خيوط القدر.

8 1 3
                                    

في صباح يوم جديد، انبثقت أشعة الشمس من وراء الأفق، ترسم خطوطاً ذهبية على سطوح المياه الهادئة، بينما كانت خيوط الضباب تتلاشى تدريجياً كأنها أسرار في قلب الغابة. استيقظت المرأة في غرفة القلعة، لكن عينيها لم تعكسا سوى سحابة من الحزن. كانت تتساءل في صمت: هل ستظل محاصرة بين جدران هذه المملكة الأثيرية إلى الأبد؟

بخطوات متثاقلة، خرجت من عزلتها. كان قلبها يثقل عليه الشعور بالضياع، كما لو كانت تسير عبر نفق مظلم لا نهاية له. قررت أن تتوجه إلى الغابة القريبة، تلك التي كانت تحتضنها في لحظات فرحها السابقة، حيث كانت تشعر بالحرية تنساب في عروقها كالنهر المتدفق.

بينما كانت تتجول في الممرات الملتوية، كانت الأشجار القديمة تشهد على قصص مؤلمة. كان صوت الرياح يتسلل بين أغصانها، وكأنها تهمس بأسرار لا تستطيع أن تفهمها. جلست تحت شجرة عتيقة، جذعها القوي يلوح وكأنه يعرف وزن همومها. هنا، استندت إلى جذعها، وضعت رأسها بين يديها، وغرقت في تأملاتها.

أخذت تتذكر الأيام التي مضت، حينما كانت تعيش في ظلال عائلتها، حين كانت تضحك بلا خوف أو قلق. لقد كان كل شيء بسيطًا، ولم تكن الحياة قد وضعت العقبات أمامها كما تفعل الآن. تذكرها لم يكن مجرد استرجاع للذكريات، بل كان جرحًا ينزف. كانت تلك الأيام أشبه بحلم بعيد، أصبح الآن حلمًا بعيد المنال.

حاولت أن تُغلق الأبواب على تلك الأفكار، لكنها سرعان ما اكتشفت أن الأمل بدأ يتلاشى. زواجها المجبَر لم يكن مجرد قيد على حياتها، بل كان كابوسًا يتجدد في كل صباح، حيث كانت تجد نفسها عالقة بين رغباتها وما يُفرض عليها. شعرت أن الحياة تسحب منها كل بارقة أمل، وكلما حاولت الاقتراب من النور، كلما رُدت إلى ظلام واقعها.

بينما كانت هناك، تحت تلك الشجرة، انهمرت الدموع من عينيها. لكنها لم تُرد أن تُظهر ضعفها، حتى لنفسها. كان هناك شعور قوي بالمعاناة، شعور بالصراع من أجل البقاء في عالم يفرض عليها قيودًا غير مرئية. كل يوم، كانت تتذكر متطلبات الحياة اليومية، وكان الشعور باليأس يتصاعد، مثل موجات البحر المتلاطمة.

مع اقتراب الغروب، بدأت الشمس تغمر السماء بألوان دافئة، وكأنها تودع يومًا آخر. قررت أن تعود إلى القلعة، حيث ينتظرها المستقبل المجهول. كان كل شيء في تلك القلعة يذكرها بأن هناك من يراقب، لكن في قلبها، كانت تشعر بالحاجة الملحة للبحث عن ذاتها وسط قيودها.

كانت عائدة بخطوات متثاقلة، لكنها في أعماق نفسها، كانت تعاهد نفسها على مواجهة الغد. حتى لو كان يعني مواجهة المزيد من الألم، كانت تتوق لتكون شيئًا أكبر من مجرد عنوان يُكتَب في صفحات التاريخ. وعندما اقتربت من أسوار القلعة، نظرت إلى السماء، حيث بدأت النجوم تتلألأ، تتراقص في فضاء الليل.

في تلك اللحظة، شعرت بأن كل شيء ممكن، وأن الطريق، مهما كان شاقًا، سيقودها في النهاية إلى هدفها. ومع كل خطوة، كانت تُعيد بناء شجاعتها، عازمة على مواجهة المعارك القادمة. حتى لو كانت تلك المعارك تدور في أعماق قلبها، كانت تعلم أن الصراع من أجل الحرية لا ينتهي أبداً.

DAGGER OF LOVEحيث تعيش القصص. اكتشف الآن