البارت الثاني

32 2 0
                                    

بعد مرور أسبوعان:
أمسك كوب الشاي الساخن بيده ليرتشف منه، ثم تنهد بإبتسامة باهتة وهو يتذكر مذاق كوب الشاي خاصتها، وأخذ يتذكر عدة ذكريات لهما سويًا،
ومازالت تلك الإبتسامة تُزين ثغره...غافلًا عن تلك الأعين التي تراقبه بحزن من خلف ذلك الزجاج،
لترجع رأسها للخلف لتستند على ظهر الكرسي الخشبي
وهي تتذكر حديث والدتها في الأمس:

" خالتك عفاف بتقولي إن أمو وأختو كانوا بيدور ليه على عروسة وإتقدم للبت هند صحبتك "

لم تأبى لدموعها السقوط فإنهمرت على وجهها كالشلال؛ فمنذ الأمس لم تذق طعم النوم، استطاع نسيانها بتلك السهولة وهي إلي الآن لم تستطع تخطي موافقة على الطلاق حتى... حتى أنه لم يكترث لمشاعرها لدرجة أنه تقدم لصديقتها المقربة.

كأنك طعنتني بأحد الخناجر في منتصف قلبي..كأني رأيت كل عيوبك مميزات وخبئتها بيننا لأظل معك ولكنك أمسكت في عيبِ واحد بي ورفضني لأجله علنًا أمام الجميع.

كان كالثور الهائج بداخل منزل عائلته عندما أخبره والده برغبه والدته بالتقدم لصديقة زوجته المقربة
مجدي بعصبية: انتوا ازاي تعملو كدا من غير ما تاخدو اذني ؟ وبعدين أنا لسة مطلقتش أصلا علشان أخطب
والده بنبرة هادئة: والله دا إلي أنا قولته يا بني بس أمك قالت إنك قايلها
مجدي: أنا مقولتش حاجة ولا قولت لحد أصلا يشوفلي عروسة، لأني مش هخطب ولا هتجوز أصلا
لتجيب والدته بعصبية: ومش هتخطب ولا هتجوز ليه يا بن بطني، ايه لسة مستني حبيبة القلب تحن وترجع ؟

لتضع أخته يدها بخصرها وهي ترد على والدتها بسخرية : باين مستنية ياما،فاكرنا هنرضا ندخلها تاني هنا واحنا مصدقنا خلصنا منها
ضيق عينه بشك وهو ينظر إليها: دا كره من زمان بقى
ميادة بغل: أه من زمان مش كانت جيالنا عاملة نفسها بنت باشا وشايفة نفسها علينا أدينا طفشناها وخلصنا منها
والدته بحدة: اسمع يا مجدي لو رجعت للبت دي تبقى لإبني ولا أعرفك
والد مجدي بصوت عالي: عصمت دي حياتو وهو حر
عصمت بحده: ودا بيتي إلي يدخلو يبقى على كيفي ويمشي على مزاجي
والده بنبرة غاضبة : تقومي تخربي بيت ابنك

لم يستطع أن يسمع أي شيء فقط سار للخارج ومازال في صدمته، لقد سردت له كثيرًا مواقف فعلتها والدته وشقيقته، وأحاديث نطقو بها لمضايقتها؛ ولكنه دائمًا كان بكذبها ظننًا منه أنها تفتعل المشاكل لكرهها لهم كما كانو يخبرانه؛ ولكن ظهر الحق فهي الآن في عينه "بريئة برائة الذئب من دم يوسف" .

لم يجد أمامه سوى الذهاب لابن خاله وصديقه المقرب"مرسي"
سرد له كل شيء لينهره صديقه أنه مخطىء من البدايه،
ثم أخذ يواسيه،
طرق الباب لتدخل زوجة مرسى بعد لحظات بإبتسامة جذابة:
الغدا جاهز
مرسى بهمهمه : استر يارب ..قصدي افرح ياعم دا انتي هتاكل من إيد الشيف فرح
فرح بتذمر: اتريق اتريق بس إنشاء الله الأكل هيعجبو
مرسى: أنا اتريق ابدا دا أنا حتى معرفش انتي طابخة ايه ؟

ظل باقي الوقت يراقبهم..يراقب إنسجامهم وقربهم لبعضهم البعض، على الرغم من أن والديه يسكنان معه ولكن في الأسفل مثله هو ووالديه، ولكن لم يدخلهما في شئونه مطلقًا،حتى أنهم لا يعلمون شيئًا عنهم ولا عن مشاكلهم وعلاقتهم سويًا، حتى أن فرح تصغر زوجته بأعوام وتحمل مسئولية بيتها بكل أريحية وتحت تشجيع زوجهاومدحه لها، إلا أنه لم يعتمد عليها نهائيًا في أي شيء بل ترك لأهله ذمام الأمور في كل شيء حتى في طعامهم وتربية إبنتهم بحجة أنها صغيرة لا تمتلك خبرة في أي شيء،
هذا ما أبعدهم عن بعضهم البعض من اول شهر زواج، لا يذكر حتى متى آخر مرة رأها تضحك كفرح منذ أن تزوجا، ولا متى آخر مرة جلسو يتسامرون بلهفة وإنسجام كمرسى وفرح ..
دارت سنين زواجهم أمام اعينه وهو يقارب بينه وبين صديقه، وبينها وبين زوجة صديقه ..
أين تلك المودة والرحمة وهو كان يقصد التقليل منها دائمًا في كل شيء حتى أمام الغريب قبل القريب، كان يفتعل المشاكل معها على أتفه الأسباب لأجل إرضاء أهله، حتى رغبتها في الإنجاب مرة أخرى لم يوافق عليها بسبب أفكارهم وأحاديثهم، لم يمدحها في أي شيء ولو لمرة واحدة، لم يسمعها ولا حتى كلمة حنونة تهون عليها ما تعيش به، لم يكن لها سندا بل كان كالشوكة بظهرها، أيقن الآن أنه ظلمها ودمر حياتها وأذبل زهرة شبابها وأطفىء لمعة عينيها.

خرج من عند صديقه وهو يقصد وجهته، بعد أن ظل طوال الجلسة عند صديقه يفكر استطاع أخذ القرار، فلا وقت للندم.

#يتبع
#گ:ولاء محمد ثابت "لولي"

بين الأمس واليوم حيث تعيش القصص. اكتشف الآن