الشَاهِـــد

1.5K 74 16
                                    

قبلَ أن تشرعَ في الدخولِ إلى هذا المنزلِ المتهالكِ عليكَ بطرقِ البابِ، قَد تُحدثـ طرقاتُك أصواتًا عاليةَ و على إثرِها قد تُنتج الصدى داخل أعماقِ هذا البيتِ الاسودِ .

مُجددًا .

ستطرُق بابي و سأدخلكَ بمَا أنني أقبعُ دَاخلَهُ، سأفسحُ لك الطريقَ و أمسكُ يدكَ و أقومُ بتشجيعكَ على تخطيِ عتبةِ البٱبِ .

سأقولُ لك مرحبًا وتردُ عليّ بإبتسامة متوترة و بوجهِ حمل الشحُوب ، تجوبُ عيناكَ الجدرٱن الحجريةَ و يعبث بكَ التوتُر ، حينها سأخرجُ لك خُفًا بلاستكيًا منَاسبًا لكَ و أنت لن تَرفُض .


ستجلسُ على كنبةٍ قُرمزيَةِ اللونِ تضعُ راحتَا يديكَ فوقَ حِجرك وعُنُقكَ مشغولٌ بالنظَرِ لتلكِ اللوحاتِ .

سأبتسمُ مجددًا .

سترفعُ ذقنكَ عالياً نحوَ السقفِ حيثُ سمعتَ صوتَ دبيبِ الأقدَام لكنكَ تعود لتنظُر ناحيَتي بشكٍ ..

سَأسلُكَ ما تُحبه من شِراب أو من تحليةَ تزيلُ علقمَ حَلقِك ، لكنكَ ستَرفُض .

و أنا ؟

لن أرغمكَ على تناولِ الكعكِ ولا على إحتسٱء الشٱي الأخضر ..

ستجلسُ هذه المرة بشكلٍ جانبي كيّ تصيرَ بمحاذاتي ،جنبًا لجنبٍ وعيناكَ حَملت الضيِق ..

مجددًا سأبتسمُ لكني لن أطمأنَك .

ستخبرني أنكَ أضعتَ الطريقَ بين بيوتِ هذا الحيّ القصيدري و أنكَ لا تَجدُه في أي مكانٍ مهما حاولت ، سترفعُ من صوتكَ قليلاً كي تبعدَ نغمةَ الإرتجاف منه و تقولُ لي أنني مجردُ باحثٍ لا يجدُ مبتغاهُ ،تريدُ مني إجابةً عن شيٍ لا تعرفهُ و لكنيي حينها فقط.

سأخبركَ أن تهدأ و أن تخفضَ من صوتِك ففي البيوتِ أصحابٌ ، لكنك تصمتُ وتعودُ مجددًا لوضعية المنتظرِ الصامتِ و عيناك تأبى الصمت .

سأحضر لكَ كأسًا زجاجيًا ممتلئ بمياهٍ باردة بعدما لمحتُ طيف إرتعاش أنامِلك و سأهمسُ لك بلا بأس .

ستعودُ أنت لتجوالِ نظراتك ناحيةَ الستارةِ الشفافة و تحملُ الف سؤالٌ في طياتكَ لكني وممجددًا .

سأبتسمُ.


لأنني اعلمُ ما تبحثُ عنهُ هو يقينٌ لا شَك ،هو واقعٌ تعيشُه بشهورِه و بأسابيع الشهور و بشعورِه أيضًا ، ستضيعُ طالمَا أنكَ ضائِع و لكني سأخبركَ أن تنصتَ لكلاميِ.

سأخبركَ ...

سأخبركَ أنّ ماتحبث عنه قريبٌ منك كقرب الوريدِ منكَ ، ستصيحُ غاضبًا و تخبرنني أنه من الخطأِ الدلوف لبيتِ مجنونةَ لا تعلمُ عنها شي و الاسوء أنها داخلَ بيتٍ حجريٍ سينهارُ عما قُرب ،سأجيبك بعدماَ إتكأتُ على تلك الوسادةَ السوداءُ وعيناي تضيقُ بشئ من اللطفِ و سأخبرك ..

سأخبركَ أنك أصبت في الدلوفِ ،فالمهجور غالبًا مايكونُ صندوق الاسرار ، الكنوزُ تدفن بعيدًا في الجُزر حيثُ الهجر.

سأخبركَ أن عليك أن تجلسَ و تضعَ شكوكَ جاَنِبا فماذا ستفعلُ بك عجوزٌ فقدت طاقتَها وروحَ الشبابَ ..

و ستخبرنني أنني شابةٌ لستُ عجوز و لكني ..

سأبتسمُ .

سأهمسُ لكَ بسُؤالي المُهم لكلينَا عن ماذا تبحثُ أيها الزائر ،لكنك ستُجيبُ بعدما أكملتَ شُربَ المِياه ،ستجيبُني قائلا بنبرة حزينةَ أنك تجوبُ هذه المنطقةَ منذُ سنواتٍ ، ستخبرني أنكَ خائف فقد فقدت أهلكَ بين جمعِ البيوتِ المتهالكة دون أصحابِها ، ستخبرني بجزع وعيناكَ بدأت تلسَعكَ من إثر الدموع أنكَ خائف أن تواجه مصيرَ من قبلك ...

أن تفقد نفسك .

أن تفقد ذَاتك؟ أخبرتكَ بعدما شاهدتُك مستعدًا للدُخول في نوبة بكَاء طويلةَ وقد فعلت ، لذَا ستراني أنهضُ من مجلسي أقتَربُ منكَ بهدوء حينها أنت سترى و ستلاحظ أنني هذه المرة ...

لم أبتسِم .

سترى الكتلات السوداء القابعةِ أسفل عيناي و سترى كذلك العيونَ المنطفأة ، سترى خدوشًا عميقًة على طولِ جيدي الأبيضِ و ستشعرُ بالبرودة و سأخبرك ...

سأخبرك أنه من الخطأ البحثُ عن ذاتك في بيوتِ النًاس فأين بيتك ؟ستصمتُ و لكني لن أفعل .

سأقتربُ منك أكثر و حينها أنت ستصعقكَ الصدمة ، ملامحي تختفي ببطئ شديد و صوتيِ بدأ يختفي و حينها ايضا سأخبرك ..

سأخبرك أنك أصبت مجددًا ،لإكتشاف نفسك تمثّل في غيرك وراقب تحركاتِك ،عليكَ بالتمثيل وحسب.

سأخبرك بعدما صرتُ بنفس شكلك و لكني أكثرُ بشاعة منك ،لأنني ذاتك..

الذاتُ بشعة .

ستهرب من المنزل لكنك قبل أن تمسك مقبض الباب ستتوقف لتنظر خلفك ،لتنظر لي بعدما سمعتَني أُحدثك ..

وقد أخبرتك .. هل يكونُ الإنسان شاهدًا على موتِه؟.

تبتلعُ ريقك و تووقفُ عن الارتجاف فجأة ، صوتُ دبيب الأقدام الصادر من الطَابق العلوي جعلكَ تقفُ متصنمًا و أنت تراني نفسكَ

اللوحاتُ تصبحُ بلونٍ زهري سكَري و الجُدران تُغلف ، السجادة تطيرُ و تتصبغُ بلون البَياضِ و الإنارة تنيرُ المكان ..

المكانُ يتغير ..و أنت مندهش لصوتِ الضحكات التي تأتي من الٱ مكان .

سأخبرك بأنك بحثت و بحثت و لم تجد و عندما وجدتني ستفرُ هاربًا، سأخبرك أن البشر يكرهونَ أنفسهم لا يحبون البشاعة .. و نسوا بشاعة قلوبهم ..

سأخبرك أنك ستفوز حالما تُنهي هذه التمثيلية ،سأكون أنت و ستكونُ أنَا ...

و كلانا كانَ الشاهدَ على القِصة ..

.
.
.
.






كلانا كانَ الشاهد على موتِك .













. . .

The Goblin |العفريتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن