•اِحتِفال أهْل الجِبال•

105 11 0
                                    


التّدرِيب كَالعادة قَاسي وصَعب ،هُو لَم يَرحم جَسدي المُنهك أو قلّة خِبرتي ،حتّى أنّه نَسى أننّي أنثَى بالسابعَة وعَامَلني مُعاملة الذكُور حَولي...ذكُور يفتَرسُوننِي بنظراتِهم الحادّة ،فَأنا الأنثَى الوحِيدة التِي تتَدرب عَلى القتَال بينَهم ،هُم يظنّونَ اننّي أشوهِ سمعتهُم واستهزِء بهم عَلى غرَار عقليتُهم الذكوريّة أنّ مكَانِي المَنزِل وليسَ خارجهُ .
مكَانتِي وحدَها مَن تمنعُهم مِن عدَم أَذيّتِي والتَنمُّر عَلي.

خُدوش كثِيرة تلّقاها جَسدي الضّئيل ،حَتى أولِيفر الوَغد لَم يتدخّل اليومَ لمسَاندتي بَل ظَل كالجَميع يُراقبني خَارج الدّائرة التّي رسَمها المدَرب، والذِي صَرح بتَعبير واضِح "أدخُل الدّائرة وَودع أطرَافَك "

المدَرب الذِي لقّبوه بالشَبح ،كَان خفِيف الحركَة ، سَريع البديهَة سَام الكلمَات ،قوي الضربَات لكِن أكثَر مَا يرعبنِي بهِ نظراتهُ التِي تخترقكَ كمَا تخترَق الأسهُم هدفَها ،توضِح لكَ كيفَ مزقّ الرحمَة مِن قاموسِه كمَا يمزِق الخيّاط الثوب البَالي

يقفُ مقابِلا لنَا بملابسِه الرمليّة التِي أضهرَت دراعيهِ الموشومَة برمُوز مختلفَة ،وشُوم تعبّر علَى قبَائل الشمَال وتاريخَها، كَانت عيونُه السودَاء الحالكَة والفَارغَة تطالعنِي كمَا تطالعُ الفريسَة طريدتَها ،عيونُه الغاضبَة أعلَنت دمَارََا شامِلا علَي كمَا لَو يريدُ الدعسَ علَيّ وانهَائِي

هو يبغضنِي لأقصَى حَد !

لكمَة قَوية عَانقَت أنفِي طَرحتِني أرضََا متألمّة ،لَكمة سَببت نزيفََا حادّا وسيلاََ من الدّماء لَوث ملامِحي ،ضحَكات مكتُومة تسلّلت لمَسامعي خلفَت قطَرات مالحَة علَى خَدّي ،اكرَه ضُعف قُوتِي الجَسدية أمَام قُوة الصّبيان ،أَكرَه تمتماتهُم الخفيّة عَن شخصيّتي ،فهُم يعتبروننِي مدللَة تخشَى كسرَ أَظَافرهَا وتَلويث ثيَابهَا ، أَكرهُ نفسِي لاَننِي لا أستطِيع المواجهَة وردعهُم حتّى بالكلمَات...

لكننّي لا أستطِيع حتَى لَو حَاولت ،نشئتِي وطريقَة تشكِيل شخصيتِي لَم تسَاعدنِي ،أعترفُ أننِي أضعفُ مِن الريشَة ،أعترفُ أنّ مكَانِي ليسَ هنَا فالعنفُ لا يلاَئمنِي ،أريدُ الركضَ فِي الحقُول وقطفِ أزهارهِ ،أريدُ الصيدَ فِي الغابَة معَ أوليفِر ،أريدُ ترويضَ الخيُول وتمشيطَ شعرهَا ،الضربَات والكلمات القَاسيّة لا تلائمُنِي لماذَا لا تفهمُون !

يَد قويّة جذبتنِي من ملابسِي بقسوَة توقِفني عَلَى أقدامِي ،لأقابلَ صاحبهَا وجهََا لوَجه ،ولَم يكُن سوَى مدربِي الذِي برزَت أوداجُه لشدّة غضبِه ، ناظرنِي بعيُون مُحمرة ومستشيطَة ،يضغطُ علَى كتفِي بهمجيّة جعَلتنِي أجعِد ملامِحي ودموعِي تأبَى الإنصِياع لِي والتوقُف..

داميبلوس:وردة الغرابحيث تعيش القصص. اكتشف الآن