الفصــل الحادي عشر

160 24 14
                                    

الفصـل الحـادي عشــر
أَجْــنَبِي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قابلت ما يفعله بصدرٍ رحب حتى وإن كان مُرغمًا عليه، ولم تفعل مثلما استهجنت زوجته السابقة حياته البسيطة، وارتضت بكل ما يقدمه لها بوجهها البشوش.
حيث على كورنيش النيل، جلست ورد على مقعد رخامي تنتظر حضوره حين توجّه لجلب مثلجات لها وبعض الحلوى التي طلبتها منه، وعندما رأته قادمًا نحوها ومعه المطلوب ابتسمت متهللة. دنا حُسين منها ثم ناولها كوب المثلجات أولًا، جلس في دعةٍ تعجّبت منها بعكس التأفف السابق تجاه وجوده معها، ثم نظرت له وقالت ممتنة:
-ميرسي يا سونة!
نظر لها بطرف عينيه على لقبها ذاك ولم يعلّق، فشرعت ورد في تناول المثلجات وهي تنظر له منتظرة أن يتحدث في شيء، لكن سكوته أثار فضولها وهو يشرب قهوته شاردًا، فسألته مهتمة:
-مش عاوز تقول حاجة يا حسين، حتى لو عن علاقتنا؟، قول عاوزة أسمعك!
انتبه لها تخاطبه فرد في هدوء:
-هتكلم في أيه، الموضوع بسيط وهيلخص دلوقتي أو بعدين!
هي بالفعل تشعر بما داخله من هموم، وذاك التردد في الارتباط بأخرى نابعًا من صدمته السابقة فيمن أحبها، وجاء سؤال مُلح يطاردها تريد الإفصاح عنه، وترددت كثيرًا في قوله، فدفعها عشقه له عليه، فسألته مترقبة:
-إنت جواك مافيش مشاعر ناحيتي لما ارتبطنا؟!، إحنا دلوقتي متجوزين!
نظراته نحوها غامضة ولم تستشف منها أي قبول أو رفض، سوى من كلامه تجاه الأمر، وهذا ما حدث حين قال ردًا لم يشبع فضولها:
-اللي هنقوله هنعيده، فترة وهتعدي.
اختنقت من رده الدائم عليها، ثم زفرت بقوة وهي تنظر للجانب الآخر مستمرة على مضض في تناول المثلجات، بينما لاحظ حسين ضيقها، وليست المرة الأولى التي يشعر بأنها تكن له الحُب والقبول، ولم ينكر أنه أحب ذلك، وحثته لطافتها ورقتها على التكملة، فمن مجنون يترك هكذا فتاة؟، وفكر كثيرًا في البقاء معها، لكن حين هاتفته والدتها ليلة أمس بطريقة غليظة لتمنع زواج ابنتها منه، جعله ينفض الفكرة تمامًا، فهو غير راغبٍ في المرور بمأساةٍ مرة أخرى، وتمنى لها الأفضل مع غيره، يمنحها في سخاءٍ ما تريـده.
وفي لحظة لم تكن على البال، انتبه الاثنان لـ منى برفقة زوجها تسير معه بالقُرب وهي تتأبط ذراعه، ودون تفكير التفتت ورد ناحيته لترى رد فعله، وليتها ما نظرت، فقد أحسّت بغِيرته رغم جموده، فأنفاسه العالية التي تخرج منه أعربت عن كل ما بداخله حين رآها، عشق ما زال موجود، وحينها أرادت صفعه، قتله، الصراخ لتوبيخه، وبصعوبة بالغة ضمرت ذلك وتابعت ما تفعله الأخيرة من دلال تجاه زوجها، وضحكها الصاخب الذي أثار قرفها، وأيقنت أنها تتعمد ذلك لتغضب حسين وها قد كان حين خاطبها بنبرة جافة:
-يلا نمشي يا ورد!
حدقت به بطلعة حانقة وهتفت:
-هنمشي ليه إحنا لسه واصلين، ولا خايف حد يشوفك معايا؟!
طلب حسين ذلك لعدم ضيقها هي من وجود طليقته، ولم يعتقد بأنها تفهمت الأمر بشكلٍ مغاير، فرد لينفي:
-لأ طبعًا، آ..
لم تمهله ورد الفرصة للكلام حتى نهضت وعليها انزعاج واضح، هتفت:
-يلا نمشي، أصلًا لما بكون معاك بحس بملل
نهض حسين مستاءً من ردها عليه، وعلم بأن تفكيرها محدود بظنها الخاطئ، ولينهي الوقوف كثيرًا هنا قال:
-تمام يلا!!
تحرك الاثنان تاركين المكان، وكانت أعين منى لهما بالمرصاد، فقد تعمّدت أثناء مرورها بسيارة زوجها حال رؤيتهما أن تنزل للمكان لتجعله يراها وتملأ قلبه غِيرة، لكن وجوده مع هذه الفتاة مزّق قلبها، خاصةً أنها للآن لم تتقبل زوجها بعكسه هو، رغم النعيــم الذي تسبح فيــه، وسيطر الندم عليها...........!!

((أَجْنَبِي))؛؛(foreign)(خُنُوع أَغْرى الصَبْو)؛؛للكاتبة إلهام رفعت حيث تعيش القصص. اكتشف الآن