في صباح يوم هادئ على أطراف المدينة، كانت "ليلى" تجلس على الشرفة وتحدق في الأفق البعيد. نسيم الخريف يمر على وجهها، والشارع تحتها كان شبه فارغ. الهدوء كان خانقًا إلى حد ما، لكنه كان يرافق أفكارها الثقيلة. بجانبها على الطاولة كانت هناك رسالة لم تقرأها بعد. رسالة أُرسلت من شخص لم تره منذ سنوات.قبل خمس سنوات، اختفى "عمر" من حياتها بدون تفسير. ترك وراءه فقط بعض الذكريات وكثيرًا من الأسئلة. كانوا أصدقاء منذ الطفولة، لكنه انسحب فجأة من عالمها عندما كانت بحاجة إلى وجوده بجانبها. مرّت سنوات من الصمت، والآن ها هي رسالة تحمل اسمه تصل إلى بابها دون سابق إنذار.
ترددت ليلى، هل تفتحها؟ أم تتركها دون قراءة، كما تركها عمر؟ كانت خائفة مما قد تحتويه، خائفة من الألم القديم الذي قد يعود ليطفو على السطح. لكن فضولها كان أقوى. أخذت نفسًا عميقًا وفتحت الرسالة.
**"إلى ليلى،
لم يكن من السهل عليّ أن أختفي بتلك الطريقة، لكنني لم أكن أملك خيارًا. أردت أن أحميكِ من القرارات الصعبة التي كنت مضطرًا لاتخاذها. منذ خمس سنوات وأنا أعيش في ظل تلك القرارات. أعرف أنك تحملين في قلبك غضبًا وأسئلة لم أجب عنها، وأعرف أنني لم أكن عادلًا معكِ. لكن اليوم، أكتب لكِ لأنني أريدكِ أن تعرفي الحقيقة.كنت مريضًا. مرض نادر لم يكن له علاج حينها. لم أرد أن أكون عبئًا عليكِ أو أن أترككِ تعيشين في ظل الوداع المحتوم. لذلك فضلت الرحيل دون تفسير. لكنني الآن شُفيت، ضد كل التوقعات. واليوم، بعد كل هذه السنوات، عدت إلى مدينتنا لأبحث عنكِ.
أعلم أن طلبي غريب بعد كل هذا الغياب، لكن إذا كنتِ مستعدة للمسامحة، سأكون في المقهى الذي اعتدنا الذهاب إليه. سأنتظرك هناك كل يوم عند الساعة الثالثة.
عمر"**
أغلقت ليلى الرسالة ببطء، وعيناها تلمعان بمزيج من الدهشة والحنين. مرت خمس سنوات، خمس سنوات من الغياب والخسارة. قلبها كان يمتلئ بشتى المشاعر. تذكرت كل لحظة مرت، كل مرة كانت تتساءل أين هو، ولماذا ذهب بدون وداع. الآن، كانت لديها الإجابات التي طال انتظارها.
لكن هل تسامحه؟ وهل تستطيع أن تمحو تلك السنوات من الألم والصمت؟
الساعة كانت تقترب من الثالثة، والقلب كان يزداد ثقلًا. ارتدت معطفها، وغادرت الشرفة. خطواتها كانت مترددة، لكن في أعماقها، كانت تعرف الجواب.
وصلت إلى المقهى، وفتح الباب برفق. كان المقهى فارغًا تقريبًا، إلا من رجل واحد جلس عند الطاولة التي كانت تخصهم. التقت عيناها بعينيه، وظهر على وجهه ابتسامة لم ترها منذ زمن.
وفي تلك اللحظة، أدركت ليلى أن الوقت قد حان للتسامح، وأنه ربما، بعد كل شيء، هناك فرصة لبدء صفحة جديدة.
النهاية.
أنت تقرأ
الرسالة الأخيرة
Randomتدور القصة حول "ليلى"، التي تعيش في مدينة هادئة بعد مرور خمس سنوات على اختفاء صديق طفولتها "عمر" من حياتها بشكل مفاجئ ودون تفسير. تعيش ليلى مشاعر متناقضة من الألم والحنين تجاه عمر الذي كان جزءًا مهمًا من حياتها. في صباح أحد الأيام، تصل إليها رسالة غ...