١: انتشالُ ضحكة

728 38 197
                                    

باسم الله نبدأ

🦋🌸🌼🌼🌼🌸🦋

كانوا قد أنهوا فطورهم وتفرّقوا توًّا عندما تتالت الطرَقات العنيفة على الباب، سرعان ما احتشدوا في غرفة الاستقبال وتقدّم حسامٌ ليفتحه بينما يجفّف يديه بالمناديل الورقيّة. هدى كانت ترمقه شزرًا بسبب ذلك، إن تذكّرت ستعاتبه لاحقًا.

شحب لونه بعدما لمح الطّارق من ثقب الباب، فاستدار وطلب من أولاده: "لماذا لا تصعدون إلى غرفكم؟". رفضَت الصّغرى، هبة، نيابةً عن الجميع، فزفر حسام، الذي لم يتوقّع استجابتهم، وخرج بانهزامٍ ليستقبل الزوّار الغاضبين وسحب الباب خلفه.

لم يحُل ذلك دون سماعهم صوت الصّفعة، أو الكلمات النّاريّة الّتي لُفح بها والدهم، أو الحقائق الّتي أسقطَت بعض الأفواه ووسّعت بعض العيون. لم تكن الصّدمة سيّدة الموقف، هناك من تعاطف وحزن، وهناك من خاف، وهناك من لم يبالِ.

انقضت العاصفةُ بسرعة، وحلّ الصّمت الثّقيل طويلًا بينما ارتفع منسوب الترقّب، وكاد قلب هدى يغادر صدرها بانتظار النّتيجة. اندفع الباب ببطءٍ مُعيدًا زوجَها إلى داخل بيته مع إضافةٍ صغيرة، شاحبة، تتنفّس، ولكنّها تشبه الأشباح.

شهقت الفتاتان، أمّا الفتى الأكبر فقطّب حاجبَيه، وأمّا الآخر فأبدى اهتمامًا بما يجري لأوّل مرّة.

"ما هذا؟" سأل حامدٌ أباه.
-ألم تسمعوا الحوار برمّته؟
-لم يكن حوارًا، كان تقريعًا، من طرفٍ واحد.

زفر حسامٌ ورفع ناظريه إلى وجه زوجته. سبقَته بالكلام: "هل ما قالوه صحيح؟ أمّه... ماتت؟".
-(أومأ) فجأة، ولا يريدونه، لولا ذلك لما...
-هل تمزح يا حسام؟ لماذا قد يريدونه؟ أنت أبوه!
-أعلم ولكن...
-هل هجرتهما حقًّا؟ طيلة سنتين؟!
-الأمر معقّد، كنتُ...
-تعلم بأنّي لا أحبّها ولا أحبّ ذِكرها...
-إذن لماذا تهاجمينني؟!
-(رفعَت صوتها) ولكنّ الحقّ يقال، لديك طفلٌ وزوجة علنًا، إذن لماذا لم تتحمّل مسؤوليّاتك؟!
-(همس) هلّا خضنا في هذا لاحقًا، على انفراد؟

أشارت هبة إلى الصبيّ الذّابل بسبّابتها وحرّكتها نزولًا وصعودًا وسألَت: "سيعيش معنا؟". أجابتها أمّها: "لا مكان لديه سوى بيت أبيه". تأفّفت صغيرةُ البيت وصرخت: "إذا لمستَ ألعابي أيّها الجديد ستندم!". جفل الجميع من صرختها المفاجئة ما عدا المعنيّ، الّذي يحاول ألّا يغفو واقفًا.

شدّت الكُبرى شعرَ أختها ودفعتها بعيدًا بينما تتقدّم من أبيها وأخيها غير الشّقيق وسألت: "ما اسمه يا أبي؟ نسيت".
-ياسر

جثت مقابل الصّغير وأومأت قائلة: "صحيح... ياسر، لقد أفسدتَ النّمط، أتدري؟" رفع ياسرٌ رأسه بشكلٍ طفيفٍ لأوّل مرّة وبادلها النّظر "في بيتنا أسماء الذّكور تبدأ بحرف الحاء، والإناث بحرف الهاء، أنت خرجتَ عن القاعدة." انتظرَت إيماءةً أو ابتسامةً أو اعتراضًا "ما أسخفني؛ من أين لك أن تردّ وبالكاد تقف؟" التفتَت إلى أبيها "يبدو مريضًا".

تركيبةُ عطرِ الحنانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن