الفصل03:صراع داخلي

5 1 0
                                    

كانت الليالي تمر ببطء مؤلم، كل لحظة أشبه بمشهد متكرر من فيلم طويل بلا نهاية. لم أعد أفهمه... كان يتحدث معي وكأنني لم أعد أحتل جزءًا من عالمه، أو ربما لم أكن كذلك من البداية. في تلك المرات التي حاولت فيها الاقتراب منه، كان يبتعد بصمت بارد، يتحدث بكلمات تبدو لطيفة، لكن معانيها تنزلق بين السطور: "ربما تحتاجين لبعض الوقت وحدك."

لكنني فهمت. كل شيء واضح كالشمس. لم يكن يريدني أن أقترب أكثر. كان يقول لي، بلغة الصمت، "أتركي كل شيء"، ولكنه لم يتحدث بها مباشرة أبدًا. وشيئًا فشيئًا، بدأت أشعر بالانكسار يتسلل إلى أعماقي، كجرح لا يلتئم.

ما الذي يجري؟ لماذا أستمر في هذا العذاب؟ في كل مرة أحاول فيها العودة إلى نفسي، أجد قلبي يعود إليه، غير قادر على الهروب من هذه المتاهة. بدأت أتألم من هذا الحب الذي بدا سخيفًا، وكأنني أُسقط نفسي في حفرة لا مخرج منها. هل أنا ضعيفة إلى هذا الحد؟ لماذا أتمسك بهكذا شعور؟ لماذا كل شيء يبدو معقدًا عندما يتعلق به؟

أصبح قلبي يتساءل: "لماذا أوقعتني في هذا؟" لم أكن أريد كل هذا الألم. كنت أبحث عن الراحة في قربه، لكنني وجدت نفسي غارقة في دوامة من الانتظار، وكأن كل لحظة معه تزيد من أوجاعي. كنت أخشى أن أكون مجرد لعبة في يده، طرفًا ثالثًا في علاقة لا أعلم حتى إذا كانت موجودة.

وفي كل مرة أتحدث معه، كان يقدم لي تلك الابتسامة الغامضة التي تحمل في طياتها شيئًا لا أستطيع تفسيره. "مزعجة؟" سألته بضحكة مترددة، لكنه لم يُجبني مباشرة، فقط نظر بعيدًا. كان يتحدث بطريقة جعلتني أشعر وكأنني عبء عليه، لكن كلماته كانت مغلفة بلطف زائف، وكأنه يحاول ألا يؤذيني... ومع ذلك، كانت تؤلم.

بدأت أشعر أن الاهتمام الذي أغدقت عليه لم يعد حبًا نقيًا. أصبح يشبه نوعًا من التملك، وكأنني أحاول أن أحاصره داخل قفص من مشاعري. هل أنا من أخطأت؟ هل هذا الاهتمام الزائد قد أفسد كل شيء؟ ربما لم يكن يحبني أبدًا. ربما كنت فقط أحمقَة ظننت أن الاهتمام سيفتح له قلبه.

كل ما كنت أخشاه بدأ يتحقق. كان غروره يتضخم مع كل لحظة، وكأن اهتمامي به قد تحول إلى سلاح ضدي. بدأت أكره هذه العلاقات المعقدة التي تخفي تحتها أطنانًا من الألم. كنت أبحث عن نهاية، لكن لم أجد سوى أسئلة بلا إجابات.

وها أنا الآن، أجد نفسي واقفة على حافة الحقيقة، وأدرك أخيرًا، بكل ما في القلب من حسرة وندم، أنني كنت مخطئة. كيف سمحت لنفسي أن أُعجب به، أن أقع في حبٍ لم يكن له سوى نهاية واحدة: الندم؟ كان يجب أن أرى كل العلامات، كان يجب أن أحمي قلبي... لكنني، بكل بساطة، لم أفعل.

 لكنني، بكل بساطة، لم أفعل

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
وهم الحقيقةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن