كانت لا تستطيع إزاحة نظرها عن هذه الندبة الأبدية في ساقي. نظرت لي وقالت في ليلة من بدايات فصل الخريف في منزلي.
- إنتي عضّك قرش وإنتي صغيرة ولا إيه؟
ارتجفتُ من سؤالها الذي سيستدعي قصة أردتُ كثيراً أن أزيلها من عقلي، فكان ردّي.
- لا... مش قرش. يا ريته قرش.
- يا ريته قرش؟ طب إيه؟
- بقولك إيه إحنا هنا عشان نزاكر مش أحكيلك التعويرة دي جت منين!
- إحكيلي وبعدين نزاكر.. بليييييز.
نظرتُ لها وقلتُ.
- صدقيني مش هتحبّي دة... مش هتحبّي تعرفي.
ثم وجدتُها فرصة للشرّ وأضفتُ مازحة.
- وبعدين ممكن في يوم تجربي بنفسك.
- قولي بقى متبقيش رخمة.
من النافذة في الحمّام المجاور والتي تطل على السلالم، سمعتُ صوتاً فبلعتُ ريقي وأنا أشفق على نفسي قبل أن أشفق عليها، وضعتُ الكتاب الذي لم نقرأ منه كلمة جانباً ونظرتُ لها.
- أبداً يا ستي.. كنت صغيرة في بدايات المدارس... وكنت نازلة على السلّم. سمعت خطواتي وابتديت أعدّ أنا نزلت كام سلّمة بس لما وقفت صدفة لقيت إن أصوات خطواتي لسة شغالة. إترعبت جداً وكملت نزول عشان ألحق الباص الصبح... السلالم عندنا زي مانتي شفتي منورة بس لما النور يقطع بتبقى الدنيا ضلمة كحل حتى في عزّ النهار.. مفيش أي شباك للشارع. نزولي إتحوّل لجري وفجأة حسيت بـ بحاجة بتعض في رجلي. معندناش تعابين زائد إن العضّة دي مش عضّة أنياب.. كانت عاملة زي عضّة بني آدم عادي بس كانت كبيرة. صرخت في نفس اللحظة اللي النور رجع فيها ورجلي غرقانة دمّ. قعدتّ عيطت من الوجع ولقيت ماما بتجري عليّا. مش فاكرة إيه اللي حصل بعد كدة بس .....
كانت صديقتي تبحلق في رعباً وأنا أحكي لها ما حدث معي ثم سألتني.
- بس إيه؟
- لما شافوا أثر العضّة إستعجبوا جداً. إزاي واحد يعضّ واحدة في المستوى دة من الأرض إلا لو كان طفل بيزحف على إيديه ورجليه؟ وأصلاً مفيش طفل هيعضّ العضّة الكبيرة دي دة فرضاً إن عنده سنان يعني. إستني.
تركتها إلى المكتبة التي تحمل كتبي وأخرجتُ كتاباً إسمه " وحوش" وقلّبت فيه إلى صفحة معينّة تحمل عنوان "وحشّ الخريف".. قلتُ لها أن تقرأ.
أخذتُ أراقبها وهي ترتجف مما قرأته، ثم نظرت لي في هلع غير قادرة على الكلام وأظنّها غير قادرة على المذاكرة أيضاً... وأصبحت تتحاشى النظر إلى الندبة في قدمي، فالفقرات التي قرأتها كانت تتكلم عن...؟؟؟؟ من بعيد سمعنا أصوات الأقدام. قلتُ لها.
- دي ضحكاته.. بيستنى النور يقطع عشان يطلع. أنا عمري ما نزلت ولا طلعت بعد الحادثة دي في الضلمة أبداً في الخريف والشتا.
كانت حقاً ترتجف وتفكّر في سؤال أعلم إجابته فأضفتُ.
- لو النور قطع وإنتي نازلة أو طالعة أي سلّم وجيتي تخرجي موبايلك عشان تنوّري الكشّاف.. خلال الفترة دي يكون نفّذ مهمته والله أعلم بقي هياكل رجلك ولا حظّك هيطلع حلو زيي. إدعي ربنا بقى ميقطعش النور. أنا ممكن أوّصلك لتحت لو خايفة بس.... الكائنات دي بتعيش في كل السلالم.
-تمت-
أنت تقرأ
وحش السـلالم
Horrorتزور فتاة صديقتها وتسألها عن سبب الندبة الكبيرة على قدمها، فتحكي لها ما الذي حدث وهي صغيرة في بدايات فصل الخريف.