بوسة السَرحان

120 16 0
                                    

مرت شهور وعلاقتي مع عبدالله صارت أقوى وأعمق.
صرنا نتكلم تقريباً كل يوم، ونتبادل أخبار يومنا،
من كيف يبدأ يومه وهو يصحى، لآخر لحظاته وهو يتجهز للنوم.
صار جزء من يومي، وصارت علاقتنا مثل السمن على العسل،
سهلة ولطيفة.

في يوم من أيام الجامعة، كنت توّي مخلّصة آخر محاضرة وشايلة أغراضي ومتجهة للمبنى الثاني عشان أريح شوي،
وأنتظر أصايل تخلص محاضراتها وتوصلني معها.
الجو كان هادي وكنت أفكر بشيء بسيط أفك فيه مع نفسي،
فجأة وأنا ماشية بالشارع الي يوديني للمبنى،
تجي سيارة رنج روفر بسرعة
وتوقف قدامي في لمح البصر..

الصدمة خلتني أوقف في مكاني للحظات وأنا متنحة.
السيارة كانت مظللة بالكامل،
ما كنت أشوف شي داخل غير انعكاسي على القزاز.
كنت لسه أحاول أستوعب مين اللي داخل،
فجأة الشباك نزل وطلع عبدالله.

كان لابس نظارة شمسية وكاشخ لأبعد درجة.

عقدت حواجبي وأنا أناظره باستغراب وقلت:
"شعندك؟ أصايل لسه ما خلصت..لاحق على رزقك."

ناظرني ثانية وكأنه كان يجمع شجاعته من أول ما طلع من البيت.. وبسرعة نطق بكلماته،
وكأنه كان يحفظها طول الطريق: "شرايك نطلع مع بعض؟"

ضحكت غصب عني من الصدمة، حسيت بشي غريب...
كيف هو بهالشكل كيوت ومتردد!

هزيت راسي بابتسامة شقت وجهي،
ومشيت على طول للباب الخلفي.
سمعت صوت حمحمته الخفيفة،
واستوعبت فجأة إنه يبيني أركب جنبه قدام.
طلعت ضحكة خفيفة غصب عني وأنا أتراجع بخطواتي.

رحت فتحت باب المقعد الأمامي وجلست جنبه،
ما قدرت أوقف ابتسامتي.
لحظة شفت نظراته اللي يطالعني فيها،
حسيت بنبضات قلبي تعلّت فجأة،
وكأنه كان ينتظر هذي اللحظة طول اليوم.

مشينا، وأنا طول الوقت أتأمل الطريق،
أحاول أكسر الصمت اللي بينا.
فجأة، لفيت على عبدالله وجلست أتأمله من غير ما أحس،
كأنه سحرني هدوءه. ما مرّت ثواني،
إلا وهو حس بنظراتي وابتسم بخفة، ابتسامة هاديه ومريحة.

ناظرني بنظرة خاطفة، ونزل عيونه بسرعة،
مركّز على الطريق، بس شفت لمعة عيونه فيها شي !!
شي كأنه كان بينّا من أول بس اليوم تونا نشوفه بوضوح.

قلت له، بدون ما ألف عليه، "وين موديني اليوم؟"
رد عليّ بابتسامة هادئة وقال، "وين تبين انتي؟ اطلبي وتدللي."

ابتسمت بقوة ولفيت عليه بحماس، وقلت، بدون ما أفكر،
"أبغى أجرب قهوتك!"

ابتسم بنظرة فيها غرور خفيف وقال، "أوه، يعني سمعتي عن قهوتي؟" ضحكت وقلت له، "إيه سمعت ويقولون ما أحد يضبطها زيك."
هز رأسه بثقة، وقال، "خلاص، انسي كل المقاهي اللي جربتيها.. هاللحين بتعرفين معنى القهوة الصدقية."

لقاء غبيّ ؟حيث تعيش القصص. اكتشف الآن