-1-

1 0 0
                                    

أعتقد أن القصة كلها بدأت بعد أن أجهضت أختي ليال طفلها الثاني، وأخبرها الأطباء أن الحمل سيكون خطيرا جدا عليها بعد عمليتي إجهاض، إضافة لأن احتمالية حصولها على طفل مشوه أو معاق حتى في حال نجاح الحمل ونجاتها، مرتفع للغاية.. أخبرتني أختي ليال أنها تشاجرت مع اخي آدم زوجها كثيرا بعد معرفتهما لحالتها الصحية، لقد أرادت أن تحصل على طفل، أرادت أن تجعله والدا.. كانت تتوق دوما لرؤية زوجها الذي تحبه يحمل طفلهما بين يديه ويلاعبه ويعتني به، لكن الامر أصبح شبه مستحيل الان، لقد اقترحت عليه حتى أن يطلقها ويتزوج بامرأة اخرى، عندما أخبرته بذلك فقد أخي آدم صوابه تماما، وأخبرها أنه لم يعد يعرفها، وأنها ليست المرأة التي عشقها أبدا.. لم يكن أخي آدم يريد عائلة بقدر ما كان يريد أختي ليال، بالنسبة له هي عائلته ومنزله وعالمه كله، وإن كان حصوله على طفل يعني فقدانها فهو يفضل عدم الحصول عليه.. لم تصدق أختي ليال هذا الكلام وقالت أنه بعد سنين سيغير كلامه عندما يرى كل أصدقائه ومعارفه يتجولون مع أبنائهم المراهقين، او عندما يزوجون بناتهم ويبكون لفراقهم، او حتى عندما يتحدثون عن مشاكلهم مع أبنائهم وكمية الصداع التي يسببونها لهم، سيتمنى في تلك الاوقات لو أنه استمع لها وانفصل عنها، استمر الأمور في التدهور بينهما لدرجة أن اختي ليال تركت المنزل وعادت لمنزل والديها.. بالموازاة كانت أمور أخي آدم في العمل سيئة جدا أيضا، وشركته الناشئة الصغيرة الخاصة بصناعة الطلاء والدهانات تعرضت لمسائلات قانونية عن استعماله لمادة محظورة سامة ومسرطنة، على الرغم من انه لم يفعل لكنه خسر سمعته في سوق العمل وتأخر عن مواكبة منافسيه، كان على وشك الإفلاس.. حينها عادت أختي ليال له، أخبرتني انها اعتذرت له بأكثر طريقة درامية يمكن تخيلها لدرجة أنها تشعر بالإحراج حتى الآن عندما تتذكر الأمر، لقد عادت للمنزل لكنها اكتشفت أنها عندما ذهبت لم تأخذ معها المفتاح لأنها كانت قد اتخذت قرارا قاطعا ونهائيا بعدم العودة، لم يكن هناك أحد في المنزل لذا بقيت تنتظر عند الباب، ولأن اخي آدم لم يكن يعلم بقدومها فقد تأخر في العمل كثيرا، ولم ترد هي أن تتصل به أبدا لأنها كانت خائفة من رد فعله، بمجرد أن رأت سيارته قادمة أجهشت باكية، لقد بكت كطفلة صغيرة، ومهما حاول أخي آدم أن يفهم شيئا منها لم يستطع، لقد كانت تتحدث وتشهق لكن لا شيء مفهوم مما تقوله، حاول أخي آدم تهدئتها وإدخالها للمنزل لكنها كانت منهارة تماما، إلى أن عانقها في النهاية وأخبرها أنه لا بأس، ويكفي أنها عادت إليه وإلى منزلها، حينها فقدت اختي ليال وعيها.. على الأغلب أغمي عليها بسبب انهيار أعصابها وتوترها الشديد، لكنها استفاقت بمجرد ان رشها أخي آدم بالماء، وبمجرد ان فعلت عانقته بشدة واعتذرت له، وهكذا عادت الأمور لمجاريها بينهما، واتفقا أنهما ليسا بحاجة لطفل كي يكونا سعيدين، صحيح انهمت سيشعران بالنقص دوما لعدم وجود ابن أو ابنة يملأ عليهما حياتهما، لكنهما سيحاولان فعل اشياء أخرى لتعويض ذلك، هذه الأشياء الاخرى كان من ضمنها إنقاذ طفل تعيس، الذي هو أنا، إسراء!

إسراء -حكاية طفلة اختارت الصمت-حيث تعيش القصص. اكتشف الآن