part 1(بين القصور و الظلال)

6 0 0
                                    

كانت أشعة الشمس تتسلل من نوافذ القصر الكبير، تنير الممرات الواسعة ذات الأرضية الرخامية. فيروز كانت تجلس على السلم الرخامي، وقد عقدت ذراعيها أمام صدرها بملل، تنظر إلى السماء الواسعة من فوقها. كانت ترتدي ثوبًا بسيطًا بلون السماء، وشعرها الطويل يتمايل مع كل نسمة هواء عابرة.

"أوه، يا إلهي، كم أكره هذه الاجتماعات الرسمية!" همست لنفسها بنبرة درامية، مقلدة صوت والدها الوزير عندما كان يحاول إقناعها بالجلوس بأدب في الاجتماعات.

قامت بسرعة وقفزت من على السلم، وكأنها طفلة صغيرة هربت من حصة درس ممل. بدأت تمشي في القصر، تتجول بفضول بين الغرف، تبحث عن شيء يبدد مللها.

"هل رأيتِ وجوههم؟" قالت بخبث لأحد الخدم المارين، وهي تحاول كتم ضحكتها. "لقد كان يبدو عليهم وكأنهم شاهدوا شبحًا عندما أخبرتهم أنني سأكون في الاجتماع القادم! يا له من يوم ممتع!"

ضحك الخادم بخفوت، ثم ابتعد سريعًا وهو يهز رأسه بابتسامة. كانت فيروز تعشق اللعب والمشاكسات، ولكنها لم تكن أبدًا مغرورة. كانت تعلم أن الحياة في القصر ليست كلها بريقًا ورفاهية، وأنها بحاجة دائمًا لإيجاد طريقها الخاص.

وقفت فيروز أمام المرآة الكبيرة في إحدى الغرف، وبدأت تضحك على تعابير وجهها المختلفة، وكأنها تحاول اختيار الشخصية التي ستظهر بها اليوم. "ماذا لو كنت ساحرة شريرة؟ أو ربما أميرة تنقذ المملكة؟ لا، لا... سأكون المهرج الذي يضحك الجميع!"

قطع تفكيرها صوت خطوات سريعة تأتي من بعيد. كانت تعلم جيدًا ما يعنيه ذلك؛ والدها الوزير يبحث عنها! ابتسمت بمكر، ثم اتجهت نحو الشرفة الخلفية، حيث تسلقت الجدار بخفة ورشاقة، قفزت إلى الحديقة بخطوات خفيفة كأنها لا تريد أن يلاحظ أحد غيابها.

وقفت وسط الأزهار المتفتحة، رفعت وجهها للسماء وهي تستنشق الهواء النقي بعمق، ثم قالت بابتسامة: "حياة القصر مملة جدًا... متى سأحظى بمغامرتي الخاصة؟"

لم تكن تعلم أن تلك المغامرة ستأتي قريبًا، وبطريقة لم تكن تتوقعها أبدًا.

استمرت فيروز في الاستمتاع بدقائقها في الحديقة، بينما كانت أفكارها تسبح في عالم من الأحلام والمغامرات. ولكن كل شيء تغير فجأة عندما سمعت صوت خطوات ثقيلة تتجه نحوها. أوقفها صوت يُنذر بالخطر.

"فيروز! أين كنتِ؟" جاء صوت والدها، الوزير، محملاً بالقلق والغضب.

نظرت فيروز إليه بابتسامة خفيفة، وكأنها لا تكترث. "كنت أستمتع ببعض الشمس، يا أبي. هل نسيت أنك وصيتني بالاستمتاع بالحياة؟"

ولكن نظرته الحادة لم يكن بها أي مزاح. "الحياة ليست مجرد لعب، يا ابنتي. أنتِ ابنة الوزير ويجب أن تكوني قدوة. علينا التحضير للاجتماع القادم."

كنتي ضحيتي فأصبحت ضحيتكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن