4-ورد بلون الدم

388 45 215
                                    

لم تكن برودة الشتاء تظهر في الأجواء فقط بل كانت تنعكس بداخلة

أوقف دارك دراجته النارية السوداء و ترجل يقف أمام البحر يتطلع للأمواج المتلاطمة في سور الميناء

كان الجو قارص البرودة و المكان هاديء يكاد يكون شبه فارغ

أستند على دراجته و رغم هدوء المكان كان ضجيج عقلة لا يهدء

فرك رأسه بغضب يحاول السيطرة على الصرخات داخل رأسه، ذكريات سوداء عالقة لا يستطيع محوها

زفر بأستياء فخرج بخار زفرته من فمه، وضع يديه بجيب سترته الجلدية، لعلها تدفيء قليلاً

قطع أفكاره فجأة صوت أنوثي لفتاة على أعتاب الشباب لكنها لم تودع المراهقة بعد
"هل تريد الورد!"

هز رأسه بلا و عاد ينظر أمامه بجمود، بعد أن نظر لها لثانية واحدة و في هذه الثانية لمحها، كانت فتاة بسيطة الحال بملابس مهترئة غير منسقة لكنها كثيرة لتدفئها في هذا البرد القارص

عبث الفتاة وهي تتأمل هيئته، لتسأل بفضول
"هل تنتظر حبيبتك!! لما لا تشتري لها الورد مثلاً"

زم شفتيه بإستياء، هذا ما كان ينقصه إلحاح فتاة متشردة على رأسه في هذا الوقت الذي يأخذه

أردفت مرة أخرى "أشتري الورد فقط أريد أن أذهب للمنزل، و أريد المال لشراء بعض الطعام من فضلك، لا أجد غيرك هنا"

أنتفض مستقيمًا ليخرج المال من جيب سرواله حتى يتخلص من وجود أي بشر حوله، و حتى لا يفقد أعصابه و يلقي هذه الكارثة في البحر، أنه أختار أكثر مكان فارغ بعيد عن البشر ليختلي بنفسه، و مع ذلك وجد الإزعاج يأتي خلفه، كأن الكون كله متأمر عليه

مد يده بالمال دون أن يتحدث أو ينظر لها، لتبتسم بأتساع وهي ترى المال الذي يعطيه لها، أنه مبلغ كبير يفوق ثمن الورود بكثير، سحبتهم من يده تمتم بأعين مبهورة
"إنه مبلغ كبير، شكرًا لك، يمكنك الإحتفاظ بكل الورود"

لكن لم يلتفت لها، لتهز كتفيها باستخفاف و تضع الورود على الدراجة و ترحل مبتسمة
نظر للورود بجانبه بأعين ميته ليس بها تعبير، لا يرى في الورود الحمراء سوى لون الدم، لا يشتم بها غير عبيرها الراحل، شعر بأنخفاض دقات قلبه أغمض أعينه يحجم تتابع المشاهد أمام أعينه، فقدان الأشخاص مؤلم، ما بالك بفقدان روحك...
فتح أعينه بسرعة و قد وصلت لأذنه صرخة مكتومة، ألتقطتها أذنه الحساسة

نظر خلفة للمباني الشبة مهجورة، ضاقت أعينه بتركيز يحاول إلتقاط أي صوت مره أخرى، ظل يتطلع في المكان حوله بأعينه السوداء الواسعة يتفحص ما حوله
وصله مرة أخرى صوت الصرخة المكتومة لكنها كانت أعلى من الأولى

المحتال حيث تعيش القصص. اكتشف الآن