|مِنَ الفتَى البَائِس لِلفتَى الحَزِين|

180 36 90
                                    





إهدَاء:



لكِ يا أنَا.. حتّى تحبّينِي..



هنَا أعترِفُ بإثمِي لعلّكِ تصفحِينَ عنِي وترأفِينَ بحالِي..


.

.

.

.


رسَائِلٌ غريبةٌ المصدر، مجهولة الكاتب، عَثرت عليهَا السيّدة مَاولِي فِي دُرجِ طفلِهَا ريجُور ذو الخمسِ سنوَات، مكتوبةٌ بخطٍ رديئٍ وملطّخةٌ ببقعٍ من الدّمَاء الجافّة مما أثَارَ رعبهَا، يقولُ طفلهَا بأنّ الفتَى البائس يطلُبُ منهُ إيصالَ تلكَ الرسَائل إلى الفتَى الحزِين، ويجبرهُ على فعل ذلك كلّ ليلة، فزعمَت أنّها من نسجِ خيالهِ اليافِع..

إلا أن إستمرارَ الرسَائلِ بالظهورِ بشكلٍ غريبٍ بعد التخلص منها في الدرجِ ذاتَه وإصرار إبنها على القصة وعلى وجود الفتى البائس جعلهَا تبلِغ الشرطة بالقضيّة، وقد قامت الأخيرة بوضعِ إحتمَال وجود مجرمٍ طليق وربّما مريض يتربّص بعائلتهَا، ومن ثمّ قامت بتشديد الرقابة على المنزل والتخلص من كل الرسائل..

بعد مرور ثلاث أيام من إنقطاع الرسائل ظهرت آخر ورَقة.. رسالة واحدة فقط بدت وكأنها لفظت من جوف الحريق، وكان محتواها غريبا وغير إعتيادي، طفحَ كيلُ السيدة ماولي الأرملة لتهجر المنزل رفقة طفلها الذي أصيب بوعكة صحية مفاجئة شخّصها الأطباء بأنها مرض رئوي ينتج عن تنفس الرماد والدخان الكثيف..

أغلقت القضية بتوقف الرسائل عن الظهور، أما الرسالة الأخيرة فقد نجت من كل محاولات إتلافها لذا تم حفظها في قبوٍ غير معروف الموقع..

لكن محتواها تسرب وبقي يتداول على ألسنة سكان الحيّ ليطلق عليهَا رسالة البائس إلى الحزين.

.

.

.

عَزِيزِي الفتى الحزِين..

هَا أنَا ذا أجثو كمَا وعدتُكَ تمَامًا، أقبّلُ الزنبقَ الميّت بشفتِي الممزّقَة..

وهَا أنا ذَا عندَ ذاتِ الرّبوةِ حيثُ دوَى نحيبِي للَيَالٍ، حفرتُ قَبرِي دَاخِلَ قبركَ.. أمّا بعدُ..

مَاذَا فعلتَ يا أخِي؟ لم أجِد جثمَانكَ الذِي توارَى هنَا تمامًا قبلَ ثلاثِ شهورٍ، فأينَ ذهبتَ وغادَرتَنِي؟ لم أعثُر هنَاكَ على شيئٍ يشبِهكَ، لا شيئَ أسفلَ التراب غيرَ الدُودِ الميّتِ المنثُورِ، والعظَامِ الباكِيةِ من الصقِيعِ، وبقايَا أورَاقِي النّازفَة..

رسَالة البائسِ إلى الحزِين |مكتَمِلة|حيث تعيش القصص. اكتشف الآن