الفصل الثاني

180 25 8
                                    

الفصـل الثـاني
أَجْــنَبِي
ــــــــــــــــــــــــــ

تَدَان حالته وشقائه منذ الصغر، أنْبتَ في قلبها الشفقة تجاهه، وسرعان ما تحولت لإعجاب من رجولته الدائمة في المواقف الجادة، وأيقنت أن ما يعانيه، والسوء الواقع عليه، ما هو إلا من طِيب قلبه الذي يفوح منه.
قبيل انضمامها لأجواء عمله، تفرست ورد في بطء هيئته وما يقوم به من أعمال وجدتها شاقة _من وجهة نظرها_ وأنه يستحق الأفضل. لمحته قد انتبه لحضورها مع أخيه وابتسم، فبادلته البسمَة بقدر ما أُعجبت من سماحته ووسامته.
أخذت تتقدم منه برفقة رامي، وحين استقام حسين وترك ما بيده لمقابلتهما، خاطبته في رقة:
-صباح الخير!
-صباح النور، أيه الزيارة اللي مش على البال دي.
أجاب حسين في ود، ألقى رامي نظرة لـ ورد قبل أن يرد مترددًا:
-كنا جايين ليك في خدمة، وإنت الوحيد اللي تقدر تقوم بيها.
اعتلت الدهشة وجه حسين وأضحى مُنصتًا لهما، يترقب ما يريدانه منه. لم تجعله ورد يُكمل لتضيف بنبرة مرتجية:
-بس علشان خاطري يا حسين، بلاش تتعصب أو ترفض بسرعة
تأججت دهشته من طريقة سردهما لطلبهما منه:
-ما تقولوا على طول فيه أيه قلقتوني؟
تجاسرَ رامي وهو يوضح:
-فيه واحد أجنبي معجب بشغلي، وعلشان كده هيجي يزورنا ويقعد عندنا كام يوم.
بدا على حسين فهمه للموضوع بطريقة أخرى، وظهر ذلك في رده:
-طيب أنا مهمتي أيه، واحد عايز يقعد في مصر، أعمله أيه؟!
مرة ثانية تبادلت ورد مع رامي النظرات المخبوء خلفها شيء جهل حسين في إدراكه، ثم وزع نظراته المستفهمة عليهما.
-هيقعد معانا في البيت يا حسين.
قالها رامي بصلابة رسمها من فرط حماسه للأمر، وهنا توصًل حسين لسبب حالتهما الغامضة، وبجدية مفاجئة ولاح عليه علامات وكأنه يفكر في الأمر، فترقب الاثنان رده في شغف؛ متأملين منه إعطاء الموافقة.
بضع لحظات مرت في صمت منهم؛ حتى كسره حسين يتساءل في اهتمام:
-ماما عايشة معانا، إزاي نجيب راجل غريب، مينفعش!
ابتسمت ورد من مناقشته للأمر وعدم تسرُّعه، بينما قال رامي وقد فكر سلفًا:
-من الناحية دي اطمن، مش هنسيبه لوحده مع ماما، حد فينا هيكون موجود معاه، وكمان أغلب الوقت هاخده معايا منين ما أروح.
تجهُّم وجه حسين لم يُبشّر بخير، لتهب ورد في ترجٍ خشية اعتراضه للأمر:
-دي فرصة لـ رامي، ولازم نقف جنبه، وافق يا حسين.
انتبه حسين لما تقوله، وكذلك لمجيئها الذي لم يتفهمه، فسألها مستنكرًا:
-طيب وإنتِ أيه علاقتك بالكلام ده؟!
توترت ورد من نظراته نحوها وهو يوجه الحديث لها، فقالت في حرج:
-وفيها أيه أما أقف مع ابن عمتي وأشجعه إنه يوصل لحلمه.
فور انتهائها من التعليل وجه حسين نظراته تجاه أخيه ولاحت بسمة صغيرة على ثغره؛ لكنها غير مريحة بالأخص لـ ورد، فقد فطنت منها أنه يشك في علاقة بينها وبين رامي، لربما محبة منها تجاهه، هنا رسمت تكشر وجمود في وقفتها وهي تنظر إليه؛ معلنة رفضها لظنه ذاك، وقررت الصمت أفضل حتى لا تزيد الأمر تعقيدًا.
بعد تفكير موجز من حسين نطق في تروٍ:
-أنا معنديش مانع طالما دا لمصلحتك، بس أُمّنا مش هتوافق
كان رامي مدركًا لتلك النقطة، لذا قال ليستعطفه:
-البركة فيك تقنعها.
حدق حسين بالأسفل يعيد التفكير في الأمر، طرأت عليه فكرة ربما تكون متهورة؛ لكنها الحل الآن، خاطب أخيه في عزيمة:
-ماما مش هتوافق، فخلينا نحطها تحت الأمر الواقع لما ينزل مصر إن شاء الله......!!

((أَجْنَبِي))؛؛(foreign)(خُنُوع أَغْرى الصَبْو)؛؛للكاتبة إلهام رفعت حيث تعيش القصص. اكتشف الآن