٢ | رِحال.

75 9 14
                                    


نَفيسَة:

كُنا في مَركَبٍ ساكِن جُلوسًا قُربَ عمرانٍ أنا وَولدي قاعِدين، وَقد نَشبَ حَريقٌ في مُخيم خَلدي حَيث أخبَرني مَن أنا بِجانِبه عَن حِدَة السيوفِ الماضية في مَنبتِ الأمر

حَقيقَة، قَد إرتَجفت قَواطِعي لِوهلَةٍ حِينما صاحَ عمرانٌ بِخادمةِ نائِلةٍ راحِلة يَبتغي حُضورَ سَيدتها فورًا

"نائِلَة؟ نائِلَة أُختي...! وُلِدت مِن رَحمِ أمٍ كانَت كَليلَة الظاهِر والباطِن، أمٌ أجلَسها المَرضُ حولًا في مَضجَعها مِن ثُم أنجَبت
إبنَتها وَماتت، وُلادَةُ نائِلةٍ حينَها طُرزَت مِن بطانَةِ المُعاناة
و قماشَةِ الوَهن

إيمانُ أُمي قَد سَقطَ في غربالِ إختبارٍ إلهي، فإعتَنقتِ الصَبر"

نَفضَ أترِبَةً مِن الماضي حُبست بينَ ثَنايا رِئتِه وَنُقِش عِند جِفنه هَمٌ من خَراب دورِهم ليُكمِل

"قَبل بُلوغِ أُمي شَهرَ ولادَتها تَمَنت أن تُنجِب إبنَتها فِي مَكةٍ قُربَ بيتِ الله تَستأجرُ دورًا كَما الحال مَع وِلادتي، حِينها حَزمَ أبي أمتِعَته يَودُ أن يُحقِق أُمنيَتها الثانية...وَذهبنا

بَلغت في ذلِك الوَقت عَقدي الأول، وَكانَ ما تَبقى لِولادَةِ نائِلةٍ شَهرٌ وَنصف، لكِن الألَم قَد تَلظى وَأتت الطِفلةُ بولادَةٍ مُستعجِلَة فَولِدَت بينَ راحَةِ دَربِ السائِرين نَحو فَريضـَةِ حَجِهم، قَد أخَذت عافيةَ أِمي...وَترَكت لَها مَرضها"

قوطِعت كَلماتُه وَحوصِرت نيرانُ تِلك اللحظاتِ في نِهايةِ حَلقِه عِند لَمحِه لِنائِلَة جَليسَةً على آخرِ عَقبةِ الدَرج تُرشِقهُ بِنظراتٍ مُبهَمة...

إستَقامَت وَقد تَلونَ ثَوبها الجَديدُ بِلونِ الغَديرِ وقُماشَةُ وشاحِها من حَرير

إنتَصب وَلدي يَتجهُ نَحوها بَعدَما ناولتِ الأرضَ ثقلَها يُريحُ بِهامَةِ رَأسِه على حجرِها فَأردَف عمران

"وَعليكِ السَلام يا قُرَة عَين رضوان" نَهرتُهُ بِعينيّ فَلم يَنتَبه ليُكمل

"الليلَة، سَتعتَلينَ ظَهرَ النياقِ ذَهابًا لِعمتي في بغداد، وَحينَها سَأنظُر بِعافيةِ الحالِ إن إبتَغى الحَذر فَسأُرسِلُكِ للبَصرةِ أو إلى الطائِف"
رَمى كَلامَه وَكانَ ذهولنا عونًا لَه لِيستَقيم مِن مَجلِسنا

"رويدَك يامَن كَلامُك كَثيرٌ كَبيضِ البَعوضِ لا خَير فيهِ تَعالَ وإسمَعني ! أ تَقولُ أني ذاهِبةٌ لِبغداد؟ تَعال وَ وَضح لي ما عِلل الأمرِ بَل ما غايتُه يا غولَ الكوفَة"

وَجدتُ نَفسي أتفِقُ مَعها عَلى وَالِد وَلدي صارِخةً بِه أيضًا فإستدارَ إلينا يَضم مَسامِعه يُغلِق الباب

نائلةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن