**الفصل الأول: دخول الظلال**

7 1 1
                                    


من منظور ليلى


بدأ يومي كأي صباح آخر في الجامعة، شوارع ضيقة تزدحم بالطلاب، ورائحة القهوة تعبق في الهواء. كنت أتطلع إلى نهاية يوم طويل، فأنا في سنتي الأخيرة كطالبة أدب، ومنهكة بالفعل من ضغوط الدراسة والبحوث. توقعت أن تكون هذه المحاضرة الجديدة مثل غيرها، درس تقليدي لا يتجاوز الحديث عن قصص وحكايات قديمة. لكن حينما دخلت القاعة، شعرت بشيء مختلف.


كانت قاعة المحاضرات واسعة، جدرانها مغطاة بكتب قديمة تحمل آثار الزمن، وكأنها تجسيد حقيقي لعنوان المادة: "الأساطير الحديثة وتأثيرها على الأدب." جلست في منتصف القاعة بين طلاب جدد وآخرين مألوفين. على يساري كانت جلوريا، صديقتي الأقرب وزميلتي في الدراسة، فتاة مرحة لكنها ليست ممن يهتمون بالأساطير؛ في الواقع، اختارت هذه المادة بناءً على نصيحتي، مجرد نزوة منها لاكتشاف شيء جديد. وعلى يميني جلس آرثر، شاب طويل ذو نظرة فضولية، دائماً ما يتحدث عن المؤامرات والأساطير الشعبية.


بينما كنا نتبادل الحديث همساً، فُتح باب القاعة، ودخل رجل طويل القامة، يرتدي معطفًا أسود طويلًا، مشى بثقة وكأن الغرفة كلها مُلكه. التفتنا جميعًا نحدق فيه، كان يحمل هالة غريبة تثير القشعريرة. عندما التقت عيناه بعيني، شعرت بوخزة غامضة، شيء لم أستطع تفسيره، كأنني رأيت شخصاً أعرفه من قبل، أو شخصًا يظهر في أحلامي. كُتب اسمه على السبورة: "كايدن ثورن".


*من منظور جلوريا*لم أكن أعتقد أن محاضرة الأساطير قد تكون بهذه الإثارة. في البداية، عندما وافقت على حضور هذه المادة مع ليلى، كنت أظن أننا سنتحدث عن قصص أسطورية رومانسية، لكن الأستاذ ثورن كان شيئًا مختلفًا تمامًا. كان هناك شيء مظلم، غريب في شخصيته. شعرت بنظراته تجول حول القاعة، كأنه يمتحننا، أو يحاول معرفة أسرارنا.


عندما بدأ يتحدث، ساد الصمت. كان صوته عميقًا، جذابًا بطريقة غريبة، وكأنه ينقلنا إلى عوالم أخرى، يغوص بنا في القصص كأنها حقيقة. "مرحبًا بكم في عالم الظلال والأساطير. ما تسمونه خرافات وأساطير ليس مجرد قصص لتسلية البشر، بل هي جزء من عالمنا، تكمن فيه قوى خفية لم تكشف نفسها للعالم بعد."


تبادلت نظرة مع ليلى، كانت مندهشة، بل مسحورة. لوهلة، شعرت بشيء غريب، لم أكن الوحيدة التي شعرت بذلك. كايدن كان ينظر إلينا بطريقة لم أفهمها، كأننا جزء من لغز يجب حله.


*من منظور كايدن*كانت وجوههم كلها تحمل نفس الفضول الذي رأيته مرارًا وتكرارًا في وجوه البشر. معظمهم يظنون أنني هنا لتعليمهم عن قصص غامضة وأساطير بعيدة عن واقعهم. لكن هناك قلة، قلة نادرة تستطيع رؤية ما خلف الظلال، تلك الفجوة التي تفصل بين عالمنا والعوالم الأخرى. كنت أراقبهم جميعًا، أحاول تمييز تلك الروح التي أعرف أنها موجودة بينهم.


وحينما نظرت إلى ليلى، عرفت فورًا أنها مختلفة. كانت عيناها تلمعان بشيء خاص، شيء لا تملكه سوى القلة. عرفت حينها أن هذه الفتاة ستشكل جزءًا كبيرًا من رحلتي هنا، وأنها تملك القوة اللازمة لتخطي حدود الظلام. لكنني لا أستطيع توريطها في هذا بعد؛ الوقت لم يحن.


"ما أريدكم أن تفهموه، هو أن هناك عوالم مختبئة خلف ستارٍ رقيق، وأن الظلال ليست مجرد كائنات خيالية، بل هي أرواح تعيش على هامش الواقع. بعضها صديق، وبعضها عدو. البعض يرغب في مساعدتنا، والبعض الآخر يرغب في تدميرنا."


*من منظور آرثر*لطالما كنت مهووسًا بالأساطير والقصص المظلمة. كنت أقرأ عن "الظلال" قبل هذه المحاضرة بوقت طويل. في الحقيقة، هذه المادة هي السبب الوحيد لوجودي هنا اليوم، لأنني كنت أبحث عن أي شيء يمكنه ربط هذا العالم العادي بعوالم أكثر إثارة وخطورة. لكن عندما تحدث الأستاذ ثورن عن العوالم المختبئة، شعرت بقشعريرة حقيقية. كأن كل ما قرأته كان مجرد مقدمة بسيطة لعالم أعظم، عالم يُخبئ أسرارًا لم أكن أتصور أنها ممكنة.


بينما كنت أنظر إليه، شعرت بشيء مألوف؛ كان كأنه يعرفني، أو يعرف عني أكثر مما يمكن أن يعرفه شخص غريب. ظننت أنني أتوهم، لكن تلك النظرة... كانت محيرة.

 كانت محيرة

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.


*من منظور ليلى*خرجت من المحاضرة وأنا أحمل أسئلة أكثر مما أملك من إجابات. كان هناك شيء ما في كايدن ثورن يثير فضولي بطريقة غير مريحة. تحدثت مع جلوريا حول الأمر، لكنها حاولت تهدئتي واعتبرت كل شيء مجرد مصادفة. لكنني لم أستطع التخلص من الشعور الغريب الذي تملكني.في الأيام التالية، بدأت ألاحظ شيئًا أغرب: كايدن كان يظهر في أماكن غير متوقعة. مرةً رأيته في مكتبة قديمة في حي بعيد، وأخرى رأيته يخرج من مبنى مهجور قرب الجامعة. شعرت كأنني أعيش في حلمٍ ضبابي، وكأن ظلاله تلاحقني في كل زاوية.


في إحدى الليالي، وبينما كنت أتصفح الكتب في مكتبة الجامعة، وجدته يقف خلفي بصمت. التفت إليه بحذر، وتبادلنا النظرات دون أن ننطق بكلمة. كانت تلك اللحظة ثقيلة بالمعاني، وكأننا نعرف ما يجول في ذهن الآخر دون الحاجة للكلام.
قال أخيرًا بصوت منخفض: "أنتِ تشعرين بالظلال، أليس كذلك؟"


اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
حبيبي من عالم الظلالحيث تعيش القصص. اكتشف الآن