PART:10

184 7 10
                                    

-:× المدخلٰ العاشر قلوب في بعثرة الأوجاع ×:-

ماضٍ، بعد أن سقط جِفنها مُغمضًا بالتعب، تستلذ بساعتين من النوم، قبل أن تصحُو مُمسكةً "بعبوسٍ موجوع" بطنها،.
الذي لا يزال يتقطع بآلام نِفاسها، جلست بصعوبةٍ، عندما نبض عقلها بذكرى وجه صغيرها الذي غفت، وهو يرقد بجانبها، قطبت حاجبها، وعيّنها تتلفت باحثةً عن أثرٍ له على الفراش، فإذا بالسرير خاوٍ منه، بعدما سُرق من دفئ قُربها، ليُرمى بقسوةٍ في شارعٍ بارد، بجانب حاويةٍ نتنة، وبكاءة القوي أبعد عن مسمع قلّبها له، إنقبض صدرها بالخوف، لتنهض مُستندةً على الجدار، تجُر خطواتها للباب بصعوبة، وهيا تندُه على زوجة والدها بضعف:"عمه.. عمه" خرجت من الغرفة بظهرٍ مُنحني، تُجاهد المشي، في خضم آلامٍ تمزقها، غير مكترثةٍ لتحذيرات عمتها بعدم خروجها من الغرفة، ومصادمتها لوالدها الذي أعلن سجنها بتلك الغرفة لأمدٍ غير معلوم، وقفت مُمسكةً بسور الدرج، ونظرها المرتعش يسقط على وجه حبيبها، وروحها، ووالدها، على الوجه الأحب على عيّنها وقلبها، بعدما غدا قطعة سوادٍ مُظلم، هزت بالرُعب خلاياها، وهو يحدق بعمتها بنظراتٍ باردات، لا يكتنفها ذرة ندم، بعدما عاد بكفيّن خاليتين من طفلها، وعمتها بحُرقةٍ تصرخ بما أزهق ما تبقى من الحياة برُوحها: ذبحت الولد، ذبحته يالي ما تخاف ربك، ذبحت هالنفس البريّة، ياويلك من الله يا طراد، يا ويلك من الله يا الظالم، وشلون قوى قلبك تذبحة وتقهر أمه كذا، بنتك هذي بنتك؟.. تجبرت خلاص، ماعاد بصدرك رحمة عليها.
لا تهز كلماتها المزلزلات قلبه الفارغ الميّت، وهو يتجاهلها مُمسكًا نفسه عن ضربها بصعوبة، بعد الجلد الذي نالها سابقًا من غضبِه، رفع عيّنه لتقع على تلك التي تهاوت بفُجاعتها جالسة، ونظرات عينيّها شاخصتان بوجهه، بعقلٍ مُتوقفٍ عاجز، عن إستيعاب كلمات عمتها التي نحرت رُوحها نحرًا،..
صعد إلى الأعلى، بتبلد شعُورٍ غزى صدرة، بدل أن يثُر بالغضب،..
كانت رويتها بتلك الصُورة المُتهاوية، كالذي شفى شيئًا من غليلة عليّها، بعد أن ناله منها ما هد وجعًا، كل مابه، وقف أمامها، لترفع عيّنها ببطءٍ إليه، هامسةً بدمعٍ مُتحجرٍ بمقلتيّها، وهيا تتعلق بقُوةٍ بثوبه، بكلماتٍ مُتقطعة، وصوتٍ يرتجف: هيثم وينه؟.. وينه؟..
رفع حاجبه ضاحكًا بسُخرية وهو يجلس بجانبها هاتفًا: ما شاء الله وولد الكلب مسمياه بعد.
كالمغيب الذي بات يهذي، وهيا تردد بتشتُتٍ ذات الكلمة: وينه.. هيثم.. وينه..
صرخت، عندما غرز أصابعه بشعرها وهو يشُده إليه بقوةٍ، ضاغطًا على أحرفه، وأنفاسه الحارة تلهب وجهها المُقطب بالوجع: بجهنم إلي عساها تاكل ضلوعك أكل، وش تبغين فيه هــا؟ مات وشبع موت، ولا على بالك بخليه لك، عشان تشمين فيه ريحة حبيب القلب، وتتذكرين لياليك معاه،..
يُجرعها بالفقد سُمًا مُميتًا، نافثًا بأذنها نبأ موته، قبل أن تُسعف بلحضةٍ واحدة، لضمة لصدرها، ونثر قبلاتها على "وجنتِه" التي لاتزال كفها تستشعر عُذوبة نعومتها به،..
هزت رأسها نفيًا بتكذيبٍ لكلماته: لا ممات، لا مايموت،..
لتثور بصرخاتها، التي والله أتلفت قلبه: إذبحني أنا، أنا إلي أستاهل الموت أنا..

رواية: ثورة مواجِع من عُمق الورِيد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن