دفتر مذكرات قديم

35 3 0
                                    


أنا رينا أوسامو، فتاة تركية تعيش في اليابان منذ الولادة

عمري الحالي 27 خريفا تساقطت فيهم أوراق روحي، وتحركت أحجار شطرنجي بعشوائية في غالب الأحيان، فأنا إنسانة تعيش لحظاتها دون تخطيط، سمحت للأحداث والأشخاص أن يتحركوا ويتغيروا كما يشاءون داخل مجالي، لكنني لشدة ثقتي بهم أفلتهم دون قصد مني لينزلقوا إلى مجال أوسع لا أظهر فيه أنا أبدا

ومن هنا بدأت رحلة اكتشاف الخيانة، بينما أنبش الذكريات المعلقة على جدران عقلي، وأربط الأحداث بخيوط صنعتها من أمل عودتهم إلي، وجدت أنني كنت المطعون الوحيد في حكايتي والوغد البائس في حكاياتهم

وجدت جروحا غير ملتئمة لم أنتبه لها، كدمات على جدار مشاعري، شرايين رقيقة مقطوعة قرب قلبي، أعصاب تالفة لأسباب أجهلها، ومخزون دموعي وجدته جافا قاحلا كأرض جرداء مات صاحبها وتخلى عنها أحفاده وأبناءه لتتشقق وتمتلئ بالأشواك

حاولت التعافي بالهرب ونجحت، هربت وابتعدت عمن كانوا أكبر أولوياتي وأساسا حتميا في حياتي، أشخاص منحتهم قلبي وضممتهم بكل جوارحي فلعبوا ألعابا قذرة داخل روحي وهربوا تاركينها مهترئة ممزقة

انتقلت إلى جامعة بعيدة ومدينة أبعد

تعافيت وتخلصت من شظاياهم تماما، وعندما بدأت أزهار الساكورا تتفتح في عيني، اضطررت ذات يوم للسماح لشخصيتي المريضة أن تخرج بسبب أحد زملائي لكنني لم أستطع السيطرة عليها

كبحتها سنتين كاملتين وبمجرد أن أطلقت لها العنان أحرقت كل شيء من حولي ولم يتبقى هنالك ساكورا لتزهر في عيني مرة أخرى

نتيجة لذلك تم طردي وإعادتي إلى مدينتي لألتقي بتلك الوجوه القذرة مرة أخرى، لكن بطريقة مختلفة...

فهم هذه المرة ظاهرون على حقيقتهم ويعلمون جيدا أنني استفقت من غفلتي عن الجرائم التي ارتكبوها داخلي، ويعلمون جيدا أنني لن أسامحهم أبدا

كما أعلم جيدا أنني لن أكبح رينا المريضة بعد الآن، وسأحرق هذه المدينة اللعينة على رأس كل وغد تسبب بِذرة أذى لي في الماضي

أنا الآن قوية حقا، لم أعد ساذجة لكنني عدت مريضة نفسية مرة أخرى كما يسميني المجتمع دائما

لطالما أطلق الناس على أمثالي إسم المرضى النفسيين لكنهم لا يعلمون أنهم هم أكبر المرضى النفسيين أما نحن فمجرد ضحايا بائسين عانوا بسبب جنون البقر الذي يصيب محيطهم القذر بين الفترة والأخرى

ودعونا لا نطيل في الحديث، هذا الكتاب هو مذكراتي التي لم أستطع كتابتها عند عودتي إلى قذارة عالمي بعد أن جاهدت لأتعافى

وأنا الآن بعمر الـ27 سنة رتبت مكتبي لأجد دفتري الأزرق الجميل الذي اهترء بين ظلال غرفتي، والذي كنت قد اشتريته لأكتب عليه مذكراتي في تلك الفترة السوداء من حياتي، لكنني لم أملك الجرأة الكافية لأكتب عليه شيئا أكثر من معلوماتي الشخصية

فقررت اليوم أن أفرغ كل مشاعر تلك السنوات وأتخلص منها داخل هذا الدفتر، وقد تحليت بالشجاعة أخيرا

سأكتب وكأنني في سن الـ 19، ولن أرتب شيئا من الأحداث بل سأكتب أي شيء أتذكره ومن أي وقت ومن أي سنة حتى لو كان حادثة صارت معي بعمر الـ 4 سنوات

سأحاول التخلص من سوداوية مراهقتي وحتى طفولتي إن أمكنني التذكر

لذا فأول صفحة من هذا الكتاب ستكون معلوماتي التي كنت قد كتبتها منذ أن اشتريت هذا الدفتر ....

﴿٭٭٭﴾

الإسم: رينا أوسامو

السن: 19 سنة

السنة الدراسية: 2025 / 2026

الهوايات: الرسم والخط الياباني التقليدي

أهم ما أقوم به في الوقت الحالي: صانعة محتوى تنشر صور لرسوماتها وأوراق الخط الياباني التي تنجزها

أهم أحلامي: أن أحرق هذا الدفتر عند نهايته فتحترق معه مدينتي اللعينة بمن فيها من أوغاد

﴿٭٭٭﴾

وبعد أن قرأتم أولى صفحات دفتري، لا بد أنكم قد لمستم قليلا أسلوبي في تلك الفترة، اتمنى أن لا تنزعجوا من رينا الصغيرة فقد كانت مجروحة بعمق جعلها عدوانية قليلا

والآن انتظروني في الصفحة القادمة من دفتر مذكراتي، لنكتشف معا ما حدث لي في أول يوم عدت فيه إلى مدينتي

مذكرات فتاة الشطرنجحيث تعيش القصص. اكتشف الآن