مَن القاتِل؟

105 16 8
                                    

.

| مَن القاتِل؟

°°

ليلَة مسائيّة كأي ليلة روتينيّةٌ بحتةٌ، عودة الزوج من عملِه بعدَ يومٍ شاقّ ومرهِق مستعدًا لاستقبال زوجتِه المليء بالحفاوة والعفويّة، الطاقة التي سترسِلها لهُ لتنسيه تعبَ اليوم، قد وصل لبابِ الشقةِ مخرجًا المفتاحِ يديرهُ في ذلك الثقبِ ليفتح، استقبلهُ الظلام الدامِس وقبل أن يضع يدهُ على مكبَس الضوء، نادىٰ بتلقائيةٍ:
_رانيا!

ضغطَة واحدَة ولكنّ الصعقَة هبطت أعلىٰ رأسِه عقب إضاءتِه للضوءِ الرئيسيّ للشقةِ، كـ كلّ يومٍ يستقبلُ رائحةُ بخور أو عطرٍ يفوحُ المكانِ، تكون الشقّة مرتبَة ومنظّمَة، رائحتها ياسمينًا وفلًّا.

بينما ما استقبلهُ اليوم فوضىٰ عارمَة بجميع أركان الشقّة، رائحةٌ كريهة تسللت لأعماقِ أنفهِ، وقعَت حقيبتهُ من يدهُ، يتحرّك بأقدامٍ واهنة محاولًا الإسراع من خطاهُ باحثًا عن زوجتهُ ولكن توقّف عن السير متسمرًا موضعهُ، الرائحةُ الكريهة كانت رائحةُ دماء جثمانِ زوجتهُ التي متباينًا أنها قُتلَت منذُ وقتٍ وليسَ قبل ساعاتٍ قليلَة، خانتهُ قدماهُ يجثوا أرضًا، الصدمة جليّة على وجههِ، لسانه يعجزُ عن إخراجِ حرفٍ، ولكن جاهدَ للإخراجِ مردفًا باسمها مجددًا لعلّ ذلك يكونُ كذبًا:
_رانيا!!

تحرّك زاحفًا بركبتيهِ نحوهَا، يتأمل عيناها الجاحظَة الدماءُ التي تُغرقها، الكدماتُ المتفرقَة على وجهها، خصلاتها المبعثرَة حولها، عقلهُ ما زال غير قادرًا على الاستيعابِ، أو تصديقِ ما يراهُ، هربت الدموعُ من مقلتيهِ وقد مرّت ثوانٍ استوعبَ بها ما يحدُث، لينهَض مستقيمًا يخرج هاتفهُ سريعًا ليُبلِغ الشرطة والإسعاف.

ليمرّ بعض الوقتِ، لتُصبح شقتهُ مسرحُ جريمةُ قتلٍ، والقتيلُ هي زوجتهُ.. فـ أين القاتل؟ هذَا هو ما سيتمّ البحث عنهُ منذ تلك اللحظة.

فيعملُ الجميع على قدمٍ وساق، يقومُ معمل التحليل الجنائيّ بتصويرِ كلّ ما حدثَ، كلّ ركنٍ تمّ العبث بهِ يتمّ أخذ صورة، فقد جاءَت النيابة أيضًا للتعيينِ.. فيمَا يقف الزوج وأمامه ضابط وجواره عسكريّان، يتمّ تساؤلهُ في وضعِ التحقيقِ والتحري:
_يا حضرة الظابط زي ما بقولك أنا نزلت من بيتي عادي الصبح أروح شغلِي زي كل يوم، وراجع زي أي يوم لمراتي عادي.. ألاقي المنظر ده؟

عينٌ يظهرُ عليها الأسىٰ والحزنُ، يأبىٰ الضعفُ أمامهُم فتحجرَت دموعهُ رافضًا لها أن تتحرر، قابضًا عليهِم بقوتِه، ألمٌ متوغل داخل قلبه، نيرانٌ تعصفُ بهِ ولكن يحاول إخماد كل ذلك الآن، ليقدر على الردّ على كمّ التساؤلات التي تنهالُ عليهِ كالمطر الغزير.

كان الضابطُ أمامهُ يحاول دراسة حركاتهُ ولغة جسدِه بنظراتٍ غامضة مريبة، فعمل الشرطة يتطلّب النظرة البعيدَة التي تتفحصّ وتخترق لمعرفةِ الحقيقة، فقامَ بالتساؤلِ مرّة أخرىٰ بنبرتهُ الرزينَة:
_خرجت من بيتك الساعة كام الصبح يا أستاذ فريد؟

مَن القاتِل؟ | وان شوت ✓Where stories live. Discover now