قصر دو مونتيه، صباح خريفي، 1888
قطرات المطر تنقر على النافذة الطويلة، تتسابق نحو الأسفل كدموع باردة. ليليث تقف أمام المرآة، أصابعها تلعب بخصلة شعر متمردة تأبى البقاء في تسريحتها المشدودة."كفي عن العبث بشعرك!" نهرتها بيرثا، المربية العجوز، وهي تسحب يد ليليث بعيداً. "هذا ليس سلوك سيدة نبيلة."
تنهدت ليليث، تراقب انعكاسها فتاة نحيلة في فستان زفاف باهظ، يبدو عليها كقفص من الحرير الأبيض. عيناها العسليتان تحملان نظرة طفلة خائفة، لا عروس في العشرين.
دقات متتالية على الباب جعلتها تقفز في مكانها. أسقطت مشط الشعر الفضي من يدها، صوت ارتطامه بالأرض أشبه برعد صغير.
"عشر دقائق!" صوت خادمة من خلف الباب.
ارتعشت يدا ليليث وهي تلتقط المشط. "بيرثا... هل... هل رأيته من قبل؟"
عدلت بيرثا طيات التنورة، تتجنب النظر إلى عيني الفتاة. "السيد فالنتان رجل... محترم."
توقفت للحظة، ثم أضافت بصوت منخفض "فقط... لا تنظري مباشرة في عينيه."مسحت ليليث كفيها المتعرقتين بقماش التنورة. "لماذا؟"
"لأن..." قاطعها صوت الباب مجدداً.
"حان الوقت."
القاعة الكبرى غارقة في ظلال رمادية رغم المشاعل المضاءة على الجدران. خطوات ليليث تصدر صوتاً مكتوماً على السجاد الأحمر الباهت، كأنها تمشي على بحر من الدم القديم. توقفت فجأة. هناك، عند نهاية السجاد، وقف رجل.فالنتان دو مونتيه.
شعره الأسود يلتمع تحت ضوء الثريا كريش غراب. معطفه الأسود الطويل يجعله يبدو كظل حي. لكن ما جمد الدم في عروقها كان عينيه زرقاوان كبحيرة متجمدة.
حاولت ليليث الابتسام، لكن شفتيها خانتاها. بدلاً من ذلك، بدأت تلعب بخاتم والدتها عادة قديمة عندما تتوتر.
لاحظ فالنتان الحركة. "هل أنتِ خائفة، آنسة ليليث؟"صوته عميق، ناعم... كقطيفة تخفي سكيناً.
"لا... أنا..." تعثرت في كلماتها، أسقطت الخاتم. تدحرج على الأرض، صوته يتردد في القاعة الصامتة.
انحنت لتلتقطه، لكن فالنتان كان أسرع. التقطالخاتم، تفحصه للحظة."ذهب رخيص." علق ببرود.احمرت وجنتا ليليث. "كان... كان لوالدتي."
"كان." كرر الكلمة ببطء، كأنه يتذوق طعمها.
ثم، بحركة مفاجئة، رمى الخاتم للنافذة المفتوحة.شهقت ليليث، خطت نحو النافذة تلقائياً، لكن يده أمسكت معصمها. أصابعه باردة كالجليد.
"درس أول: لا مكان هنا لذكريات العالم القديم."
ضغط على معصمها قليلاً، ليس بما يكفي لإيذائها، لكن بما يكفي ليذكرها بقوته.
أنت تقرأ
عروس القصر: لعنة دو مونتيه
Mystery / Thriller"في قصرٍ يحرس أسراره منذ قرون، تجد ليليث نفسها عروساً لفالنتان دو مونتيه رجل يسكنه هاجس غريب بتشابهها مع أمه الراحلة. بين جدران القصر العتيق وممراته المظلمة، تكتشف أن زواجها قد يكون بداية لغز دموي... أم نهايته."