق فامسك قلمه وكتب
ملابس ممزقة ومهترئة اطفال عاشوا رجالا يركضون الى العمل والأغنياء يختارون بين فساتينهم بحيرة كيف ستعيش تلك المتعجرفة ان كانت مثلنا؟؟!! لا احد يشعر بالسهام التي تغرس باجسادنا وبالطعنات التي  في ظهورنا يعيشون حياتهم الحلوة متذمرين ساخطين!! ونحن نعيش حياتنا المرة بالشكر والعمل نلبس ملابس مهترئة وممزقة بالبرد القارس ننام على اقمشة خفيفة رديئة  يا امي اين الم ألمك؟ لقد مت على الثلج القارس الذي ابتلعك الاغنياء الا يشعرون الا يشعرون بالنعم التي هم بها الا يستطعون التخلى عن ثوب واحد من اجل تلك الشابة التي تلبس فستانا قديما باليا! وغادر بيت سيف الى الاحياء الفقيرة وقدم لهم جميع ما حصل عليه من نقود ورجع الى البيت سعيدا وحزينا سعيدا لانه ساعد رجلا فقيرا وحزينا لان هناك الكثير من الرجال والفتيات الفقراء و لقد طغى الألم على الفرح!
بعد يوم  اتى موعد حضور السيد كارن
-----
طرق الباب فأتى لفتحه رئيس الخدم وقال لقد اتت (عائلة كارن) كان كارن رجلا كبيرا بالعمر التجاعيد تملىء وجهه ،اصلع الراس صاحب نظارات كبيرة  وعاقد الحجبان و بجانبه شاب شعره مبعثر اشقر باهت وعيونه صغيرة  و ينظر ببلاهة تجهزت المائدة مليئة بالاطباق الشهية المتنوعة وعليها كراسي بيضاء  واتى جميع الخدم لترحيب بالسيد كارن وابنه (كاني) ومنهم غيث
كان كاني فتى احمق وابله يترنح بمشيته ونظر الى جوليا وابتسم! بينما تجاهلته جوليا كانت ترتدي فستانا ازرق اللون عليه ورد اصفر كان جميلة جدا جلس الجميع في قاعة وحولهم الخدم كان المائدة كبيرة جدا ومستطيلة مليئة بالاطباق
قال السيد سيف كيف حالك يا سيد كارن
فابتسم كارن و قال انا بخير يا سيد سيف  لقد جئت عندك من أجل امر مهم يخص عائلتنا و عائلتكم  فنظر إليه السيد سيف مستفسرا
اريد ان ازوج ابني لابنتك جوليا ! قال كارن
فقال سيف  لا افكر ان ازوج جوليا بهذا السن يا سيد كارن  نظر اليه كارن بغضب و قال لا تتهرب يا سيد سيف أسأل الفتاة ! فقالت جوليا انا رافضة لا اريد الزواج الان فنظر اليها السيد كارن  و قال بغيظ  لماذا ترفضين يا سيدتي هل يشكو ابننا من شيء!!؟
فنظرت اليه جوليا و قالت بغضب هل الأمر اجبار يا سيد كارن انا رافضة و ان كان ملكاً لا اريده
فقال الفتى بغضب انت تكرهيني انتم  عائلة  تكرهون من هو اقل منكم !!
اصمت قال سيف غاضبا قبل ان يقوم كارن و هو ينظر اليه بحقد و قال  حسنا يا جوليا تعال يا بني لا نريد الزواج منهم من ابنتهم القبيحة!!!
اخرج من منزلي ايها هالوقح ! قال سيف و جوليا تنظر بدهشة كانها فقدت عقلها
انا انا وقح امسك ياقة قميص السيد سيف فتدخل غيث حينها و ضرب كارن على يده حتى صرخ فتركها غيث 
غادرت عائلة كارن غاضبة بينما شعرت جوليا بالضيق الشديد بسبب وصفها بالقبيحة  و جلست تشتم السيد سيف و ابنه  !!!
النهاية
----
سبحان الله و بحمده
الا اله الا الله
اللهم صلى على محمد عليه افضل الصلاة و السلام

جولياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن