القلب الأبيض

4 1 0
                                    

في مدينة آسفي الساحرة والمطلة على المحيط الأطلسي، عاش رجل يُدعى صالح، كان يعمل مديرًا لشركة الفوسفات، وهي واحدة من أكبر الشركات التي تعتمد عليها المدينة في ازدهارها الاقتصادي. صالح كان معروفًا بين الناس ليس فقط بمكانته المرموقة في الشركة، بل بثقافته الواسعة وذكائه الحاد. كان يمتلك مكتبة مليئة بالكتب التي تتنوع بين الأدب والفلسفة وعلوم الاقتصاد، وكان دائمًا ما يُعرف بحبه للنقاش العميق حول كل ما يخص الحياة والسياسة.

إلى جانب نجاحه المهني، كان صالح يعيش حياة مرفهة تنعكس على كل جوانب حياته. كان يمتلك سيارة مرسيدس فاخرة، من أحدث الطرازات وأكثرها جاذبية. كانت السيارة رمزًا لحياته المرفهة ولما وصل إليه من نجاح. وعاش صالح محاطًا بإخوته الذين كانوا أيضًا ميسوري الحال، كل واحد منهم يمتلك منزلاً فخمًا، وأسرة سعيدة، وكانت تجمعهم لقاءات أسبوعية يتحدثون فيها عن شؤونهم ويتبادلون الذكريات الجميلة. كان الحي يشهد على هذه العائلة المترابطة والناجحة، وكل من يعرفهم يدرك أن حياتهم هادئة ومستقرة، مليئة بالإنجازات والرفاهية.

ومع ذلك، كانت هناك جارة تُدعى حليمة، تعيش في البيت المقابل لمنزل صالح. كانت امرأة حاقدة، مليئة بالغيرة والحسد تجاه كل من حولها، لكنها كانت تركز بشكل خاص على عائلة صالح. كل صباح، كانت تراقبهم من نافذة مطبخها، تلاحظ كيف يغادرون منازلهم بسياراتهم الفاخرة، وترى زوجات صالح وإخوته يرتدين أجمل الملابس ويعيشون حياة مترفة. لم تستطع حليمة أن تتجاهل شعورها بالمرارة كلما شاهدت تلك اللحظات السعيدة التي تعيشها هذه العائلة. كان هذا الشعور يتضخم داخلها يومًا بعد يوم حتى تحوّل إلى رغبة جامحة في تدميرهم.

لم يكن بإمكان حليمة أن تتحمل رؤية عائلة صالح تعيش في هذا النعيم بينما حياتها كانت مليئة بالمشاكل والصعوبات. لذلك، لجأت إلى السحر الأسود، وهو أكثر الطرق ظلمًا وقسوة لتدمير حياة من تحقد عليهم. بدأت بالتردد على ساحرات معروفات في المناطق النائية، حيث تعلمت الطلاسم الغامضة، وجمعت الأدوات السحرية المطلوبة، كل ذلك في سرية تامة. كانت حليمة تخطط بحذر لإيقاع الخراب في حياة صالح وإخوته، وكلما ازداد حقدها، كلما زاد تصميمها على تدمير هذه العائلة.

بعد فترة من أعمالها السحرية الخبيثة، بدأت تظهر على صالح علامات غريبة. كان يبدو مشتت الذهن، يفقد تركيزه في الاجتماعات المهمة التي كان يديرها بكفاءة عالية من قبل. في البداية، لم يلاحظ أحد سوى تغييرات طفيفة، لكنه سرعان ما بدأ يتحدث بطريقة غير مفهومة، وكانت حالته تتدهور بسرعة لم يجد لها الأطباء تفسيرًا واضحًا. تحوّل صالح من الرجل اللامع والمدير الناجح إلى شخص لا يستطيع حتى السيطرة على أفكاره أو أفعاله. أصبح العقل الذي كان يومًا رمزًا للذكاء والنجاح مضطربًا ومشوشًا.

وفي النهاية، ساءت حالته إلى درجة جعلت عائلته تضطر إلى نقله إلى مستشفى للأمراض العقلية. في ذلك المكان البعيد عن حياته المعتادة، حدثت مأساة لم يتوقعها أحد. في لحظة من الغفلة، قتل صالح على يد مريض آخر في المستشفى، في حادثة هزت كل من عرفه وأحبّه. لم تكن هذه مجرد وفاة عادية، بل كانت كارثة تسببت في انهيار العائلة نفسيًا وعاطفيًا.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Sep 05 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

لعنة الساحرتينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن