في ليلٍ أدعج، مرّ القطار حديث الطراز فوق سكّته، مسببا اهتزازا في المجال حوله، المصابيح النيون أمام المتاجر لا تزال مضاءة، والناس بسرعةٍ غريبة قلّ عددهم من الشوارع إثر حلول الليل.
وبينما الستائر أُسدِلت تخفي ما يظهره زجاج نوافذ ذلك المبنى، كانت نافذة الطابق الرابع مفتوحة، تظهر جزءًا كبيرًا من حجرة يغلب البرتقاليّ على معظم الأشياء فيها.
دُماها كانت مُرتبة فوق رفوفٍ مثبتة على الجدار المجاور لفراشها، الحاسوبُ يعكس صورها المُعَلّقة جوار مرآة التسريحة، والتي استقر على سطحِها مجموعةُ رسائل لم يُمزّق غلافها بعد.
وجوارها مجلات طُبِعَت صورتها عليها، آنسةٌ مليحة، بعينين مسحوبتين وأهدابٍ كثيفة، وشعرٌ أسود قصير ينسدلُ على كتفيها، بينما اسمُها العريض كان يزيّن أعلاها.
«روزنامة»
.
.
في المرحاض، على ستار البانيو، رُسِم ظلٌ أسود لرأسٍ يستند على حافتِه،
تلك الدندنة الخافتة كل ما يصدر منها.تنهيدةٌ غادرتها وهي ترتدي منامتها القصيرة بيضاء اللون، عقصت شعرها المُبلل على قفاها، ثم اتجهت حيثُ حجرتها.
التقطت علبةُ السجائر من على الطاولة الصغيرة جوار السرير، وحشرتها بين شفتيها أثناء بحثِها عن القدّاحة.
قطعتينِ من البيتزا، مشروبٌ غازيّ، وظلامٌ يعمّ المنزل دون بصيصٍ من النافذة.
كانت الموسيقى صاخبة حينما طُرِق الباب ثلاثا، اضطرت لإبعاد قطعة البيتزا عن فمّها تنظر إلى مدخل الغرفة وقد راودها هاجسٌ غريب.
الوقتُ متأخر على الزيارة، ولا تظن أن أحد الجيران سيختارها كنجدة!
عندما توقف الطرق بقيت منصتة للصمت.خالت نفسها تتوهم لكثرةِ الأصوات من تسجيلها، ثم عادت تقضم مستلذةً بالطعم.
انحنت تستبدل القرص بآخر، وبضغطها الزر صدحَ لحنُ البداية والذي أشعرها بالحماس، والكلمات على لِسانها.
_ ليست الشراهة للطعام،
بل أخرى للهلاك.
وهلاكي كان الحب
في قلبٍ لا يُعانق.
عشقتُ الليل،
وما فيه من أسرار،
همساتك تسكنني،
كنسيم في الأنهار..
عادت تلك الطَّرقات بشكلٍ أجفلها، أسرعت تطفئ الجهاز وتنهض بتوترٍ أنساها السجارة في فمها، ورعبٌ دبّ في جوفها.
على بُعد أقدامٍ من الباب كانت تقف، ومَن خلفه لم تؤلمه يده عن ضربِه بقوة، قبضت يدها على صدرِها تنزع منه اضطرابه.
وبعد ترددٍ طفيف ألقت بسؤالها.
_ من الطارق؟
بخروج حروفها حاوطها سكون مرعب، توقفت اليد عن الخبطِ، فعاد الصمتُ الذي لا تحبذه.
أشعرها أن الهواء ما عاد يتحرك، وعليهِ قد فعَلت المِثل.دفعةٌ قويّة للباب صرخت على إثرها تقفز للخلف، وقد صدح صوته الغاضب.
.
.
_ افتحي الباب!
◦•●✿࿚༺.༻࿙✿●•◦
.
.
قصة قصيرة
أنت تقرأ
الشهقة الأخيرة
Horreurكانت الموسيقى صاخبة حينما طُرِق الباب ثلاثا، اضطرت لإبعاد قطعة البيتزا عن فمّها تنظر لحيثُ مدخل حجرتها. . . _مرتبط بـ «وهلاكي كان الحب»