دبي مدينة كبيرة وجميلة من الخارج، كل حاجة فيها مصنوعة بعناية علشان تبهرك، بس لما تعيش فيها بتبدأ تحس إنها فاضية من جوه، كأنها مسرح ضخم مليان بالإضاءات والعروض، لكن مفيهاش حياة حقيقية. الشاب بقى شايفها كمدينة "مصنوعة" أكتر من كونها مكان طبيعي تقدر تحس فيه بالراحة والانتماء. كل حاجة فيها منظمة ومرتبة، الأبراج العالية، المولات الفخمة، السيارات الفارهة، وكل ده بيديك إحساس إنك عايش في مشهد سينمائي، لكن برضو مفيش دفء أو روح.
الشعور ده بيخليه يتساءل: "أنا ليه عايش هنا أصلاً؟" مع إن شغله ممكن يتعمل من أي مكان في العالم، ليه يكون مضطر يبقى في مكان مش حاسس فيه بالراحة؟ هو بيشتغل على بعد، وكل حاجة تقريباً ممكن تتعمل من على الإنترنت، طب ليه يكون في دبي؟ ليه يكون محبوس في مدينة مالهاش طابع خاص أو ارتباط حقيقي بين الناس؟
بيحس إنه مش قادر يعيش فيها حياة كاملة، كأنها مرحلة مؤقتة لازم يعدي منها علشان يحقق هدفه وبس. كل يوم فيها بيشوف ناس رايحة جاية، الكل مشغول ومركز في شغله ومظهره، وكل حاجة بتدور حواليه بسرعة، بس مفيش حد بيعرف حد، مفيش لمسة من البساطة، مفيش أمان نفسي. الشاب بيدعي ربنا كل يوم إنه يخرج من المدينة دي بسلام، مش متعور، ويحصل على فرصة أحسن في مكان تاني فيه حياة وروح، مكان يقدر فيه يحس إنه فعلاً عايش، مش مجرد آلة شغالة.
هو بيدرك إن دبي ممكن تكون مدينة للفرص والفلوس، لكن مش مدينة تقدر تعيش فيها حياتك كلها. حياتك هنا بتبقى زي روتين ممل، من شغل لشغل، لزحمة الناس اللي مشغولة ومش شايفة بعضها، وكل ده بيفقدك إحساسك بمعنى الحياة. الشاب بيدور على معنى حقيقي، بيدور على مكان يحس فيه إنه مش غريب، إنه مش بيمثل كل يوم، وإنه فيه مكان آمن يقدر يعيش فيه بسلام.
القدر هو الحاجات اللي بتحصل لنا من غير ما نكون مخططين لها، وكأنها مكتوبة لينا من قبل ما تيجي، مهما حاولنا نغيّر مسارنا أو نهرب منها، هي دايمًا بتلاقينا. زي مثلاً لما تبقى عايز تهرب من حاجة معينة في حياتك – زي شغل مش بتحبه، أو مكان مش مرتاح فيه – وتقرر تروح في طريق تاني، تلاقي إن الحاجات اللي هربت منها ممكن ترجع تظهر لك بطريقة تانية، وكأن القدر بيقولك: "ده جزء من رحلتك، لازم تعدي بيه."
تخيل القدر زي ظلّك، مهما جريت أو حاولت تستخبى، هو بيفضل ماشي معاك، لأن فيه حكمة من ربنا في كل حاجة بتحصل. أوقات بنبقى شايفين إننا عايزين نغير حياتنا ونختار حاجة بعيدة عن اللي مكتوب لنا، بس اللي بيتحقق في الآخر بيكون هو القدر اللي ربنا شايف إنه أنسب لينا، حتى لو إحنا مش فاهمين ده دلوقتي.
القدر اللي بنهرب منه بيبقى أحياناً دروس لازم نتعلمها أو حاجات في نفسنا محتاجين نصلحها. فالهروب من القدر ده زي الهروب من نفسنا ومن حقيقتنا، لأن ربنا بيوجهنا في كل خطوة، ولو فيه حاجة في حياتنا بنحاول نتجنبها، غالباً بتكون جزء من التجربة اللي هنطلع منها أقوى وأحسن.
في الآخر، قد ما نحاول نهرب، القدر بيفضل معانا، لأن هو ده الطريق اللي ربنا اختاره لينا.