الجزء 1 : رحيل مفاجىء

26 3 3
                                    

أتعلم معنى أن تخلد للنوم باكيا فقط لتستيقظ فتجد أن عيناك لا يزال بهما بلل؟ إني أبكيك حتى في نعاسي، أثناء نومي و غيابي عن الوعي! أستيقظ و بي قليل من عطرك قد علق بثيابي حين عانقتك في أحلامي إذا ما زرتني. إني لأحزن حتى حين أغيب عن واقعي الحزين، لا يفارقني الحزن و لا يتركني، و لكم أرغب لو أنام دونما أن أستيقظ مجددا! ما عاد في الحياة شيء يغريني من بعد فقدانك، الحياة في حد ذاتها تبدو باهتة حزينة، و كل ما كان بالأمس يسعدني صار اليوم لا يزيدني إلا بؤسا.

كيف يعيش المرء فاقدا لروحه؟ لقلبه و جزء كبير من عقله؟! كيف يمضي في الحياة ناقصا؟ لا زلت أجهل و لا زلت يائسة أحاول التشبث بالحياة، آملة بأنك ستعود إلي في أي لحظة.

إن الحياة تؤذيني في غيابك يا لوكي، إن النور الذي يجلبه الصباح يؤلمني و إن لضوء البدر يزعجني، إن نسائم الصباح العليلة تجرحني و إن لزقزقة العصافير تعصف بعنف داخل رأسي فأشعر به يكاد ينفجر. لا أريد للصباح أن يحل دون أن يجلبك معه، و لا للشمس أن تطل دون أن تكون هنا بجانبي، ما فائدة الأيام دونك؟ لا أريد أن تستمر الحياة هكذا و حسب... و كأن شيئا لم يكن! أريدها أن تتوقف... أريدها أن تتشح بالسواد و الحزن مثلي، ليس عادلا أن تمر فوقي فتطحن ما تبقى مني. لو كان بيدي الأمر لكنت لازمت سريري طيلة أيامي المتبقية، حتى يتعفن جسدي و يهلك، لكنه أملي الباهت بأنك لا تزال على قيد الحياة... بأنك ستعود إلى حضني فتملأ حياتي بهجة مجددا كما إعتدت أن تفعل، لربما تخبرني عن بعض مغامراتك في الجهة الأخرى من العالم و أحدثك أنا عن بلادة الحياة دونك، إني أعدك أنني سأكون أعقل إذا ما عدت، لن أتذمر من صوت شخيرك، نومك الكثير و جواربك التي ترميها في كل مكان، سأغسل قدميك و أقبل باطن يديك... فقط عد... فلتعد إلي!

صوت الطرق الخفيف على باب منزلي يناديني فأستجيب لنداءه، أسحب جسدي رغما عني فأجر قدميَّ جرا، خائبة خائرة القوى، متبعة و مسلوبة الإرادة...

"هل من خبر عن لوكي؟" بادرت بروس بالسؤال ما إن فتحت الباب و وجدته يقف عنده، دون أسأله حتى عن حاله بعد كل ما حدث... ما خطبي؟! لم أبالي حتى حتى بالنظر إلى وجهه الذي لا يزال يحمل بعض الكدمات و الرضوض، عدت أجر أذيال خيبتي بعد أن أخبرني بأن لا خبر عنك بعد... ما تزال مفقودا، أنت و مائة و عشرون شخصا آخر من المدينة.

بالنسبة للسلطات، لم تكن إلا مجرد رقم آخر عندهم، وجه آخر يقبع أسفل قائمة مفقودي الحرب... و كم كان عددهم كبيرا يا لوكي! بدا و كأن لا أحد في هذا العالم سواي ينتظرك، لا أحد يبحث عنك... كم أخافني ذلك! ماذا لو لم تعد؟ ماذا لو أخلفت وعدك؟!
أتذكره... ذلك الوعد الذي قطعته لي عند محطة القطار حيث ودعتك آخر مرة قبل عام من الآن...

"سأعود... سأعود و سآخذك إلى باريس... سنرقص سوية عند برج إيفل تحت ضوء القمر و سأقبلك هناك للمرة الألف" تقول ضاحكا ممازحا فأضحك أنا، تصيبني عدوى ضحكك فأضحك أنا، تسحبني نحوك فأرخي جسدك و أكاد أقع لو لم تمسكني بشدة، بي بعض من سُكْرِ ليلة ما قبل. أشعر بك تسحبني إليك كما لو كنت خائفا من مغادرتي... أكنت خائفا؟ أعلم أنني كنت كذلك! لو كنت أعلم أن تلك آخر لقيانا لكنت تشبثت بك، كنت لأجبرك على البقاء لكن جهلي و أملي في رفق الحياة بي جعلني أترك يدك، تركتك تغادر و وقفت ساكنة أراقب إبتعاد قطارك فيما لوحت لي مودعا... " أنا أحبك" تصرخ بها بين كفيك اللتان ضممتهما حول شفتيك فأهمس بدوري... "و أنا أحبك"

Loki : Come Back To Meحيث تعيش القصص. اكتشف الآن