الثانية عشر ليلا الجو يملأه الضباب ، و تملأه أحلام المسافرين ، كانت إحدى ليالي ديسمبر الباردة ، أو نوفمبر لا أدري ما الوقت هذه الأيام ، أقف بحقائب سفري عند باب المطار الدولي ، لكن لماذا أنا هنا ؟ لا أعلم حقيقة ، سمعت أن صديقا بعيدا لي يُحَضِّرُ جنازة زوجته ، فها أنا ، لكن لما قطعت كل هاته المسافة لزيارة شخص لم يتعد حديثنا إلا السلام ؟ لا أدري ، المهم هو وقوفي عند حافة الرصيف و العناقات تنتشر من حولي ، بعضها يحمل الدموع ، بعضها يحمل أمال الرجوع ، ليته لا يعود أبدا ، هذا ما سمعته من عائلة الرجل الذي أحاطوه بالعناقات قبل قليل ، يا لها من دنيا ، طاكسي ، لوحت بيدي هربا من برد الشتاء ، ومن نفاق البشر ، إلى اين ، جنب مسجد الحي لو سمحت ، أراقب ألوان أشارات المرورة من النافذة ، و قطرات الماء الضبابية التي تحول المناظر إلى لوحة مائية تحسسني بحنين إلى أيام كنت أرسم ، أجل كنت احب الرسم ، عشرون ألفا سيدي ، أدخلت يدي في جيبي بحثا عن ثمن السائق حتى أتحسس ورقة بيضاء ، من شكلها هي في هذا المعطف منذ زمن ، لم ألبسه منذ مدة ، لا أدري لما ، تجاهلت بيدي الورقة و دفعت للسائق ثمنه ، و ها أنا عند باب نزل باتنة ، جنب المسجد ، مسجد الحي ، همممم ، هذا المسجد يذكرني بشخص ، لكن لا أستطيع معرفة من هو ، عقلي مشوش حاليا ، السلام عليكم ، و عليكم السلام و رحمة الله مرحبا سيدي ، لدي حجز بإسم .. ، ما الذي يحدث ، ما هو إسمي ؟ ، ربما كان تأثير غثيان الطائرة ، مددت يدي نحو بطاقة الهوية حتى ألمس الورقة من جديد و لكن ، لسبب ما أعدت تجاهلها ، ها هي بطاقة هويتي ، تفضل مفتاح غرفتك سيدي ، زييييز ، صوت فتح باب قديم ، يبدو أنه لم يلمسه شخص منذ زمن ، أثاث مهترئ ، و طلاء يبدو كمسكن للعناكب ، لم أفكر كثيرا في كم دفعت في هذه الشقة فلن ألبث فيها طويلا ، و رغم رصيص الحنفية و صوت الهواء المار من النافذة المكسورة ، أفرغت
حقائبي و نمت .