فصل 5:أمسية مطيرة

9 0 0
                                    



 انقضى شهر كامل بين المعرض والمرسم ركزت فيه حياة على رسمها لا غير بعد ان اتفقت مع أمها على تأجيل موعد الخطبة حتى يتسنى لها الوقت وتتمكن من تقديم عملها في موعده.

في تلك الأمسية حيث كانت تعود لمنزلها كعادتها تفاجأت بأمطار غزيرة تتساقط من السماء

-يا لحظي لم أجلب مطرية، حسنا أمري لله

بدت حياة من بعيد كطفلة صغيرة ابتلت كليا، ترتجف من البرد ولا تبحث عن مخبأ تحتمي به كانت تسير ولا تبالي، لم تلاحظ أن شخصا لحقها بسرعة حتى صار خلفها تماما وفي صمت بحركة ألية شاركها مطريته رفعت رأسها لتجد تلك العينين تحدق بها، لامست يده شعرها المبلل وقال بلطف ''أتمنى أن لا تمرضي'' لم تجبه حياة وبقيت فقط تحدق بعينيه وحتى تنزع كل أمل من قلبها تحركت شفاهها لتخرج بعض الكلمات الجارحة التي ستؤلم حتى قائلها.

ـأتذكر يوم تعلمت ركوب الدراجة يومها قال لي أبي أني كلما وقعت توجب عليَ الوقوف مجددا أتذكر أني طبقت نصيحته وبقيت أقع وأركب مرة أخرى حتى أتقنتها وحتى عندما كبرت طبقت نصيحة أبي مجددا لذلك من فضلك انزع مطريتك عني.

ابتسم ابتسامة خفيفة لما سمعه و بحركة آلية خفضها وابتل الاثنان كمن يغسل روحه بماء السماء، نزلت الأمطار بغزارة على غريبين يمشيان جنبا لجنب بالطريق لوجهة واحدة ورغم ذلك كانت طرقهم في الحقيقة محتلفة، لم يحاولا المشي بسرعة أو الهرب كباقي المشاة، تغلغلت تلك القطرات داخل قلوبهما وعقليهما لربما تمسح بعض الأشياء التي عجز الوقت عنها، استمرا بالمشي ولم ينطق أحدهما بكلمة، سارا حتى وصلا و بخطى ثقيلة حتى لا ينتهي ذلك المشهد ولكنه انتهى، صعدت هي الأولى وهو بعدها، دخل كلا منهما المبنى الخاص به حتى دون أن يلقيا التحية، في كلتا الجهتين كان المشهد بطيئا آليا يجر كلاهما الأرجل، ربما طمعا أن يتطوع أحدهما ويلحق بالآخر.

في السلالم كانت تفكر ما الذي جعلها تقول له تلك الكلمات وقالت بصوت مسموع من يظن نفسه يا له من مغرور بينما هو تساءل كيف له أن يلمس شعرها بعد أن حلف نفسه بكرهها مدى الحياة، فتح يده نظر لها وتمتم "يجب أن يتوقف كل هذا.

لا حقا أمسكت حياة منشفة جففت شعرها المبلل، كانت ترتعش من البرد لكنها لا تنفك تتذكر تلك النظرة التي رمقها بها، تذكرت يده بشعرها وعطفه، إنه هو آدم لم يتغير البتة حنون كما عهدته لا شك أنه لا زال يكن لي بعض المشاعر في ركن من قلبه ولو قليلا وربما لا ..... الأمنيات شيء مختلف عن الواقع ربما كنت أنشئ سيناريوهات غبية بعقلي، كفى يجب أن يتوقف كل هذا سأضع له حدا، لسنا أطفالا لا نؤمن بالفارس والحصان الأبيض بل بالحقائق و لمعرفة الحقيقة على المرء التحلي ببعض الشجاعة، يجب علي توضيح الأمور فهو لن يكلمني ويفتح الموضوع ولن يرتاح لي بال سأفصل في الموضوع وأعيش بسلام.

فكرت الفتاة ان تدعوه على الغداء كدعوة صداقة ليس الا بدا لها لوهلة انه لن يقبل وكمجنونة كلمت نفسها بصوت عال ولما لا يقبل وضعت اصبعها على شفتها وقالت مجددا وان لم يقبل ثم نفت كل ذلك واكدت لنفسها: سيقبل بالتأكيد. وعزمت على دعوته الآن وحالا.

-حسنا يا حياة ستواجهين أكبر مخاوفك الآن تشجعي.

قرعت على شباكه بواسطة مكنسة وكان الصوت قويا فضحكت إذ لم تفعل هذا منذ كانت في عشريناتها خرج ادم مسرعا واندهش لرؤيتها فهو لم يتوقع رؤيتها بعد ما حدث مساء ذلك اليوم، ضيق عينيه ليمعن النظر وقد بدت عليه آثار النوم

- لقد افزعتني هل كل شيء على ما يرام؟

-آسفة ولكنني خفت ألاّ تسمعني و....

ـ وماذا يا حياة؟

حسنا وددت معرفة اذا ما تقبل عزيمتي على الغداء، دق قلبها بشدة وهي تنتظر رده وتتخيل أنه سيرفض ويحطم رغبتها بمعرفة ما تريده أم هي كانت فقط تختلق أسبابا لرؤيته لكنه كان مهذبا وقبل عرضها رغم صعوبة الأمر لما فيه من حرج لكليهما.

عرض مريب من فتاة غريبة، لم قامت بدعوتي فنحن لم نعد ما كنا عليه بالسابق لم تصرّ على إحياء الماضي ما الفائدة من ذلك، وان يكن إن أرادت إحياء الماضي سنحييه ولكن هذه المرة أنا من سيطرح الأسئلة وهي تجيب، هي ستتألم وأنا سأتلذذ برؤية دموعها، أحقا سأكون سعيدا إن أحزنتها ألهذه الدرجة صرت أكرهك؟ لكنني حتما سأقف أمامك متمنيا احتضانك ألهذه الدرجة أحبك؟ أي حب لا يوجد شيء كهذا لن تكسر غروري، أفففف يا حبيبتي هل ستقفين هنا طويلا بين كبريائي ورغبتي؟

كل تلك الأفكار جالت بخاطر آدم بينما في المنزل المجاور كانت فتاة تجهز ملابس أنيقة لموعد غداء هكذا بكل بساطة. ربما كانت الفتيات تنتظرن الكثير من الرجال رغم علمها مسبقا أنه سيجعلها تبكي وضعت نفسها في يد الجلاد لكنها ستتجرأ وتغتنم الفرصة فكم من غزالة عشقت صيادها. 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لا تنسوا ان تتركوا لي تعليقاتكم كما يسرني مناقشة اي شيء تودون معرفته أحبتي 

ارتأيت لنشر فصلين لتلبية نهم القراءة لكل الشغوفين بها، أتمنى لكم قراءة ممتعة 



You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: Sep 18 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

من شرفة لأخرىWhere stories live. Discover now