-3-

3 0 0
                                    

لست متأكدة حتى الآن من معنى الحب وكيفيته، لكني متأكدة أنه كان يغمرني منذ لحظة لقائي بأختي ليال!

...........

لقد انتهت عطلة الشتاء، اكتشفت هذا بعد انتهائها.. لأنهم أدخلوني إلى المدرسة بعدها، لقد قضت اختي ليال ليلة كاملة وهي تحاول إقناعي بمدى روعة المدرسة، وأني سأتعلم الكثير من الأشياء المفيدة هناك.. لا أدري لماذا بذلت كل ذلك الجهد لإقناعي بذلك، ألأنها كانت تدرك ان المدرسة ليست مكانا أوجدوه من اجل من هم مثلي.. هل عرفت مسبقا أني لا ألائم المدارس والمدارس لا تلائمني!؟

أذكر أني سمعتها تتحدث في الهاتف، ربما مع جدتي أو ريما، وربما مع إحدى صديقاتها، عن حيرتها لإدخالي لمدرسة عادية او مدرسة خاصة بالبكم، لكنها في النهاية وجدت ان مدارس البكم تخص الصم البكم، وأخبرتها الطبيبة سميرة أنه يمكنني أن أبلي حسنا في مدرسة عادية، وربما يساعدني ذلك لاستعادة النطق.. مع بدء الدراسة، بدأت بزيارة الطبيب لاستعادة النطق ايضا، شخصيا لا أذكر اني تحدثت من قبل، لا أعرف كيف هو صوتي.. ولسبب ما، لم اكن ارى أي داع أو سبب مقنع لأتعلم الحديث.. سوى الثرثرة، ويمكنني فعل ذلك مع الأشخاص الذين احب بطريقتي، غير ذلك، حتى لو كنت أتحدث بشكل عادي فأشك اني كنت سأستخدم ذلك خارج حدود منزل اختي ليال ومنزل جدي.. الحديث مع الغرباء امر مرهق جدا بالنسبة لي، ليس لأني بكماء بل لأني لا أستطيع ان اجد تلك النقاط المشتركة في الحديث التي اجدها مع هؤلاء الذين أحب واعتدت الحديث معهم، في كل مرة احاول يبدو الأمر وكأن كلانا يتكلم لغة مختلفة عن الآخر، طريقة التواصل _حتى باستخدام الكلمات نفسها_ مختلفة...

.........

كنت أذهب إلى المدرسة مع زين، واعود معه، كانت الابتدائية والإعدادية مجموعتين في مدرسة واحدة كبيرة، ولا يفصل بينهما إلا ساحة كنا نجلس فيها أنا وزين في وقت الاستراحة أحيانا، لكن في معظم الوقت كنت اجلس فيها وحدي وأراقبه في ملعب الإعدادية وهو يلعب كرة السلة مع رفاقه..

اليوم الأول كان فظيعا، كان الجميع يسألونني أسئلة من قبيل ما اسمك، كم عمرك، اين كنت في الفصل الاول، وكلها أسئلة لا أستطيع الإجابة عليها بهز رأسي فحسب، لذلك حملت حقيبتي الصغيرة الفارغة إلا من دفتر رسم وقلم رصاص وألوان خشبية، حملتها ووقفت في آخر الصف وأشرت لهم أن يبقوا بعيدين عني، لقد فعلوا ذلك حتى النهاية.. المعلمة كانت عابسة طوال الوقت، ورأيتها تضرب بضعة تلاميذ لأنهم اخطأوا في الإجابة.. بعضهم بكى.. كان ذلك مرعبا، ذكرني بأيام الاعور وسمرا.. كنت قد نسيتهم تماما والآن أتذكرهم بهذه الطريقة المرعبة..

عندما عدت للمنزل مع زين في وقت الغداء، وسألتني اختي ليال عن المدرسة نفيت لها برأسي بقوة، ففهمت اني لم احبها ولا أريد العودة، حينها قال زين وفمه مليء بالطعام:" انا أيضا لا أحب المدرسة! المدرسة ليست مكانا موجودا ليحبه التلاميذ، ثقي بي! لكن يمكنها ان تكون جيدة أحيانا! إن حصلت على أصدقاء مضحكين وشيء ممتع لفعله ككرة السلة فلن تكون بذلك السوء.."

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Sep 06 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

إسراء -حكاية طفلة اختارت الصمت-حيث تعيش القصص. اكتشف الآن