الفصل 2 - المفترق

6 0 0
                                    

عند بزوغ الفجر ، ألقت الشمس خيوطها الذهبية لتنسج وهجًا ساحرًا انعكس على المدينة الحدودية ، انتشرت هذه الخيوط كأنها أنامل خفية تلامس برفق ملامح تلك البوابة العتيقة التي لم تفتح منذ عقود ، كان (فيرمن) وبقية الكتيبة محتشدين أمامها ، والجو مشحون بالتوتر والرهبة ، تنبض قلوبهم بإيقاع مضطرب ومرتبك ، وجميعهم يعلمون أن هذه ليست مجرد مغامرة بل مفترق طرق في حياتهم بين ما كانوا عليه وما سيصبحون

(فيرمن): تأكدنا من كل التجهيزات ولم يعد هناك شيء يمنعنا من الانطلاق الآن ، بالنسبة لأولئك الهاربين فقد تم التأكد من أسمائهم وأوصافهم ويعتبرون الآن مطلوبين للعدالة وسيهتم بهم الحرس ، لذا ليس لنا أي شأن بهم بعد الآن

كان يقف أمام جميع الكتيبة بينما البوابة خلفه ، وهو يرفع رأسه ليلتقي بتلك النظرات المضطربة ، استشعر (فيرمن) ثقل اللحظة ، ثم حاول استجماع شجاعته وأكمل حديثه

(فيرمن): جميعكم تعلمون أن التراجع لم يعد خيارًا ، وأنه لا يوجد خلف هذه البوابة سوى المخاطر ، إذًا ماذا ستفعلون؟ هل ستبقى رؤوسكم مطأطأة للأسفل وبهذا الاضطراب؟

وسط صمت مهيب ، كانت كلمات (فيرمن) تتصاعد كالنار في الهشيم ، وكانت الأرض ترتجف تحت أقدامهم وكأنها تتنفس وتتوقع ما هو آت لهم

(فيرمن): سنحارب! ونواجهها جميعًا! حتى وإن كان الندم يعتريكم بهذه اللحظة ، حتى وإن ارتعدت قلوبكم من الخوف ، سنكون أقوى من تلك القيود اللعينة والمخاوف ، ونكسرها جميعًا! لقد اخترتم طريق النضال ، لذا تشبثوا طامعين إلى أن نظفر بنصرنا الذي يلوح في الأفق أمام أعيننا ، إن كنا لا نزال قادرين على الوقوف ، وإن كانت أنصالنا لم تحطم بعد ، فلماذا نطأطئ رؤوسنا!

اشتعلت الشرارة بداخل قلوبهم وأيقظت لهبًا في نفوسهم ، حينها فُتحت ولأول مرة منذ خمسين عامًا تلك البوابة الشامخة ، هبت الرياح بحفيف الأشجار البعيدة وكأنها تهمس بأسماء أولئك الأبطال الذين مروا قبلًا ولم يعودوا ، رفع (فيرمن) يديه وصدى صوته يملأ الأفق

(فيرمن): أيريد أحدكم أن يكون أول العابرين!

تدفقت أصوات الجنود كتيارٍ هائج ، وهم يرفعون أيديهم بعزم وإصرار ، طالبين الحق بأن يكونوا أول العابرين

(فيرمن) بابتسامة: أحسنتم ، تقدموا بشجاعة ، ستبدأ أخيرًا رحلتنا ، لأجل بلادنا ولأجل شعبنا ، فلتصدح خطاكم وتمحق هذه الظلمات التي تلف الجبال!

كان جميع مواطني المدينة الحدودية والحرس مجتمعين لرؤية هذا الحدث التاريخي ، ينظرون بحماس ورهبة إلى تقدم الجنود بقيادة (فيرمن) عبر البوابة ، وشهدت الجبال البعيدة بصمت جسارة تلك الكتيبة

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: 2 days ago ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

جبال الظلمات حيث تعيش القصص. اكتشف الآن