فصل3:عودة الماضي

28 1 0
                                    


ان الانسان مخلوق غريب بكل مشاعره ورغباته المعقدة يتمنى شيئا لكنه يرميه بعيدا يحس شيئا ويقول عكسه يرمي بنفسه لتعاسته ثم يلوم قدره أهو القدر فعلا ربما كان القدر حقا من يرتب لنا الأمور لكننا من نقرر، حينها لا تنسى أن تحكم عقلك ...... بين القلب والعقل كان موضوع مدونة اليوم.

صبيحة مشرقة ودافئة، فتحت حياة شباكها واستنشقت هواء نقيا، بقيت هناك ترتشف قهوتها منتظرة خروج جيرانها حيث اعتادت رؤيتهم كل صباح حتى صاروا عنصرا مهما من يومها وراحت تضحك من تصرفاتهم حيث يهمون كل صباح بالخروج وينظمون أنفسهم كالجنود كي لا يتأخروا، يقوم الأب بحمل الحقائب المدرسية أما الأم فتتفقد أولادها وهندامهم يصعدون الواحد تلو الآخر يعرف كل مكانه رغم أن السيارة لم تسعهم جميعا إلا أنهم تراصوا بها نعم فالحياة العائلية لا تخلو من الطرافة التي لا يفهمها العزاب.

اغتسلت حياة وتجهزت بسرعة كي لا تتأخر كانت قد أسدلت شعرها الطويل على جانب كتفها الأيمن

- اسمعي أظن أن قراءك مجانين مثلك البارحة كانوا يشتمون واليوم هم يوفقونك الرأي

- انهم يتفاعلون فحسب لقد قلت لك تقول ذلك وتضحك

-تضحكين! أنا حقا لا أفهم هذا الجيل

وضعت بعض الحمرة وخرجت مودعة والديها، نزلت السلالم مسرعة كعادتها ألقت التحية على بعض الجيران ممن صادفتهم بطريقها وشقت طريقها إلى مرسمها.

بما أنها تخصصت بالفنون الجميلة احتاجت مرسما ولأن البيت ضيق ولا يسمح بذلك قام والدها بشراء دكان صغير لها وضع فيه مدخرات حياته بشرط واحد على أن تبيع به بضاعة فاختارت بيع الكتب وبعض الأدوات المدرسية وكانت تقول له انه بمثابة دين وتمازحه مضيفة انها سترد دينه يوما ما عندما تصبح مشهورة لكن الرجل اكتفى برؤية ابتسامة وحيدته فالله لم يمنحه سواها وكل ما يملكه سيؤول اليها فهي كما اعتادا قوله انهما شحذاها من المولى بعد سنين من الزواج.

فتحت المكتبة ودخلت المرسم، ارتدت مئزرها الملطخ بالألوان وشعرت بأن شيئا ما يدفعها كهواء عليل يحمل روائح طيبة روائح كانت تعرفها جيدا، جو ملائم لتبدأ لوحة جديدة انه الإلهام. أخرجت كل الفراشي ووضعتها أمامها، جلست فوق كرسيها المعتاد خلطت الألوان و بفرشاتها داعبت لوحة قماشية بيضاء كملاك يلاعب الغيوم في جنة النعيم ولأن الشياطين غيورة تقف هناك وتهوى اللعب بجنس بني آدم لتخرج أسوء خبايا أو ربما حقيقته فقط، تجعل عيناها تتقد شرارة فتحرك الفتاة فرشاتها بقسوة وتلطخ لوحتها بكل الألوان تبدع شيئا متقلبا مزيجا بين نورها وظلامها بدا كل شيء حينها واضحا جدا عرفت أناملها ما أرادت رسمه بالضبط ولأن شيطانها صار ملاكها فجأة لم تستحمل الفرشاة الحمل، صبت عليها صاحبتها كما هائلا من المشاعر حتى كسرت من شدة قوة قبضتها

من شرفة لأخرىWhere stories live. Discover now